لقد سن الله تعالى في الكون، سننا لا تحيد ولا تميل، سننا في البلاء والابتلاء كالإملاء والتيسير والاستدراج وغيرها.
ومن سنن الله في عباده استدراجهم بالنعم، والاستدراج: هو أن الله عزَّ وجلَّ يفيض نعمه على العبد على الرغم من استمرار ذلك العبد على الكفر والطغيان واقترافه للذنوب والمعاصي، فيغتر بها ويظن أنه إنما أعطاه الله إياها لأنه راضٍ عنه، فلا يلتفت العبد إلى ذنوبه، فينشغل بالنعم عن الطاعات مما يجعله مستحقًا للعذاب الإلهي بسبب تماديه في المعاصي وتعدي حدود الله، فيستدرجهم الله وينذرهم بالنذر ثم يأخذهم بالنقم ﴿ فذرْنِى ومن يكذب بهذا الحديث سنستدْرجهم من حيث لا يعلمونَ * وأملِي لهم إِنّ كيدي متين ﴾
وقد يقع الاستدراج لأشخاص أو لأمم، بأن يغدق الله عليهم الخير فيظنون أنهم على حق، وأنهم أولي قوة، فيزدادون طغيانا وظالما، فيمد لهم الله ليأخذهم أخذا عزيزا حتى إذا أخذهم لم يفلتهم.
فاحذر إن رأيت الله يغدق عليك الخيرات، وانت تعلم أنك على معصية أن تحسب أنه تعالى قد رضي عنك، واحذر أن تستمر على الظلم بعد هذا العطاء.
فتلك النعم يجعلها الله امتحانا أخيرا، إن استقمت دامت وإن تماديت هلكت، ولله الحجة البالغة على خلقه وله الحكمة الباهرة، حين يستدرجهم بنعمه فقد أرسل إليهم النذر فلم يبق لهم عذر.
يقول صلى الله عليه وسلم (إِذا رأيت اللَّه يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج، ثم تلا رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم "فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون"، والاستدراج يقع على الكافر والمسلم على حد سواء
قد يتساءل البعض متى تكون النعم عطاء ومتى تكون استدراجا!!
عندما تتقرب إلى الله وتسأله من فضله، وتحمده على ماعندك ويزيدك فهذا عطاء، لقوله "ولئن شكرتم لأزيدكم"، أما إن رأيت نفسك على معصية، ووجدت الله يعطيك فاعلم أن ذلك استدراج لقول الرسول الكريم (اذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج)، فإذا رأيت الله يتابع عليك نعمه وأنت مقيم على معاصيه، أو تستخدم هذه النعم في معصية الله، فاحذر كل الحذر، فإنما هو استدراج من الله، فبادر إلى التوبة وتصحيح المسار.
ومن أمثلة الاستدراج ( فرعون) وما منً الله به عليه من ملك وجاه وقوة ولكنه استمر في طغيانه.
وعندما طارد فرعون وجنوده سيدنا موسى في البحر كان من الممكن أن يغلق الله عليه طريق البحر ولكنه جعله ممدودا، فظن فرعون أنه قادر عليه حتى منتصف الطريق فأغرقه الله وجنوده، هكذا يكون الاستدراج.
وعلى صعيد آخر أحيانا يعجل الله عقوبة عبده في الدنيا لذنب أصابه، فاعلم بأن الله أراد بذلك العبد خيرا، لأنه نال جزاءه في الدنيا إِذا أَراد اللَّه عز وجل بعبد خيرا، عجل له عقوبة ذنبه، وإذا أراد بعبد شرا، أمسك عليه بذنبه حتى يتوفي به يوم القيامة، ولكن احذر أن تدعو الله بتعجيل العقاب في الدنيا، فنحن مطالبون أن نسأل الله من فضله وخيراته، ونسأله العفو والعافية وندعو الله برفع البلاء.
فأسأل الله العفو والعافية لي ولكم 🙏
آراء حرة
الاستدراج بالنعم
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق