وضع خريطة جغرافية للعالم منذ مئات السنين وقبل التطور التكنولوجي والعلمي ليس بالشيء الهين فهو انجاز كبير يعود الفضل فيه لـ “الشريف الإدريسي” أبرز العلماء وأحد كبار الجغرافيين فى التاريخ الإنسانى وأول من صنع نموذجاً للكرة الأرضية ووثق البلدان بخرائط تشبة خرائط الأقمار الصناعية حاليًا حيث استطاع الإدريسي رسم خرائط بلغت من الدقة مستوى صور الأقمار الصناعية وتم إستخدام صوره وخرائطه هذه فى سائر كشوف عصر النهضة الأوروبية.
كما أن الإدريسي ألف كتابه المشهور “نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق” وهو أول من صنع كرة أرضية من الفضة ورسم عليها صورة الأقاليم السبعة، وأسس علماً مستقلاً يدرس اليوم فى المدارس والجامعات نتاجاً لرحلاته فى البلدان ليتوج رحلاته بمساهمته فى تأسيس علم جغرافية البلاد الذى أصبح أحد علوم النهضة الأوروبية.
الإدريسي هو أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي الهاشمى القرشى وهو حفيد المعتلى بالله أبو زكريا يحي بن على بن حمود تاسع خلفاء الأندلس، ولد فى مدينة سبته فى المغرب الأقصى عام 1100م وتوفى عام 1166م، ولقب بالصقلى لأنه إتخذ جزيرة صقلية موطناً له بعد سقوط الدولة الإسلامية، ويعتبر الإدريسى من كبار الجغرافيين والرحالة فى التاريخ ومن مؤسسي علم الجغرافيا الحديثة كما أنه له إسهامات فى مجالات أخرى كالأدب والشعر والطب والفلسفة والنبات والنجوم واستخدمت مصوراته وخرائطه فى سائر كشوف عصر النهضة الأوروبية.
برع الإدريسي فى تحويل أوصاف الرحالة السابقين إلى خرائط دقيقة جداً فكان يجول العالم دون أن يتحرك من مكانه فقد وضع أول أطلس حقيقى للعالم وكان عباره عن جهد علمى جمع فيه علوم الرحالة المعاصرين والسابقين بالإضافة لعلوم الجغرافيا التى برع فيها وقدرتة الخارقة على رسم الخرائط وتخيل المواقع من مجرد سماع وصفها، وألف كتابة "نزهة المشتاق فى إختراق الآفاق" والذى يعتبر أعظم إنجازاته وأطلق على هذا الكتاب “ كتاب روجر” نسبة للملك روجر ملك صقلية الذى طلب من الإدريسى تأليف كتاب يكون مرجعاً لكل من أراد معرفة الأرض وما تحتوى عليه.
أستغرق إنجاز هذا الكتاب 15 عام، وصف فيه العالم ككل ثم قسمه إلى سبعة أقاليم ثم رسم خرائط صغيرة منفصلة لكل إقليم ثم قسم كل إقليم إلى عشرة أقسام رئيسية ووصف كل قسم ورسم له خريطة وظل هذا الكتاب مرجعاً للجغرافيا فى العالم لما يزيد عن ثلاثون عاماً، ولم يكتفى الإدريسى بالكتاب فقط بل قام أيضاً بصنع كرة من الفضة ونقش عليها خريطة الأرض بتفاصيلها لكن فقدت هذه الكرة فى ثورة قامت فى صقلية بعد الملك روجر بفترة قصيرة ولكن الكتاب تم حفظة ليكون من أشهر الكتب التى أنتجتها الحضارة العربية الإسلامية فى علوم الجغرافيا وقد استفادت أوروبا من هذا الكتاب واتخذته كمرجع لها.
كانت خرائطه أكثر دقة من الخرائط المعروفة من قبل ، حيث حدد إتجاهات البحار والأنهار والمرتفعات موضحاً تضاريس البلدان التى رسمها ووضع أيضاً وصف للمدن وحدود الدول والأقاليم واستخدم خطوط العرض فى رسم العالم والمرة الأرضية وخطوط الطول فأعاد تدقيقها وضبطها لتكون واضحة ومفيدة فى بيان حدود الدول وامتداداتها.