قضت المحكمة الإدارية العليا دائرة الفحص برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محسن منصور وشعبان عبد العزيز نائبى رئيس مجلس الدولة، اليوم، بإجماع الاَراء، برفض الطعن المقام من مدرس اللغة العربية (ف.ع.ا) بمدرسة فيشابنا الإعدادية المشتركة بإدارة أجا التعليمية بمحافظة الدقهلية على قرار فصله، بتهمة ممارسة الجنس الإلكتروني مع تلميذة بالصف الثاني الإعدادي.
وأوضح الحكم، أن المدرس الأربيعيني، أقنع التلميذة بإعطائها درسا خصوصيا، ومن خلال الدرس أقام علاقة جنسية معها عبر (14) محادثة جنسية واتساب و (11) محادثة فيسبوك والهاتف المحمول، تعد قاموسًا فى البذاءة والقذارة والوضاعة، تعف المحكمة عن ذكرها أو كتابتها على ورق أبيض بحروف سوداء تئن حزنًا وبكاءً على حالة التردى، وقضت بمجازاته بالفصل من الخدمة فى التعليم نهائيًا.
وقالت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إن مهمة التربية والتعليم إعداد الإنسان المصرى منذ طفولته ليتزود بقيم التربية الرفيعة وبأصول المعرفة ليساهم المعلمون في بناء وتدعيم المجتمع وصنع مستقبل الوطن وخدمة الإنسانية، بحسبان أن التلاميذ هم مصدر الاستثمار للمستقبل وتنمية أهم ثروات المجتمع وأغلاها ، ومن ثم فإن من أهم عمل للتربية والتعليم مراعاة المستوي الرفيع للتربية الدينية والخلقية والوطنية ، وهو ما يفرض على المدرسين فى كافة مراحل التعليم من الحضانة ورياض الأطفال مرورًا بالابتدائية والإعدادية والثانوية التحلى بالأخلاق الكريمة والسلوك القويم بما يتفق مع تقاليد التربية والتعليم العريقة عند نشأتها لكونهم قدوة لطلابهم يعلمونهم القيم والأخلاق وينهلون من علمهم ما ينفعهم.
وأضافت المحكمة أن الطاعن (ف.ع.ا) مدرس اللغة العربية والدين بمدرسة فيشابنا الإعدادية المشتركة بإدارة أجا التعليمية بمحافظة الدقهلية اعترف أنه اقنع التلميذة (ر.م.إ) بالصف الثانى الإعدادى باعطائها درسًا خصوصيًا، ونشأت بينهما علاقة توطدت في تحقيق مآرب شخصية دنيئـة لـه وإشباع رغباته المنحرفة بالتواصل معها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي (الفيسبوك والواتساب) وكذا الهاتف المحمول، والتغرير بها في أحاديث جنسية صريحة وحوارات فاحشة بينهما وصور جنسية قبيحة ومحاولة استدراجها لمجاراته في حواره الاَثم، وتطورت.
واستطردت المحكمة أن ما اقترفه الطاعن لا يجدي معه شفاعة ولا ندم؛ فقد انتفت عنه صفة المعلم وفاحت منه رائحة الشيطان لتقضي على براءة الأغصان العفة الطرية التي يؤتمن عليها إبان منحهن العلم والتعليم، وقد وقعت منه تلك الأفعال الاَثمة بمناسبة عمله بالمؤسسات التعليمية التي تقوم على تربية وتعليم النشء بما لها من قدسية فرضتها رسالتها السامية، وقام بأفعاله المحرمة شرعًا وقانونًا والتي تأباها كل الأديان السماوية، إذ وصلت أفعاله من الانحدار إلى أسفل مداركه فقد خان الأمانة وعظم جرمه واستباح لنفسه ما حرمه الله وأفسد شرف من يتولى رقابته بما يتنافي مع الرسالة المكلف بها، الأمر الذي يتعين معه أن تـدق مـوازين حسابه ويغلظ عقابه وأن يتم أخذه بالشدة الرادعة ،، ويتعين معه مجازاته بالفصل من الخدمة من التعليم نهائيًا هو الجزاء الأوفى .
وسجلت المحكمة فى حكمها أنه يتعين على أولياء الأمور والأسر المصرية الحذر من اختلاء بناتهن بالمدرسين، وعلى الأم المصرية أن تكون قريبة من ابنتها بصداقتها لتنعم بمعانى الحرية المسئولة فلا تسمح لها بشئ فى حياتها سوى فى إطار الأسرة وعلى الأب المصرى أن يستقطع من حياته وقتًا ثمينًا فى عمر الزمن ليجعل ابنته صديقة له بالتربية الصالحة والمنهج السليم فى التفكير فإذا ما رحل عن الدنيا اطمأنت نفسه على حسن صنيعه فى زينة حياته الدنيا التى كان يعايشها. كما تسجل المحكمة أن تلك الأفعال الاَثمة مما كشف عنه الطعن الماثل هى من نتاج ظاهرة الدروس الخصوصية التى اقتحمت البيوت المصرية كافة دون أن تجد لها وزارة التربية والتعليم وزيرًا تلو الأخر، حلًا جذريًا للقضاء عليها أو الحد منها، ولن يتأتى لها ذلك طالما هى تبحث عن الحلول الرتيبة داخل الصندوق التقليدى دون أن تبتدع من الصندوق المبتكر والمخزون الثقافى للشخصية المصرية، والوقت يمضى سنوات وعقود دون علاج مما استفحل معه المرض العضال.
واختتمت المحكمة أنها تدعو المعلم المصرى الذى مازال يحمل الخير لبلاده ألا يرتكب إخلالًا جسيمًا بواجبات الوظيفة ومقتضياتها أوخروجًا سافرًا عَلَى القيم وتقاليد التربية والتعليم، أو انحرافًا خلقيًا فادحًا يمس السلوك القويم ويهدم السمعة ويؤثر تأثيرًا سيئًا عَلَى وظيفة المعلم الذى كان أن يكون رسولًا، التى حرص المشرع بإحاطتها بسياج مِنَ الوقار والاحترام الذي لا يمكن أن يتحقق طالما وصل مثل الطاعن من هو عَلَى دَرَجَةٌ مؤسفة مِنَ تدهور الخلق ومخالفة الشرع والدين، وأنبل أعرافها بالتفريط فِي أعز ما يمكن أن يتحلى به المعلم مِنَ جميل الصفات التي لا تقتصر عَلَى حد تلقين الدروس للطلاب ولكن تمتد لتربية النشئ عَلَى الفضيلة ومكارم الأخلاق مِنَ أجل تنشئة جيل قوى متسلح بالخلق القويم والعلم النافع المفيد.