الجمعة 27 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

ذا ديبلومات: جهود الصين في التعامل مع مشكلة المياه تواجه تحديات عدة

الصين
الصين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

رأت مجلة "ذا ديبلومات" أن جهود ونهج الحكومة الصينية في التعامل مع التحديات المتعلقة بمصادر المياه في البلاد، تواجه العديد من التحديات وأن المستقبل سيظهر مدى نجاح هذه الاستجابة، موضحة أن استجابة الحكومة الصينية شملت مستويات مختلفة للتغلب على قضايا جودة المياه الرئيسية وكميتها والتوزيع غير المتكافئ في جميع أنحاء البلاد، من بينها القوانين والسياسات والتقنيات الرقمية.

وأشارت المجلة المتخصصة في الشئون الآسيوية إلى أن هذا الصيف يُعد الأكثر جفافا والأعلى حرارة للصين منذ أن بدأت في تسجيل هذه المؤشرات عام 1961، إذ تسبب مرتفع غرب المحيط الهادئ شبه الاستوائي، الذي كان أكبر مما هو متوقع، في موجة ارتفاع شديدة في درجات الحرارة، وتفاقم هذا التأثير بسبب انخفاض منسوب الأمطار، موضحة أن آثار هذه الظواهر الجوية المتطرفة لوحظت في العديد من مقاطعات وأجزاء حوض نهر "يانجتسي" إحدى مناطق التنمية الاستراتيجية في الصين وتضم أطول أنهارها.

ووفقا لتقديرات صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، فإن موجة ارتفاع درجات الحرارة الحالية أثرت على 900 مليون شخص في أكثر من 17 مقاطعة، كما أثرت على 2.2 مليون هكتار من الأراضي الزراعية في مقاطعات (سيشوان – هوبي- جيانجشي – آنهوي)، مما يهدد أمن المياه والطاقة والغذاء في الصين.

وأوضحت "ذا ديبلومات" أن ظواهر الطقس المتطرفة المرتبطة بالتغير المناخي هي واحدة من بين تحديات عدة تواجهها الصين فيما يتعلق بالمياه، فبالإضافة إلى الجفاف، تواجه الصين تحديات نوعية المياه وجودتها وتوزيعها الزماني والمكاني، مضيفة أن الطلب على المياه في الصين يتنامى بشكل متسارع بسبب عدة عوامل من بينها الزيادة المضطردة في عمليات التصنيع والتمدن وتغير المناخ، إذ من المتوقع أن يتخطى الطلب على المياه في الصين 800 مليار متر مكعب بحلول عام 2030.

وأشارت إلى أنه مع ذلك فإن إمدادات الصين من المياه تتقلص بشكل كبير نظرا لعدة عوامل من بينها ندرة المياه والتوسع الحضري والنمو السكاني والتلوث والاحتياجات المتنافسة للمياه، مضيفة أن أحد أكبر التحديات التي تواجه الصين في هذا السياق هو التوزيع غير المتساوي لمصادر المياه.

وأوضحت "ذا ديبلومات" أنه على الرغم من أن الصين تمتلك نحو 6 بالمائة من مصادر المياه العذبة في العالم، كما أنها من بين الدول الخمس الكبرى على مستوى العالم في امتلاك مصادر مياه على أساس نصيب الفرد، إلا أنها تواجه نقصا حادا في المياه بسبب عدم كفاية الموارد المائية الموزعة بشكل غير متساو عبر البلاد.

وعلى سبيل المثال، تعد منطقة جنوب الصين الغنية بالموارد المائية عرضة للفيضانات الشديدة، في حين أن شمالي البلاد، الذي هو مركز الزراعة في الصين، مكان قاحل ومعرض لنقص حاد في الموارد المائية. 

وأضافت المجلة أن هذه المخاوف تتفاقم بسبب اعتماد الصين المفرط منذ عقود على المياه الجوفية نتيجة لارتفاع الطلب على المياه من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية والري الزراعي والنمو السكاني، إذ تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 70 بالمائة من سكان البلاد يعتمدون على المياه الجوفية كمصدر أساسي لمياه الشرب، كما تستخدم المياه الجوفية لري 40 في المائة من إجمالي الأراضي الزراعية في الصين.

وفي شمال الصين، تمثل المياه الجوفية 50 في المائة من استخدامات المياه في القطاع الصناعي و33 في المائة للري و65 في المائة للاستخدامات المنزلية.

وأوضحت أن الاستخدام المفرط للمياه الجوفية أدى إلى انخفاض كبير في مستويات المياه الجوفية في جميع أنحاء البلاد، ويقدم الاستغلال المفرط للمياه الجوفية في شمال الصين مثالا واضحا على ذلك، فبسبب الممارسات الزراعية المكثفة وتوسيع أنظمة الري؛ انخفض جزء كبير من طبقة المياه الجوفية الضحلة بمقدار 20 مترا في العقود الماضية، وتراجعت إلى أكثر من 40 مترا في بعض المناطق.

ومما يزيد الأمور تعقيدا أن معظم مصادر المياه الموجودة في الصين تعرضت لتلوث شديد، حيث ذكرت دورية "لانسيت" الطبية في تقرير حديث لها أن التلوث مازال يشكل أكبر تهديد للصحة البيئية ومسبب للوفيات المبكرة والأمراض في جميع أنحاء العالم، حيث تسبب تلوث المياه في 1.4 مليون حالة وفاة.

وأشارت إلى أنه في الصين، أدت عقود من النمو الاقتصادي القوي، والتصنيع السريع والتنمية، وممارسات الزراعة الصناعية (هي نوع من أساليب الزراعة الحديثة) ذات الاهتمامات البيئية المحدودة إلى تلوث شديد للمياه في جميع أنحاء البلاد؛ مما أثر على البيئة والمجتمع، بما في ذلك صحة الإنسان، والأراضي المزروعة، وجودة مياه الأنهار.

وبحسب مجلة "ذا ديبلومات"، فإن نهج الصين لإدارة المياه دائما ما كان يركز على الهندسة، كما يتضح من بناء العديد من مشاريع تحويل المياه مثل مشروع نقل المياه بين الجنوب والشمال والعديد من سدود الطاقة الكهرومائية.

ورأت المجلة أن الصين كذلك تواجه تحدياتها المائية من خلال "علم المواطن"، والذي يمكن السكان من لعب دور أكبر في مراقبة البيئة وحمايتها، مثل تطبيق Black and Smelly Waters App"" ، الذي أطلقته وزارتي الإسكان والبيئة الصينيتين في عام 2016، والذي يسمح للمستخدمين بالإبلاغ عن مواقع المياه الحضرية الملوثة، وقد حقق نجاحا مقبولا.

وأشارت المجلة إلى أنه على عكس نهج إدارة المياه الصيني التقليدي الذي يركز على الهندسة، أظهرت بكين اهتماما بالحلول "الخضراء" من خلال مبادرة "مدينة الإسفنج" والتي تجمع بين "الأنظمة الزرقاء" و"المساحات الخضراء" لتعزيز المرونة الحضرية المحلية، لا سيما في مواجهة تزايد شدة الظواهر المناخية المتطرفة الناجمة عن تغير المناخ.

وأشارت "ذا ديبلومات" إلى أنه منذ عام 2014، تم تطبيق مفهوم مدينة الإسفنج في 30 مدينة رئيسية، منها شنغهاي وبكين، وتسعى الصين إلى الوصول بعدد هذه المدن إلى ما يوازي نسبة 80 بالمائة من المدن الصينية بحلول عام 2030.

ونبهت المجلة المتخصصة في الشئون الآسيوية إلى أن الأساليب الصينية في معالجة مشكلة المياه، لاسيما النهج التقليدي الذي يركز على الهندسة، لا تخلو من التحديات؛ إذ تواجه الصين تأثيرات شديدة لتغير المناخ بسبب الاحتباس الحراري، وتمثل المياه واحدة من أكثر القطاعات ضعفًا، كما تتعرض الصين، مثل بقية العالم، لتهديدات متزايدة من تأثيرات تغير المناخ مثل ارتفاع منسوب مياه البحر.

ووفقًا لمركز المناخ الوطني الصيني، ارتفع مستوى سطح البحر ومتوسط درجة الحرارة في البلاد بشكل أسرع من المتوسط العالمي، مما يعرض المدن الساحلية مثل شنغهاي لخطر الغمر بالمياه في المستقبل، فيما ستستمر الأنهار الجليدية في الصين في الذوبان بسرعة؛ مما يؤدي على الأرجح إلى المزيد من الفيضانات.

كما تزايدت حدة حالات الجفاف في الصين على مدى العقود القليلة الماضية؛ مما تسبب في أضرار جسيمة للإنتاج الزراعي وصحة الإنسان والبنية التحتية وأثر بالتالي على الأمن المائي والإنتاج الزراعي، وفق تقرير الأمم المتحدة لعام 2022 "الجفاف بالأرقام".

ووفقا لدراسة حديثة أخرى، فإن الخسائر المرتبطة بالجفاف في 31 مقاطعة ومدينة صينية في الفترة من 1949 إلى 2017، أثر على ما يقرب من سدس الأراضي الصالحة للزراعة في الصين، وكانت الذرة والقمح من بين المحاصيل الأكثر تضررا.

وذكرت "ذا ديبلومات" أن متوسط التكاليف السنوية للجفاف بين عامي 1949 و2017 بالنسبة للصين بلغ 7 مليارات دولار، ومع زيادة درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية، يمكن أن يرتفع هذا الرقم إلى 47 مليار دولار، وربما 84 مليار دولار سنويا إذا كانت هناك زيادة في درجة الحرارة العالمية بمقدار درجتين، مع التسبب أيضا في عواقب زراعية واجتماعية واقتصادية كبيرة.

واختتمت "ذا ديبلومات" بأن بكين قد تحتاج إلى النظر في وضع طرق إضافية لاستهداف جانب الطلب في إدارة المياه على نطاق وطني والاستفادة بشكل أكبر من إمدادات المياه البديلة مثل مياه الصرف الصحي المعالجة للاستخدامات الصالحة للشرب وغير الصالحة للشرب.