انتهى الاجتماع السادس لرؤساء المحاكم الدستورية الافريقية رفيع المستوى برئاسة المستشار بولس فهمي رئيس المحكمة الدستورية العليا، وتحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، بمشاركة رؤساء المحاكم الدستورية، والمحاكم العليا، والمجالس الدستورية الإفريقية، وكبار قضاتها، من 40 دولة إفريقية، الذي نظمته المحكمة الدستورية العليا في مصر.
وانعقد الاجتماع في ظرف تاريخي شديد الحساسية، وقد اندلعت الحرب بين دولتين في قارة أوروبا، وإدراكا لخطورة آثار هذه الحرب على الاقتصاديات الإفريقية وما ترتبه من تبعات سلبية، تمثلت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وأسعار النفط الخام، فإن ذلك مما ينعكس سلبا على اقتصاديات العالم أجمع وينذر بالدخول إلى مرحلة الكساد العالمي الكبير.
وأكدت المحكمة الدستورية العليا خلال بيان لها اليوم الإثنين، أنه إزاء التداعيات المختلفة، كانت الحاجة الماسة إلى التنمية في شتى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، في الدول الإفريقية للخروج من هذه الأزمة العالمية، التي فرضت تداعياتها علينا جميعا أسوأ الآثار السلبية.
وأضافت المحكمة الدستورية العليا في البيان: “بعد استعراضنا للتحديات العالمية المستجدة التي تواجهها الأنظمة القضائية عبر إفريقيا، وتأكيدا على أهمية الحماية القضائية لحقوق الإنسان والحريات، وإصرارا على ضرورة التمسك بمبادئ المهنية ونزاهة الأحكام القضائية في أي نظام قضائي، أخذا في الاعتبار الجوانب المختلفة للتسبيب القضائي، والأساس المنطقي وراء المستويات المختلفة لشفافية الأداء القضائي، وإقرارا منا على أن أنظمة العدالة الفاعلة، محل الثقة في بلادنا، والتي تفسر القانون وتطبقه بحيادية واحترافية، وبلا تأخير مفرط، هي ضرورة لحماية حقوق مواطنيها وحسن إدارة مجتمعاتنا. وانطلاقا من مسئوليتنا القانونية والأخلاقية، نحن قضاة المحاكم الدستورية والمحاكم العليا، والمجالس الدستورية الإفريقية كان اجتماعنا هذا للتباحث بشأن دور الرقابة الدستورية في تنمية الشعوب الإفريقية”.
وأوضحت المحكمة: "أنه إيمانا بأن السلام الاجتماعي هو الأساس الذي تنهض عليه تنمية شعوبنا، وأنه يقوم على ركيزة أساسية، تضمن تحقيق المساواة بين سائر المواطنين، لتكون المواطنة بما تحمله من الإقرار بتساوي للحقوق والواجبات بين أطياف المجتمع ومكوناته هي الدعامة الدستورية التي ترسخ له، وتوطد أركانه، فكان الحق في المواطنة هو موضوع جلستنا الأولى.
واستنادا إلى حقيقة مؤداها أن الهجرة باتت ظاهرة طبيعية في شتى دول العالم لاعتبارات مختلفة، وأن الأزمات السياسية والاقتصادية في العالم أجمع قد زادت من نطاق هذه الهجرات وعمقت ظاهرة اللجوء لاسباب سياسية واقتصادية. وإيمانا منا أن السلام الاجتماعي لن يتحقق إلا إذا تحددت المراكز القانونية والدستورية للمهاجرين واللاجئين".
واستكملت: "إدراكا منا لأهمية التنمية المتطلع اليها، التي لا تقوم الا على استقرار السلم والأمن الدوليين بين جميع دول العالم، وهو الأمر الذي طرح موضوع الضمانات الدستورية المقررة لتنمية الموارد الطبيعية المشتركة، والتنظيم الدولي لاستغلالها، بما يحفظ الأمن والسلم الدوليين.
وتسليما منا بأن تنمية الشعوب الإفريقية قوامه، احترام الخصوصية الثقافية للمجتمعات لاالإفريقية، والعمل على الاستقرار الاجتماعي في سائر دولها، ومن ثم كان اجتماعنا لبحث دور الرقابة الدستورية في رسم الحدود الفاصلة بين المحافظة على الخصوصية الثقافية لكل مجتمع من مجتمعاتنا، والانفتاح على القيم الثقافية العالمية، بما لا يتعارض مع الخصوصية الثقافية لكل دولة على حدة. وإقرارا منا أيضا، بأن التنمية في شتى المجالات لا تكتمل حلقاتها إلا بتوطيد دعائم العدالة الاجتماعية بحسبانها وقود التنمية الاقتصادية. وتأكيدا منا أيضا، على أن التدريب في مجال العلوم الدستورية، أحد أهم تحديات العمل في المجال الدستوري بما يطرح علينا البحث في انجع الوسائل، التي تضمن دوام التواصل لابيننا للاستفادة من خبرات الدول الأعضاء".
وجاءت التوصيات على النحو التالي:
1. تفعيل الضمانات القانونية لتوفير الحماية اللازمة للقضاة في سائر الأنظمة الدستورية.
2. تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها كأحد الدعائم الرئيسية لضمان استقلال القضاء.
3. العمل على كفالة الحقوق الدستورية للمواطنين جميعا دون اعتبار لاختلاف الدين أو العرق أو الرأي السياسي أو أي اعتبار آخر.
4. التأكيد على حق المواطنين جميعهم في شغل الوظائف العامة على قدم المساواة.
5. الدعوة لالتزام الدول الأعضاء بالعمل على انفاذ الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الأجانب لاواللاجئين.
6. تشجيع الجهود الرامية لدمج اللاجئين في سوق العمل، وتوفير الفرص المناسبة لتأهيلهم لحياة كريمة.
7. تثمين مبادرات الدول الأطراف بإبرام الاتفاقات الثنائية لإقرار المزيد من الحقوق للاجئين والمهاجرين.
8. دعم الجهود الرامية لحلول تفاوضية عادلة بشأن تنظيم استغلال الثروات الطبيعية المشتركة.
9. الدعوة لاعتبار حماية البيئة حق دستوري أصيل، والعمل على حمايتها من التلوث والتدهور.
10. تبني مفهوم "العدالة البيئية" في البلدان الأفريقية، ودعم القضاة الأفارقة في تنفيذه، حماية للموارد الطبيعية في تلك البلدان والتعاون فيما بينها في هذا الشأن.
11. اتخاذ المزيد من الإجراءات لضمان احترام الهوية الثقافية الإفريقية، وإقرار حق كل مجتمع في التمسك بالقيم الأخلاقية التي تقرها الجماعة الوطنية. 12. التسليم باحترام المجتمعات الإفريقية لحق كل مكون في الاعتراف بلغته وكفالة تمثيلهم الاجتماعي المناسب في كافة المجالات السياسية والاجتماعية. 13. الدعوة لضمان نظام قانوني، يتبنى إرساء قواعد العدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للثروة.
14. التأكيد على كفالة الحد الأدنى للاحتياجات الأساسية لكل أفراد المجتمع كمطلب أولي لتحقيق السلام الاجتماعي
15. الإشادة بالجهود الرامية إلى تمكين المرأة، في شغل الوظائف العامة وولاية القضاء
16.دعم إنشاء مركز إفريقي للبحوث والدراسات الدستورية والقانونية بين المحاكم والمجالس الدستورية والمحاكم العليا، ومنحه الصفة المؤسسية
17. تثمين اللقاءات الدورية المباشرة والافتراضية، بين قضاة المحاكم والمجالس الدستورية والمحاكم العليا بغرض البحث العلمي والتدريب في العلوم الدستورية والقانونية.
18. تنظيم دورات تدريبية متخصصة في العلوم الدستورية والقانونية بين قضاة المحاكم والمجالس الدستورية والمحاكم العليا.
19. تعزيز الجهود الرامية إلى توطيد التعاون بين سائر المحاكم والمجالس الدستورية الإفريقية وبين نظرائها في العالم، وعلى الأخص المؤتمر العالمي للعدالة الدستورية واتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية، ولجنة فينيسيا، واتحاد المحاكم والمجالس الدستورية الفرنكوفونية، ومؤتمر الهيئات القضائية الدستورية الإفريقية، وتعضيد كافة هذه المؤسسات، والعمل على التعاون البناء بينها.
واختتمت المحكمة الدستورية العليا بالتأكيد على على تصميمنا على تفعيل كافة المقررات التي تبنتها سائر اجتماعاتنا السابقة، وذلك بتكليف أمانة اجتماع القاهرة للعام 2022، ببدء المشاورات مع جميع الجهات المعنية، لتحديد المواعيد المحتملة لعقد اجتماع القاهرة السابع، في صورته الحالية، أو تطويره على أي نحو يسهم في تنفيذ توصيات هذا الاجتماع.