السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مستقبل طلابنا مرهون بـ«التفكير الجمعى» و«المدرسة المتكاملة»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

اقترب العام الدراسى الجديد من بدايته، ولم نقترب من رؤية متكاملة تنقذ مستقبل أبنائنا.. هل حكومتنا لديها فكرة عن «حاجة» اسمها «رابطة التربية الحديثة»؟!.. هذه الرابطة أسسها أساتذة التربية الكبار، وعلى رأسهم شيخ التربويين العرب الدكتور حامد عمار، رحمه الله، وكانت تعقد ندوات وتصدر مجلة دورية، وما زالت تنشط فى مجال بحوث التعليم، لكنها للأسف لا تحظى بأى اهتمام إعلامى حقيقى، ولا حتى أى اهتمام من الدولة نفسها، رغم كونها تضم خيرة العقول والخبراء فى مجال المناهج التربوية الحديثة وتطوير التعليم.

ما الذى يمنع أن تتخلى الحكومة عن المنهج المعتاد منذ قديم الأزل، وما زال مستمرًا حتى الآن، والذى يقوم على التفكير الأحادى من جانب الوزير «أى وزير» ليقرر منفردًا خطة وزارته بعيدًا عن رؤية استراتيجية متكاملة؟.

 نعم.. ما الذى يمنع الحكومة من تنظيم فعالية بشكل علمى للوصول إلى أفضل السبل فيما يخص كل أطراف العملية التعليمية من مناهج ونظم امتحانات وغير ذلك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟.. ولتكن هذه الفعالية تحت أى مسمى، سواء كان ورشة أو سيمنار أو مؤتمر أو  حتى دون أى تسمية.. المهم أن تكون النية خالصة لما فيه صالح أبنائنا ومستقبلهم الذى صار فى مهب الريح نتيجة السير على رؤى فردية بعيدًا عن الرؤى الجماعية التى نسمع عنها فى الدول المتقدمة ولا نراها فى بلادنا.

إلى متى يظل الفرد بحكم منصبه أهم وأقوى من المجموع مهما كانت خبرتهم فى معترك الحياة؟.. متى نسمع عن مثل هذه الفعالية؟ ومتى نسمع أيضًا عن تضمين المناهج مواد عن مواجهة التطرف، وعن الوحدة الوطنية والعيش المشترك بين المصريين؟!

  وبالمناسبة، فإن الكلام «يجر بعضه» كما يقولون.. إذ يطالب عددٌ من الدارسين لمشاكل التعليم فى بلادنا، بضرورة عودة التلاميذ للمدرسة، مع تخصيص نسبة من الدرجات على الحضور مثلما فعل الوزير الأسبق الدكتور الهلالى الشربينى وهاجت عليه الدنيا حتى اضطرت الحكومة إلى إلغاء قراره بتخصيص 10% من درجات نهاية العام لحضور التلاميذ بالمدارس.. ولا اعتراض بالطبع على حضور وانتظام التلاميذ فذلك أمر من صميم العملية التعليمية والتربوية، وقد كان هذا الموضوع محل نقاش طويل فى صحافة الغرب أثناء أزمة كورونا التى أدت إلى عدم ذهاب التلاميذ لمدارسهم، إذ دعا الخبراء فى الغرب إلى البحث عن وسائل تعوض عدم الحضور باعتبار ذلك أمرًا مهمًا لنفسية الطفل وتربيته على أسس سليمة.

لكن الأمر لا يستقيم حين نطالب بتخصيص درجات للحضور، بينما حال مدارسنا ليس على ما يرام، قبل أن نجبر التلاميذ على الحضور ونسوقهم زمرًا إلى فصولهم، على الدولة أن تعيد الاعتبار للمدرسة، ولكى يحدث ذلك نريد مدارسنا نموذجية كما كانت فى أزمان سابقة، وذلك بعودة حصص الموسيقى والتذوق الفنى والتدبير المنزلى والقراءة الحرة، وفى ظل توافر «حوش» واسع تتواجد فيه ملاعب وساحات لممارسة الرياضة، مع العمل على توفير كل ما يحبب أبناءنا فى مدارسهم، بدلًا من شعورهم بالانقباض إذا توجهوا لمدارسهم الحالية. فى زماننا كنا نفرح ونحن متوجهين لمدارسنا.. على سبيل المثال، كان أمام مدرستى الثانوية فى الواجهة الأخرى من الشارع مجمع ملاعب تابع للمدرسة وأقرب إلى «استاد مصغر» يضم ملاعب لكرة القدم والكرة الطائرة وكرة السلة والراكت، وحلقة ملاكمة، إلى جانب ركن لتنس الطاولة. وكانت لمدرستى الإعدادية والابتدائية كذلك «حوش» يتسع لملعب كرة قدم وملعب سلة أيضًا.. ولم تكن تلك المدارس كما قد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم فى القاهرة أو الإسكندرية، بل كانت فى مدينة صغيرة للغاية وهى «القنطرة شرق» على الضفة الشرقية لقناة السويس وكانت تتبع محافظة سيناء، قبل أن تنتقل تبعيتها للإسماعيلية فيما بعد. وبالطبع، من الصعب أن تعود المدارس كما كانت فى زماننا بعد أن دمرتها عقليات لا ترى فى المدرسة سوى مبانٍ صماء، فأجهزت على المساحات الخضراء لبناء فصول دراسية على حساب الوظيفة الأساسية للمدرسة. 

وفى زماننا، كنا نفرح بحصة الموسيقى وكان المدرسون يجعلوننا نعشق الموسيقى أكثر وأكثر من خلال أسلوبهم المحبب فى احتوائنا كأبناء لهم.. وفى زماننا، كان من ضمن الجدول حصة للقراءة الحرة، وكنا نتسلم مع الكتب الدراسية، كراسة «تشبة شكل كراسة الخط»، وقد كُتب على غلافها «كراسة المكتبة» وبداخل كل صفحة، خانات علينا أن نملأها (اسم الكتاب – المؤلف – الناشر) ثم «ملخص الكتاب» فنكتب موجزًا لما قرأناه فى صفحة واحدة، وقد ساهمت هذه الحصة فى تنمية حبنا للقراءة وفى إثراء حصيلتنا اللغوية.

فى زماننا، كانت المدرسة الحكومية هى الأساس وهى النموذج الذى يُحتذى، وكان المدرسون يتفانون من أجل أبنائهم الطلاب، وكان وكان وكان.. فهل يمكن أن نفكر فى «بعض ما كان» أم نغض الطرف ونزعم: «ليس فى الإمكان»؟