رفضت المحكمة الإدارية العليا دائرة الفحص، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محسن منصور وشعبان عبدالعزيز نائبى رئيس مجلس الدولة، بإجماع الاَراء، الطعن المقام من الطاعنين الأول (م.أ.م.ع) فنى بقسم التدريب والجودة بإدارة تلا التعليمية والثانى (ھ.ع,م.ا) مشرف نشاط بمدرسة الشهيد سعيد التراس بمحافظة المنوفية، ضد حكم أول درجة بالخفض إلى وظيفة في المستوى الأدنى مباشرة لكل منهما.
وقالت المحكمة إن هذه عقوبة ضئيلة لا تتناسب إطلاقا مع طبيعة الأعمال الإرهابية التى قاما بتنفيذهما ضد بلادهما و ضد المواطنين الأبرياء من ركاب القطارات وتخريب مرفق حيوى مثل سكك حديد مصر بقطع الريشة الموجودة بالجانب الأيسر للقضبان من اتجاه محطة طنطا بما يقرب مسافة (15) سم باستخدامهما لمبة اسطوانية بغرض الإضرار بالاقتصاد القومي وتنفيذ غرض إرهابي، موضحة أن ذلك كان يستوجب بترهما وتطهير الوظيفة العامة من أمثالهم لكن النيابة الإدارية لم تطعن على حكم أول درجة مما غُل يد المحكمة عن بترهما من الوظيفة العامة وتم رفض طعنهما.
وأضافت: يعد هذا حكم جديد للقضاء المصري يدق ناقوس الخطر من بقاء المنتمين للجماعات الإرهابية المرتكبين لأفعال إرهابية فى الوظائف العامة بسبب ضعف العقوبات من محاكم أول درجة دون أن تقوم النيابة الإدارية بالطعن على هذه الأحكام ودون متابعة من الوزارات التى يتبعونها مما يغل يد المحكمة فى تشديد العقوبة وبترهم من الوظيفة العامة.
وقررت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة (9) قواعد مهمة فى حيثيات المحكمة لحماية الوظيفة العامة من خطر المرتكبين لأفعال إرهابية أهمها التنسيق بين الوزراء والنيابة الإدارية فى متابعة إجراءات الطعن على هذه الأحكام وهي:
-الاستبقاء على المرتكبين أعمالاً إرهابية بجزاء غير الفصل يصيب الوظيفة العامة فى مقتل بالمخالفة لمبدأى الحياد الوظيفي والولاء الوظيفي
- الموظف العام هو عقل الدولة المفكر و ساعدها المنفذ , ويجب بتر كل من يثبت فى حقه ارتكابه لعمل إرهابى ضد بلاده , والقول بغير ذلك يخل بمبدأ سير المرافق العامة بانتظام , ويمس بالحياة العامة للمجتمع.
- تسريب المنتمين للجماعات المتشددة المرتكبين لأفعال إرهابية ضد الوطن فى الوظائف المختلفة فى الدولة وإن لم تظهر عواقبه فى الحال فسيؤدى التهاون معهم فى المستقبل إلى وجود قنابل وظيفية موقوتة تعرض الحياة العامة للخطر ومصالح الشعب لمخاطر محتملة عند الحصول على خدماته.
- الدولة المصرية تواجه إرهاباً من أعداء الوطن في الداخل والخارج، قاصدين النيل من دور مصر الإقليمي، أو إفشال مساعيها فى التقدم والازدهار والتنمية.
- التنسيق بين الوزراء والنيابة الإدارية فى متابعة الطعن على أحكام أول درجة للمرتكبين أعمالاً إرهابية بعقوبات ضئيلة وعودتهم إلى العمل يجد سنده فى المذكرة الإيضاحية للقانون حيث يتعين إرسال إخطار إلى الوزير المختص ليكون على بينة مما يجرى في شأن موظفيه في الوقت المناسب.
- على مؤسسات الدولة وهيئاتها ألا تأخذها رحمة أو شفقة أو هوادة أو تساهل للموظفين المرتكبين أعمالاً إرهابية ضد الوطن وأن تتكاتف فى مواجهة الفكر الإرهابى ولا تعمل كل منها فى جزر منعزلة عن بعضها فتنال من استقرار الوطن.
- كيف سيسير المنتمين للجماعات الإرهابية مرافق الدولة ممن استبقتهم أحكام أول درجة فى الوظيفة بعقوبات ضئيلة دون طعن من النيابة الإدارية أو متابعة من الوزراء المعنيين ؟.
- المحكمة تستهنض همة النيابة الإدارية بالطعن على أحكام محاكم أول درجة بعقوبات ضئيلة للجناة بأفعال إرهابية, وعلى الوزارات المختلفة التنسيق مع هيئة النيابة الإدارية لبلوغ ذات الأهداف النبيلة فى حق الوطن.
- كيف سيتقيم استمرار الطاعنين فى تعليم النشء بمرفق التعليم وقد ارتكبا أعمالاً إرهابية ضد مرفق سكك حديد مصر وتخريب اقتصاد البلاد وضد الأبرياء من ركاب القطارات ؟ وماذا سوف يدرسون للطلاب فى قاعات الدرس ؟ وبئس الدرس الذى يدعو إلى مستقبل مظلم.
تفاصيل قضية حماية الوظيفة العامة من خطر المرتكبين لأفعال إرهابية:
وقالت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أن الطاعنين الأول (م.أ.م.ع) فنى بقسم التدريب والجودة بإدارة تلا التعليمية والثانى (ھ.ع,م.ا) مشرف نشاط بمدرسة الشهيد سعيد التراس بمحافظة المنوفية يومى 23 و 24 مارس 2014 انضما إلى جماعة إرهابية محظورة وخربا أموالاً عامة لهيئة سكك حديد مصر وهي قضبان القطار الموصلة بين مدينتى طنطا وتلا بالكيلو 48 بزمام مركز شبين الكوم بأن قاما بقطع الريشة الموجودة بالجانب الأيسر منها من اتجاه محطة طنطا بما يقرب مسافة (15) سم خمسة عشر سنتيمتر باستخدامهما لمبة اسطوانية بغرض الإضرار بالاقتصاد القومي وتنفيذ غرض إرهابي وإشاعة الفوضى بالبلاد , كما حازا وأحرزا بغير ترخيص أجهزة وأدوات تستخدم في صنع المفرقعات والتفجير معرضين حياة الركاب للخطر والطاعن الثاني منفردا حاز وأحرز سلاح أبيض صاعق كهربائي , فانهما بذلك يكونان قد خرجا على مقتضى الواجب الوظيفي، مما يشكل في حقهما ذنباً إداريا كان يستوجب مجازاتهما عنه بالشدة اللازمة لطبيعة الفعل الإجرامى والإرهابى ضد المواطنين الأبرياء من ركاب القطارات وتخريب مرفق حيوى كسكك حديد مصر ببلاده , وكان يستوجب بترهما وتطهير الوظيفة العامة من أمثالهما بيد أن هيئة النيابة الإدارية لم تطعن على الحكم مما غل يد المحكمة عن فصلهما .
وأضافت المحكمة، أن الأعمال الإرهابية للطاعنين ثابتة ثبوتا يقينيا .
كما سجلت المحكمة فى حكمها أن من يرتكب أعمالاً إرهابية فإن الاستبقاء عليه بجزاء غير الفصل أو الإحالة إلى المعاش يصيب الوظيفة العامة فى مقتل حيث يخالف عودته للعمل مبدأين هما حجز الزاوية فى الوظيفة العامة مبدأ الحياد الوظيفي ومبدأ الولاء الوظيفي، فكيف سيسير بعض المنتمين للجماعات الإرهابية مرافق ىالدولة ممن استبقتهم أحكام أول درجة فى الوظيفة دون طعن من هيئة النيابة الإدارية أو متابعة من الوزراء المعنيين ؟ ذلك أن الموظف العام هو عقل الدولة المفكر، وساعدها المنفذ، لذا وجب بتر كل من يثبت فى حقه ارتكابه لعمل إرهابى ضد بلاده , والقول بغير ذلك يصيب مبدأ سير المرافق العامة بانتظام واضطراد وما قد ينجم عن بقائهم من إهدار المصلحة العامة وتعطيل مصالح الأفراد المتعاملين مع الإدارة على حد سواء , والإخلال بعملية تنظيم وسير المرافق العامة فى الدولة, والمساس بالحياة العامة فى المجتمع والدولة , وأن تسريب المنتمين للجماعات المتشددة الذين يرتكبون أفعالاً إرهابية ضد الوطن فى الوظائف المختلفة فى الدولة وإن لم تظهر عواقبه فى الحال فسيؤدى التهاون معهم فى المستقبل إلى وجود قنابل وظيفية موقوتة تعرض الحياة العامة للخطر وتعرض مصالح الشعب لمخاطر محتملة عند الحصول على خدماته واشباع رغباته فى كافة النواحى وأهمها الأمن والتعليم والصحة والعدل , لذا تستهنض المحكمة همة النيابة الإدارية صاحبة الولاية فى الإدعاء التأديبى بالطعن على الأحكام الصادرة من محاكم أول درجة بعقوبات ضئيلة لخطورة ما تقدم من قيام الجناة بأفعال إرهابية, ولا بأس من تعاون الوزارات المختلفة التى يتبعها هؤلاء , بالتنسيق مع هيئة النيابة الإدارية لبلوغ ذات الأهداف النبيلة فى حق الوطن .
واختتمت المحكمة أن ما تنادى به من التنسيق بين الوزراء وهيئة النيابة الإدارية فى متابعة الأحكام الصادرة من محاكم أول درجة بشأن من يرتكب أعمالاً إرهابية ويحصل على عقوبة ضئيلة ويعود إلى العمل دون إقامة الطعن أمام هذه المحكمة العليا الرقيبة على تلك الأحكام مما لا يمكنها من أداء دورها المنوط بها دستوريا وقانونياً نحو تطهير الوظيفة العامة من العناصر المُخربة بأفعالها الإرهابية , إنما يجد بوادره الأولى فيما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية وتعديلاته من أن الإصلاح هدف أساسي من أهداف الحكومة، وتحقيقاً لهذا الهدف يجب إحكام الرقابة على الموظفين في قيامهم على تنفيذ القوانين على نحو يكفل تحقيق الصالح العام , وأخذ المقصر بجرمه تأكيداً لاحترام القانون , وأن النيابة الإدارية تملك سلطة الإدعاء التأديبى بإجراء الرقابة، وفحص الشكاوى التي تحال إليها من الجهات المختصة، وإجراء التحقيق فيما يحال إليها من الجهات المختصة، أو ما يقدم إليها من شكاوى الأفراد، أو فيما يتكشف لها أثناء الرقابة أو أثناء التحقيق , وهذا الاختصاص لا يخل بحق الجهة الإدارية في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق مع موظفيها, ولما كان التحقيق سيتم مع الموظف في بعض الحالات دون إحالة من الجهة التي يتبعها، فقد نص المشروع على أنه في هذه الحالات يتعين إرسال إخطار إلى الوزير الذي يتبعه الموظف إن كان يعمل بإحدى الوزارات أو إلى رئيس الهيئة التي يتبعها إن كان يعمل في هيئة مستقلة، حتى يكون الوزير أو الرئيس على بينة مما يجرى في شأن موظفيه في الوقت المناسب.