صدر حديثا عن دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر بالقاهرة كتاب "الرمزية السياسية: مفهوم الرمز ووظيفته في الفكر السياسي" للدكتور حمدي عبد الحميد الشريف أستاذ الفلسفة السياسية المساعد كلية الآداب- جامعة سوهاج، وقام بتصدير الكتاب بكلمة أستاذ اللغويّات والترجمة بجامعة سوهاج الدكتور بهاء الدين محمد مزيد، أكد فيها على أن بعض الرموز يثير تأويلها قضايا سياسيّة وأيديولوجية قد تنتهي إلى التكفير والشروع في القتل.
وكتاب (الرمزيّة السياسيّة: مفهوم الرمز ووظيفته في الفكر السياسي) تلتقي فيه البلاغة وعلم العلامات والسياسة والفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا والدين والأدب. يؤسّس المؤلّف تناوله على معرفة ووعي عميقين بأصول الترميز السياسي، وموقع الرمز من علم العلامات ومن نظريّات المعرفة، ليقدّم لنا إطارًا مفاهيميًا محددًا للرمز من داخل الأدبيات التي تتناوله.
ثُم يَطُوفُ بنا المؤلّف في رحلةٍ ثريّة حول أهمية الرمز في الحياة الحضاريّة الإنسانيّة ودلالاته "في تمثُّلات عالم الفكر والمعنى"، وكذلك دور الرمز في بناء النّظريّة السياسيّة انطلاقًا من تحليلاته النقدية في أفكار ومذاهب الفلاسفة الشوامخ بدءًا من أفلاطون وأرسطو، وهوبز في العصر الحديث وغيرهم وصولا إلى المواقف المختلفة من الرمزيّة السياسيّة في الفكر الفلسفي المعاصر.
وبالنسبة لمحتويات الكتاب فإنها تنقسم إلى سبعة فصول أساسية، على النحو الآتي:
الفصل الأول: سيميوطيقا الرمز بين مجالات الصيغ المجازية: ويتضمن لمحة عن الرمزية، وأهم روادها، وتعريف السيميوطيقا، وأهم التعريفات الفلسفية للرمز، وماهيته والخصائص والسمات المشتركة لهذا اللون من التعبير الإنساني وذلك في ضوء كتابات «سوسير»، و«تشارلز س. بيرس»، و«كاسيرر»، و«ليفي شتراوس»، و«سوزان لانجر»، و«بول ريكور»، و«أمبرتو إيكو» وغيرهم.
الفصل الثاني: دلالات الرمز وأبعاده التفاعلية والوظيفية: ويكشف فيه عن دلالات الرمزية في ضوء النظرية التفاعلية في دراسة الرموز والاستعارات، كما تناول الصلة بين الرمزية السياسية والأشكال الأخرى من الرمزية. وفيه أيضًا نتناول سيميولوجيا العلامات والرموز وإمكانية توظيفها سياسيًا، كما تناول التوظيف الأيديولوجي للرمز مع نماذج تطبيقية لسوء استغلال أنظمة الرموز والعلامات.
الفصل الثالث: أهمية الرمز ودوره في بناء النظرية السياسية: ويوضح من خلاله ضرورة الرمز في الحياة الحضارية الإنسانية، وعلاقة الرمز ببناء النظرية السياسية من خلال الكشف عن هويته الحيوية وقوته التوجيهية في الفكر السياسي، كما يبين المواقف الرئيسية الكبرى من الرمز، بداية من أفلاطون وأرسطو، كمحاولة لاستكشاف أفق الرمزية في الفكر السياسي الحديث والمعاصر.
الفصل الرابع: الرمزية الأسطورية (من الأبعاد الإبستمولوجية إلى نقد المرجعيات الأيديولوجية): وينقسم إلى مبحثين: تناول في الأول الأبعاد الإبستمولوجية والجوانب الحضارية للرمزية الأسطورية بوصفها أدوات للمعرفة الحضارية الإنسانية، في ضوء من فلسفة أرنست كاسّيرر وهانز بلومنبرج. أما في المبحث الثاني فيستكشف مدى خطورة التوظيف السياسي للأساطير لتدعيم الأنظمة السياسية الشمولية.
الفصل الخامس: المرجعيات الأيديولوجية للرمزية السياسية: وينقسم أيضًا إلى مبحثين أساسيين: في الأول تناول طبيعة العلاقة بين الأيديولوجيا والرمز عند الماركسيين في ضوء نظرتهم للأيديولوجيا بوصفها أداة رمزية لتشويه واقع الصراع الطبقي وتبرير سيطرة الطبقة الحاكمة. أما المبحث الثاني فيحلل تشكلات الرمز في كتابات بعض الفلاسفة الليبراليين، من أمثال: حنا آرندت، وليو شتراوس، وجون رولز، وخاصة الدلالات التي تكمن وراء استخدامهم للأبعاد الرمزية في فلسفاتهم.
الفصل السادس: التداخل بين الرمزية السياسية والرمزية اللاهوتية: وفيه يستكشف أفق التوظيف الأيديولوجي والتكييف النفعي للرمزية الإنسانية، وفيه أيضًا يلتقي بالتقاطعات التي تجمع بين الرمزية السياسية والرمزية اللاهوتية، في ظل قيام الأنظمة الشمولية في القرن العشرين، وذلك في ضوء من أفكار كارل شميت التي تجمع بين الدين والسياسة في قالب واحد.
الفصل السابع: جوانب تطبيقية للرمزية السياسية في ثقافتنا العربية: ومن خلال القيام بعملية من التلامس بين الثقافتين: الغربية والعربية، كمحاولة للاستفادة من تراث الفكر الغربي، والوقوف على دلالات الرمزية في أفق التفكير السياسي في الثقافة العربية، وقد وقع اختياره على بعض النماذج الفكرية والأدبية، التي ركّز أصحابها على وظيفة الرمز ودلالاته السياسية، سواء في النصوص الفلسفية، أو في النصوص الأدبية، وهي نماذج تمثل جوهر تقاطع النزعة الرمزية بين السياسة والأدب.