في العقدين الماضيين، كان لأفغانستان وسائل إعلام وليدة ولكنها متنوعة، في معظم الحالات كانت وسائل الإعلام هي التي تنفل ما يحدث من الحكومة والمعارضة على أرض الواقع.
ولكن في 15 أغسطس 2021 م، ونتيجة للتطورات في أفغانستان ومع تولي الفاعلين السياسيين الجدد السلطة في العاصمة، تم طرح الإنجازات الإعلامية السابقة والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، وواجه ما تبقى من هذه الوسائط نقصًا في الموظفات، مما تسبب في روايات إعلامية غير مكتملة عن التطورات الأخيرة في افغانستان وعدم نقل صورة كاملة لما يحدث على الأرض.
طرد الصحفيات
ومن ثم تم الترويج لهذه التغييرات في وسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات بطرق مختلفة. على سبيل المثال، في التقارير الأخيرة، تم عزل أكثر من 72 في المائة من الصحفيات من واجباتهن بسبب المشاكل الاقتصادية والسياسية مثل السياسات القائمة على النوع الاجتماعي.
كما أن بعض العاملين في وسائل الإعلام مارسوا الرقابة الذاتية في تقاريرهم بسبب التهديدات العنيفة بحسب تقارير أجنبية منشورة.
أدى الافتقار إلى الصحفيين ذوي الخبرة ومحدودية الوصول إلى المعلومات إلى خلق فجوة في وسائل الإعلام. نتيجة لهذه التغييرات، دخل ممثلون جدد إلى مسرح الشبكات الاجتماعية في أفغانستان.
على سبيل المثال، استغلت داعش بمهارة هذا الفراغ الإعلامي والتغيير المفاجئ في شؤون البلاد. في الآونة الأخيرة، زادت الأنشطة ومشاركة الإنترنت واستخدام هذه المجموعة في أفغانستان ودول المنطقة بشكل كبير.
سلسلة الرسائل الجديدة لتنظيم داعش أكثر تعقيدًا وتستهدف جمهورا معينًا على مايبدو، على سبيل المثال، تنشر داعش رسائلها الجديدة في الغالب باللغتين الدارية والطاجيكية، وتسعى هذه المجموعة إلى تجنيد أشخاص جدد في المجتمعات الطاجيكية في أفغانستان ودول المنطقة.
كما أن الاستخدام المتعمد والهادف للفراغ الإعلامي في أفغانستان من قبل داعش هو مثال على استغلال الجماعات الإرهابية للمعلومات والإعلام الأفغاني بعد التطورات الأخيرة في المشهد الأفغاني من أجل تحقيق مصالحها.
اعلام داعش يسيطر
يقول الدكتور فتحي العفيفي، أستاذ التاريخ المعاصر، بمعهد البحوث والدراسات الآسيوية:"إن استغلال الجماعات الإرهابية لوسائل الإعلام الأفغانية للتجنيد والدعاية الإعلامية لهذه الجماعات،سيكون له ضرر بالغ نظرًا لأن وسائل الإعلام التقليدية تفقد جمهورها بسبب القيود السياسية الجديدة والخسائر الاقتصادية، ورحيل الصحفيين من البلاد".
وأكد العفيفي، أن وسائل الإعلام الرقمية استفاد منها داعش وزادوا من أنشطتهم على وسائل التواصل الاجتماعي وحققوا أرباحًا ضخمة من أدوات مثل Telegram وYouTube وFacebook وTwitter لنشر إعلاناتهم وتجنيدهم.
لكن حتى الآن، لم يعد هناك مصدر متماسك ومتسق لتقديم الأخبار ولتغطية تحركات هذه المجموعة في الساحة الإعلامية في أفغانستان، مؤكدا ضرورة إنشاء مصدر إعلامي يبث قصص السكان المحليين وعكس أخبار داعش لسد هذه الفجوة المعلوماتية التي جاءت نتيجة للتطورات الأخيرة،وسيطرة طالبان.
وفي الواقت الذي يشهد فيه تنظيم داعش تراجع في القدرة والقوة والعنف والتماسك السياسي والنفوذ الإقليمي للتنظيم إلا أن هذه المجموعة تسعى للتعويض عن فقدان هذه القدرات بزيادة استخدام الإنترنت والشبكات الاجتماعية إحدى الطرق الجديدة لتعويض خسائر التنظيم.
وأوضج العفيفي، أن استخدام داعش للإنترنت لنشر الدعاية والتجنيد في أفغانستان وآسيا الوسطى يظهر الاعتماد الجديد للجماعات الإرهابية على استخدام الأدوات الرقمية الجديدة في التجنيد والدعاية.
على الجانب الآخر وبحسب موقع روسيا اليوم،قال زامير كابولوف مدير الدائرة الثانية لآسيا بوزارة الخارجية الروسية، إن عدد مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي في أفغانستان، ازداد بعد سيطرة حركة طالبان على السلطة في هذه الدولة.
وأضاف كابولوف، الذي يشغل كذلك منصب مبعوث الرئيس الروسي إلى أفغانستان، أن عدد مسلحي هذا التنظيم الإرهابي في أفغانستان، ازداد بمقدار ثلاث مرات منذ وصول طالبان إلى السلطة، ووصل حاليا إلى 6000 مسلح.