رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

عم «سمير».. محارب من جيش المهن اليدوية يواجه الانقراض

عم سمير
عم سمير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

من بين تلك العلامات الكثيرة التي تظهر الشيب وتقدم العمر، وما بين تلك التجاعيد التي غلبت على ملامح وجهه، إلا أنه لا يزال يعمل ويتفنن بإتقان في مهنته الفريدة من نوعها، ولا يسمح لأحد بأن يبعده عنها إلا في وقتٍ واحد وهو وقت رحيله عن الدنيا القاسية التي عاش فيها أكثر من ستين عامًا، ولم يجد من يقدر جهده وتعبه في نهاية المطاف كما يصف حاله.
إنه سمير عبد العال، البالغ من العمر٦٢ عامًا، ولد وتربي وترعرع في منطقة قصر الشوق بوسط البلد، وقضى حياته كلها في تلك الحواري الصغيرة التي تحتضن مئات المهن اليدوية المثالية والكثير من التراث الفريد، حيث يعمل منذ ٥٠ عامًا في مهنة النقش العربي، على المعادن ومنتجات النحاس والصاج التي تباع في منطقة خان الخليلي.
مهنة قديمة للغاية تعود للعصور الإسلامية؛ خرج «سمير» إلى الدنيا فوجد والده ومن قبله يعملون بها، حيث بدأ العمل فيها منذ كان في العاشرة من العمر حتى أتقن العمل وبدأ يتقاضى راتبًا مقابل عمله في المهنة، حيث كان أول راتب له ٣ صاغ، وفي بعض الأحيان كان يعمل مقابل طعامه فقط حتى يتعلم فنون مهنته.
ويقول الرجل الستيني، إن هذه المهنة التي تعرف بالنقش العربي تمر على عدة مراحل أولًا، حيث تبدأ من الخراط الذي يقوم بتقطيع الصاج وفق المقاسات المحددة، ومن ثم تنقل إلى اللحام الذي يقوم بتجمعها، وبالتالي تأتي لي لأقوم بعمل النقش العربي عليها، ومن ثم التخريم والتشطيب النهائي الذي يُعرض في المحلات.
لكن هناك أنواعا من النقش والرسومات وكلها تتم وفق مقاسات معينة، إلا أنه يحتفظ بشيء من الفن والمهارة الشخصية التي تميز الفنان عن غيره، وأنا حتى الآن ما زلت أتعمل في هذه المهنة التي تعتمد في البداية على المهارة الشخصية: «محدش يعرف يمسك البرجل ده ويشتغل بيه».
ويضيف أن العمل في هذه الأيام ليس على ما يرام بسبب قلة وجود السياح لأن هذه المنتجات تعتمد في المقام الأول على السياح الذين يشترونها، وبالتالي قلة السياح يعني قلة العمل في هذه الورش الصغيرة، وهذه المهنة هي التي فتحت بيتي منذ الصغير.
ويتابع: «شغلي اللي معيشني لو قعدت مش هلاقي أكل، عندي فوق الستين سنة ولسه شغال، علشان بحب الشغلانة، وكمان معدش حد جديد بيشتغل فيها وهو ما يجعلها تسلك طريق الانقراض وهذا ما نخشاه، لأن ده تراث ومش عايزينه ينتهى».