أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، اليوم الأحد الموافق 11 سبتمبر 2022، تقريرا جديدا بعنوان "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان: عام من الجهود والتحديات"، وذلك بمناسبة مرور عام على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أعلنها رئيس الجمهورية منذ عام ، لتصبح مصر من بين 39 دولة عضو في الأمم المتحدة أقرت استراتيجيات وخطط عمل وطنية لحقوق الإنسان، في محاولة للتكامل بين النهج التنموي الذي حظي بقدر وافر من الاهتمام في السنوات الأخيرة، مع النهج الحقوقي الذي يتوافق وطبيعة الخطاب التي تتبانه الدولة المصرية.
وأضافت "ماعت"، أن التقرير الذي يتكون من ثلاث أقسام رئيسية الأول؛ مسارات تنفيذ الاستراتيجية؛ والثاني؛ التحديات التي تواجه تفعيل الاستراتيجية؛ والثالث؛ دور المجتمع المدني في تنفيذ الاستراتيجية، يرصد ويتابع التقدم المحرز في تنفيذ وتحقيق "226 نتيجة"مستهدفة في المحاور الأربعة للاستراتيجية، وهم محور الحقوق المدنية والسياسية؛ والحقوق الاقتصادية والاجتماعية؛ وحقوق الإنسان للمرأة والطفل والشباب والأشخاص من ذوي الإعاقة؛ والمحور الرابع الخاص بالتثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان. وذلك من خلال المسارات التنفيذية الثلاث التي ترتكز عليها الاستراتيجية وهم؛ مسار التطوير التشريعي؛ والمسار الخاص بالتطوير المؤسسي؛ والمسار الخاص بالتثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان.
وأوضح التقرير، أن النتائج الـ 226 المستهدفة على أساس المحاور التي تشكل هيكل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وجد التقرير أن الجهات التنفيذية والمؤسسات الحكومية منوط بها تحقيق "151" نتيجة مستهدفة من الاستراتيجية بشكل مباشر، كما أنه تنفذ هذه الجهات بالشراكة مع أصحاب المصلحة الأخرين "42" نتيجة مستهدفة أخري. أما السلطة التشريعية فهي منوط بها إصدار أو تعديل "33" إجراء تشريعي، من أجل الوصول لمآرب الاستراتيجية.
واعتمد التقرير على آلية لمتابعة التقدم المُحرز في تنفيذ الاستراتيجية من خلال مسح القرارات والتدابير الصادرة في ضوء تنفيذ نتائج الاستراتيجية على موقع اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان منذ إطلاق الاستراتيجية. والمواقع الخاصة بالجهات المنوط بها تنفيذ الاستراتيجية. إضافة إلى القرارات الصادرة عن الاجتماعات الأسبوعية لمجلس الوزراء منذ سبتمبر 2021. بجانب مسح لأعداد الجريدة الرسمية.
وقد منح المؤشر الذي اعتمده التقرير 10 نقاط لكل نتيجة مستهدفة تتحقق من خلال تدابير تشريعية ومؤسسية، تقوم بها الجهات المنوط بها تنفيذ الاستراتيجية، بينما منح المؤشر 5 نقاط لكل نتيجة مستهدفة، بدأت الجهات المنوط بها تنفيذ الاستراتيجية في اتخاذ تدابير وخطوات إيجابية لإعمالها لكنها لم تكتمل. بينما لم تُمنح أي نقطة للنتائج المستهدفة التي لم تبدأ الجهات المنوط بها تنفيذ الاستراتيجية اتخاذ أي خطوات في ضوء المسارات الثلاثة المراد تحقيقها.
ووفقا لهذا المؤشر فقد أحرزت الجهات المنوط بها تنفيذ النتائج المستهدفة 380 نقطة خلال العام الأول من أصل 2260 نقطة من المفترض أن تحوزها الجهات المنوط بها تنفيذ الاستراتيجية بحلول سبتمبر 2026. وهي نهاية المرحلة الأولي للإطار الزمني التي وضعته الاستراتيجية.
وأكد التقرير على أن العام الأول من تنفيذ الاستراتيجية شهد ممارسات إيجابية منها قُرب انتهاء مجلس النواب من إقرار أربعة مشاريع قوانين استهدفتهمًا الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهم؛ قانون منع زواج الأطفال؛ وقانون حقوق المُسنين؛ والتعديلًات التي شملها قانون العمل المزمع الموافقة عليه في دور الانعقاد الثالث لمجلس النواب، وهي التعديلات التي تمنح المرأة العاملة في القطاع الخاص ذات الحقوق التي تحظي بها نظيرتها في القطاع العام، وأيضاً قانون تسوية المنازعات التجارية والمدنية، وهو مشروع القانون التي إن طٌبقت نصوصه في الممارسة العملية من شأنه أن يأتي ببدائل للتقاضي وتسوية النزاعات قبل وصولها إلي أروقة المحاكم، هذا فيما يخص التدابير المتعلقة بالمسار التشريعي.
في المقابل أوضح التقرير أن غياب خطة عمل تنفيذية يشكل التحدي الأهم الذي واجه تنفيذ الاستراتيجية خلال العام الأول، ومن ثم أوصي التقرير بضرورة إقرار خطة عمل تنفيذية قبل نهاية العام الثاني علي إطلاق الاستراتيجية، لتجاوز هذا التحدي في طريق الوصول إلى النتائج المستهدفة من الاستراتيجية.
في هذا السياق قال أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت، إن الفرصة مٌهيئة من أجل تحسين وتعزيز أوضاع حقوق الإنسان في مصر، خاصة في ظل المبادرات الرامية إلي تحسين الملف الحقوق في مصر، وكذلك تضافر جهود السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية مع الهيئات الوطنية لحقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني لكي يتم تنفيذ محاور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان على أرض الواقع للارتقاء بحقوق الإنسان في مصر.
وشدد عقيل على أهمية وجود مجتمع مدني، يساعد الحكومة في تنفيذ محاور الاستراتيجية ويتابعها، خاصة انه يشكل الضلع الثالث بجانب الدولة والقطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومن المفترض أن يٌناط به المشاركة في تنفيذ عدد من النتائج المستهدفة في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان. وذلك من خلال ثلاث أدوار رئيسية وهي المتابعة والرصد، وتقييم التنفيذ، والمساهمة في التنفيذ من خلال اقتراح مشاريع القوانين، والتثقيف وبناء القدرات.
وطالب عقيل بضرورة الانتهاء من خطة العمل التنفيذية الخاصة بالاستراتيجية من أجل تحقيق النتائج التي تضمنتها، وكذلك توضيح الأدوار المنوطة بكل جهة لتنفيذ النتائج المستهدفة من الاستراتيجية والإطار الزمني لتحقيق كل نتيجة. كما طالب عقيل مجلس النواب بضرورة الانتهاء من إصدار القوانين التي استهدفتها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
من جانبه أكد شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت، أن الجهات المنوط بها تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان اتخذت خطوات جادة منها إلغاء قانون مد حالة الطوارئ، وكذلك مواصلة اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني التابعة لها توفيق أوضاع الكنائس حيث وصلت لـ 2401 كنسية ومبني خدمي تابع لها حتى أبريل 2022، بالإضافة إلى تفعيل لجنة العفو الرئاسي والإفراج عن عدد كبير من المحبوسين احتياطيين. إلا إنه في المقابل مازالت بعض الوازرات وثيقة الصلة بتنفيذ نتائج الاستراتيجية تتابطئ في إنشاء وحدة حقوق الإنسان داخل وزارتها ومن بين هذه الوزرات؛ وزارة الصحة والتجارة والصناعة ووزارة القوي العاملة والثقافة.
وفي هذا السياق أشار على محمد الباحث بمؤسسة ماعت، إلي أن تحقيق فاعلية منظومة حقوق الإنسان التي رسمت ملامحها الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان تتطلب مواصلة المتابعة والتقييم الذاتي المستمر على نحو يحسن من كفاءة المنظومة ويطورها، وخاصة أن الاستراتيجية جاءت بعد تدشين عدد كبير من الإجراءات المؤسسية والتشريعية؛ من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، وهو ما مكن واضعيها من الوقوف على أبرز التحديات التي تواجه تحقيق النتائج المستهدفة من تلك السياسات.