كثيرا ما نذكر ارسطو ونلقبه بالمعلم الأول، ونذكر الفارابي ونلقبه بالمعلم الثاني لسيره علي درب أستاذه أرسطو مع الفارق فهو لم يكن ناقلا ومقلدا، وكثيرا ما يتردد علي ألسنه الباحثين في الفلسفة اسم ابن سينا وتلقيبه بالشيخ الرئيس وقيل أنه لقب بالمعلم الثالث، وأبي الوليد بن رشد ووصفه بالشارح الأعظم.
وكثيرة هي الألقاب الأكاديمية والدرجات العلمية من معيد إلى أستاذ دكتور، لكن نحن في هذا المقام بصدد الحديث عن المعلم الأكبر الذي علم البشرية جمعاء، علمها كل شيء، علمها الحب والحق والخير والجمال، علمها الخصال الحسنة والفضائل الجميلة، علمها العدل كيف يكون. والرجل ذو الخويصرة يقول له أعدل يا محمد فيتغير وجه النبي ويشرئب بالحمرة قائلا إن لم أعدل فمن الذي يعدل!
علمنا المساواة بين الناس والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها، ما لكم لو سرق فيكم الغني تركتموه، ولو سرق فيكم الفقير أقمتم عليه الحد، أي حكم هذا.
علمها الأمانة والصدق فى الكلم والإنصات إلى من يتكلم، فكان يسمع للطفل الصغير ويأن علي أنينه.
علمها الرحمة، يجد المرأة لا تستطيع أن تحمل حملها فيحمله بدلا منها فتقول له يا ولدي أنت رجل صالح أنصحك نصيحة يقولون أن رجلا يدعى محمد يزعم أنه نبي إذا رايته لا تتبعه. فيقول النبي أنا محمد فتخجل المرأة من نفسها وتسلم لله رب العالمين.
علمها الحب ولم لا وهو المحبة والحب والحبيب والمحبوب انظروا كيف كانت محبته لآل بيته وزوجاته وبناته إذا وضع تمرة في فم إحداهن يضع تمرات في فم جميعهن.
انظروا إلى النبي لا كذب، انظروا بعين الاعتبار وتعلموا كيف كانت محبته لأصحابه كيف يغضب علي المنبر من عمر حينما شكاه أبو بكر بعد أن ذهب إليه ليصالحه فأعرض عمر وبكي أبو بكر وذهب يبكي ويشكو للرسول فيتغير وجهه مالكم بأبي بكر اتركوا لي صاحبي، صدقني وقتما كذبتموني ونصرني حينما خذلتموني الله الله في أبي بكر لا تؤذوه. ويبكي النبي صلى الله عليه وسلم، علمها طرح الأنا والأثرة، علمنا الإيثار، علمها أن حب الله قبل كل شيء قبل المال والأهل والولد والجاه والسلطان.
علمها الرضا وعدم التزمجر من ضيق الحال، علمها كيف القناعة أجوع يوما فاصبر وأشبع يوما فاشكر.
علمها القوة في الحق وأن نقول الحق ولا نخشى في الله لومة لائم.
انظروا رسائله التي كان يرسلها إلى طواغيت الكفر من محمد عبد الله ورسوله إلى فلان حاكم كذا وكذا اسلموا تسلموا، لم يكن مداهنا يتودد لفلان ولا علان وانما كان سيفا في الحق.
من الذي علمك يا حبيبي يا رسول الله.
الإجابة من فوق سبع سموات قرآن يتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، علمه شديد القوي، إن هو إلا وحي يوحي.
وهذا هو الفرق بين علمه وعلومنا، فعلومنا مكتسبة نكتسبها بالاجتهاد والدرس والبحث أما هو فعلمه لدني، وعلمناه من لدنا علما،
علمنا ليس بمعجز، أما علمه صلوات ربى عليه معجز علمه وهبي، أما علمنا كسبي، علمه وحي من الله تعالي.
ومبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم.
إذا أردنا حقا أن نتعلم من رسول الله فعلينا بسنته وبشريعته العصماء.
ألم يقل المعصوم، تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي عضوا عليهما بالنواجز.
اجعلوه قدوة لكم سيروا علي دربه انتهجوا نهجه وطبقوا منهجه، طبقوا قول الله تعالي، لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الاخر.
اتبعوا ولا تبتدعوا، وهناك فرق بين الابتداع والابداع، لا تبتدعوا وتبدلوا وتغيروا ولكن أبدعوا في فهم شريعته وفهم ما جاء به صلى الله عليه وسلم واجتهدوا ثم اجتهدوا فدينه حركي ديناميكي أتى به للعالم أجمع وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.
تمثلوا أخلاقه وصفاته ومحاسنه وخصاله، هكذا يكون الاحتفاء والاحتفال بمولده.
أما غير ذلك فهي أمور ثانوية أكل الحلوى ولا مندوحة في ذلك ناكلها ولكن هناك ما هو أرفع من ذلك اتباع هديه صلوات ربي وتسليماته عليه، اللهم صلي علي صاحب الخلق الرفيع، وإنك لعلي خلق عظيم، اللهم صلي علي من قال أدبني ربي فأحسن تأديبي، اللهم صلي علي صاحب البشارة، اللهم صلي علي صاحب الشامة، اللهم صلي علي صاحب العلامة اللهم صلي علي خير من شد العمامة محمد بن عبد اللاه القائل، إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل بناء بنى بيتا وحسنة وجمله إلا موضع لبنة يمر عليه الناس يمدحونه قائلين لو وضع اللبنة فكنت أنا بعثني الله لأكمل البناء.
ونشهد يا أيها المعصوم أنك أديت الأمانة ونصحت للأمة، فكشف الله بك الغمة وتركتنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك أو ضال.
حقا إنه المعلم الأكبر، الفيلسوف الأعظم الذي جمع العلم والحلم بداخله، ربي صلي وسلم وبارك عليه، واستميحك عذرا أبا الزهراء إن كنت قد جاوزت قدري فحبي لك قد فاق حدي.