“طالب حقوق فاشل ولكنه أمل مصر في الموسيقى” هكذا وصف الشاعر كامل الشناوي الموسيقار الكبير الراحل بليغ حمدى الذى تحل اليوم 12 سبتمبر ذكرى رحيله لنقول له ونردد "والنبى وحشتنا" وهى اغنية من أروع ألحانه للفنانة شادية و"هوا يا هوا "يا نسمه صيف رايحه تعدى على روحى وحبيبى التى تغنت بها عفاف راضى و"الحب كله" لأم كلثوم و"الحب اللى كان" لميادة الحناوى
لقد احتل بليغ حمدى مكانة كبيرة فى قلوب جمهوره وعشاقة تلك المكانة لم تأت من فراغ فقد برع فى لحن جميع الألوان رومانسية وشعبية ووطنية وقصائد وحتي الابتهالات الدينية واشهرها "مولاى للنقشبندى" وعرف بحبه الشديد لمصر ومن اشهر أعماله "عدى النهار" قدمها بعد حرب 67 وأصبحت رمزًا لمرحلة النكسة واغنية "على الربابه " لوردة الجزائرية وتعد رمزا لحرب أكتوبر المجيدة والعبور.
لحن البندقية اتكلمت وعبرنا الهزيمة وفدائي وبسم الله وعاش اللي قال"و لكن أشهر أغانيه الوطنية على الإطلاق هي "يا حبيبتي يا مصر" لشادية اما روائعه الرومانسية فلحن "الحب كله وسيرة الحب" لأم كلثوم.
اسمه بالكامل بليغ عبدالحميد حمدي مرسي ولد في حي شبرا بالقاهرة في 7 أكتوبر 1931 والده كان يعمل أستاذًا للفيزياء في جامعة فؤاد الأول وأتقن العزف على العود وهو في التاسعة من العمر وفي سن الثانية عشرة حاول الالتحاق بمعهد فؤاد الأول للموسيقي إلا أن سنه الصغيرة حال دون ذلك.
التحق بمدرسة شبرا الثانوية، في الوقت الذي كان يدرس فيه أصول الموسيقى في مدرسة عبدالحفيظ إمام للموسيقى الشرقية، وتتلمذ على يد درويش الحريري وتعرف من خلاله على الموشحات العربية.
التحق بليغ بكلية الحقوق، وفي نفس الوقت التحق بشكل أكاديمي بمعهد فؤاد الأول للموسيقي “معهد الموسيقى العربية حاليًا ” وبداياته الفنية جاءت عندما أقنعه "محمد حسن الشجاعي" مستشار الإذاعة المصرية باحتراف الغناء، وبالفعل سجل للإذاعة أربع أغنيات وكان تركيزه في التلحين فلحن أغنيتين لفايدة كامل هما "ليه لأ وليه فاتني ليه"ثم اغنية "متحبنيش بالشكل ده" لفايزة أحمد وتوطدت علاقته الموسيقار الكبير محمد فوزي وأعطاه فرصة التلحين لكبار المطربين والمطربات من خلال شركة (مصر فون) وفي عام 1957 قدم أول ألحانه لعبد الحليم حافظ "تخونوه".
استطاع بليغ ان يحجز موقعه المتميز في الموسيقى العربية وإسهامه الأساسي الذي قدمه هو إيصال الموسيقى والإيقاعات الشعبية المصرية بطريقة تتناسب مع أصوات المغنين الكبار أمثال أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، وشادية، وغيرهم
قام بليغ بتلحين جميع الألوان الغنائية حتى أغاني الأطفال مثل أغنية (انا عندي بغبغان) وأغاني أخرى في مسلسل أوراق الورد للفنانة الكبيرة وردة.
لحن بليغ حمدي لكبار المطربين وتركت الحانه بصمات وعلامات في وجدان الجمهور ابرزهم الفنانة ام كلثوم حيث كانت تريد ان تتحرر من اللون السنباطي فلحن لها "حب إيه" وحقق اللحن نجاحا ساحقا و"انساك والحب كله وسيرة الحب وهي من احب ما لحن بليغ لام كلثوم ويقال انه وهو على فراش المرض اخذ العود واخذ يدندن بسيرة الحب ولحن ايضا بعيد عنك وإنا فدائيون أو سقط القناع".
قدم بليغ حمدي للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ مجموعة من أروع الألحان منها "تخونوه وخساره وخايف مره أحب وأعز الناس وجانا الهوى وعدى النهار والمسيح وموعود وأى دمعه حزن وزى الهوا ومداح القمر وحاول تفتكرنى وماشى الطريق وعاش اللى قال والفجر لاح وقومى يا مصر ومصر يا بلادى وحبيبتى.. من تكون ؟"
أما وردة الجزائرية فقد قام بليغ بالزواج منها حيث كان متزوجا من أمنيه طحيمر ولم يستمر زواجهما سوى عام واحد وبعدها بعشر سنوات قام بالزواج من وردة وتم الزواج في منزل الراقصه (نجوي فؤاد) عام 1972 بعد قصة حب عنيفه قدم لها احلي ماغنت وقيل ان مقدمة اغنية بعيد عنك. والحب كله، وسيرة الحب، وأنساك لأم كلثوم كانت رسائل غير مباشرة من بليغ لوردة وعلمت ام كلثوم بالامر وقالت له مازحة "أنت بتشتغلني كوبري للبنت اللي بتحبها".
ولحن بليغ لوردة "العيون السود وخليك هنا وحكايتى مع الزمان ولو سألوك واشتروني وحشتوني واحضنوا الأيام والله يا مصر زمان ويا نخلتين في العلالى وعلى الربابة".
تعاون بليغ مع شادية في عدة أعمال خالدة منها "والنبى وحشتنا وأنا عندي مشكلة والحنة وقولوا لعين الشمس وخلاص مسافر ووالله يازمن وأدخلوها سالمين ومكسوفه واه يااسمرانى اللون" ولحن أغاني فيلم (شيء من الخوف) وجميع أغاني واسكتشات مسرحيتها ريا وسكينه، ولحن وأغاني فيلم أضواء المدينة مع أحمد مظهر وجورج سيدهم.
تعاون بليغ أيضا مع الفنانة نجاة وقدم لها عدة أغان رائعة منها: أنا بستناك وكل شيء راح والطير المسافر اما صباح فكان لها نصيب كبير ولحن لها عاشقه وغلبانه ويانا يانا وزى العسل وجانى وطلب السماح وأمورتى الحلوه وكل حب وانت طيب اما سميرة سعيد فتعد من أكثر مطربات جيلها الذين غنوا من الحان بليغ وأول اغنية قدمها لها كانت "زي البحر حبيبي" بألبوم بقى ده اسمه كلام سنة 1978 وفي عام 1979 م قدمت معه ألبومين كما قدم لميادة الحناوي عشرات الأغاني الناجحة منها "الحب اللي كان" و"أنا بعشقك" ومش عوايدك وفاتت سنة وسيدي أنا وأول واخر حبيب وتعاون مع عزيزة جلال في اغنية مستنياك ولحن لهاني شاكر واكتشف على الحجار.
بالنسبة للأوبريتات الاستعراضية اهتم بليغ خلال مشواره بالمسرح الغنائي وقدم عدة مسرحيات غنائية وأوبرتات استعراضية أهمها (مهر العروسة / تمر حنة / ياسين ولدي).
اتجه بليغ إلى الفلكلور المصري وتعاون مع الثنائي محمد رشدي وعبد الرحمن الأبنودي في (عدوية / بلديات / وسع للنور) كما قدم لمحمد رشدي من كلمات آخرين (ميتى أشوفك / على الرملة / مغرم صبابة / طاير يا هوى).
من أعمال بليغ حمدي في السينما والمسرح والتلفزيون انه وضع الموسيقي التصويرية لكثير من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية نذكر من الأفلام(احنا بتوع الاتوبيس /شيء من الخوف / أبناء الصمت / العمر لحظة / آه يا ليل يا زمن / أضواء المدينة)، ومن المسرحيات (ريا وسكينة / زقاق المدق / تمر حنه) ومن المسلسلات "بوابة الحلوانى".
في عام 2007 انتج فيلم تسجيلى عنوانه "بليغ لحن الشجن "من تأليف وإخراج وإنتاج أشرف خليل يغلب عليه الطابع الوثائقي ويتناول عالم الموسيقار المتميز.
لقب بليغ ب "أمل مصر في الموسيقى و"ملك الموسيقى و"بلبل "كما كتب بعض أغانيه تحت اسم مستعار وهو"ابن النيل" وتوفى في 12 سبتمبر 1993، عن عمر يناهز 62 عامًا بعد صراع طويل مع مرض الكبد وقد أعلنت وزارة المالية المصرية أنها بصدد طبع عملة تذكاريه باسمه إلا أن ذلك لم يحدث حتى اللحظة ولم ينل بليغ من التكريم في حياته أو بعد مماته ما يوازي كونه أفضل من أنجبت الموسيقى العربية على الإطلاق