تظل سمة «الوفاء» هي الناظم الأساسي بين المزارع ونخلته، فالنخلة معروف عنها الوفاء الدائم لأصحابها، حيث تغمرهم في بداية كل موسم بأجود أنواع الثمار من الرطب، التي تشكلت بألوانها الجميلة وأحجامها الرائعة، فهي ليست مجرد طعام، بل هي إعلان عن قدوم موسم الفرحة.
وهذه الفرحة لا يشعر بها إلا المزارعون الذين يرتبطون معها بعلاقة وثيقة، والذين يمنحونها جل اهتمامهم ورعايتهم لذلك لا نستغرب هذه الأجواء المفرحة التي تظهر على محيا المزارعين وهم يرون نخيلهم تزهو بهذه الثمار الغالية.
وفي طور سيناء، تزدهر زراعة البلح المجدول، وبدأت مواسم الخير والعطاء من أشجار النخيل تعطي ثمارها واعدة بحصاد وفير وبدأ جني محصول البلح «المجدول»، وسط فرحة عارمة من أصحاب المزرعة الذين تعبوا وقدموا للنخلة كل الرعاية والاهتمام بدأوا يحصدون نتاج تعبهم، ويجنون ثمار ما قدمت أيديهم خيرًا وفيرًا، وفرحًا غامرًا لهذه الأرض الطيبة، فما أجمل الحصاد وما أحلى المكافأة، وما أكبر فرحتهم اليوم بقدوم موسم الحصاد.
وتعد تمور «المجدول» من أرقي أنواع التمور، ذاع صيتها لدرجة أنها تلقب باسم «ملك التمور»، وهو ما دفع مكانتها لأرقى أنواع التمور في العالم والأكثر إقبالًا من الفئات الثرية لتميزها من ناحية المذاق والجودة ومن ناحية الشكل فهى كبيرة في الحجم، ناعمة وحلوة جدًا للغذاء الصحي الغني بالألياف.
يقول «وليد على» عاشق البلح المجدول، إننا بدأن زراعة المجدول، على مساحة 20 فدانًا، ومن أوائل المزارع في المجدول، وهو عبارة عن تمر من أجود التمور الموجودة في العالم؛ نظرًا للخصائص التي تميزه عن باقي التمورومنها الحجم الكبير والطعم المميز، كما تتمتع التمور بقابلية التخزين فترة طويلة دون أن يحدث أي مشاكل أو أي عطب، بخلاف المنتجات الزراعية الأخرى، مما يحد من الاختناقات التسويقية، بجانب أن التمور سلعة تصديرية مطلوبة عالميًا، ولها تأثير إيجابي على الصناعات والأنشطة المساندة.
وأرجع «وليد»، فى تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، أسباب زراعته المجدول، أن العائد المادي لها مميز جدًا، لافتًا إلى أن السوق ما زالت في بدايتها ولا يوجد أناس كثيرون في زراعة المجدول، وهو ومجموعة من أصدقائه، شركائه في المزرعة، يعدون من أوائل الناس التي قامت بهذه المبادرة، مشيرًا إلى أنهم بدأوا منذ عام 2017، وبدأت بشائر الخير لإنتاج محصولهم العام الماضي، وهذا العام إنتاجهم شبه كامل، وبلغت إنتاجية الفدان الواحد نحو 3 أطنان، موجهًا كل التحية والتقدير لفريق العمل المتكامل داخل المزرعة، الذي يعمل بروح الفريق الواحد.
وفيما يتعلق بعملية التسويق، أوضح «وليد» أن هناك نوعين من التسويق داخلي وخارجي، والداخلى متمثل في البيع مباشرة للمصانع التي تقوم بعملية الفرز والتعليب والتوزيع على الهايبر والسوبر ماركات والخارجي للتصدير.
وعن طريقة الزراعة قال «وليد» إن زراعة النخل على مساحات 8 فى 8 أمتار، لافتًا إلى أن التمر يحتاج لظروف حرارة عالية ورطوبة قليلة وهو متناسب جدًا في طور سيناء ولا توجد أية مشاكله، فيما أن المعاملات تبدأ في شهر نوفمبر، يقومون بعملية الخدمة بوضع المادة العضوية والسمدة العضوية وبعد ذلك تنمو السباط أو العراجين، وفى شهر فبراير أو مارس يقومون بعملية التلقيح، وبعد شهرين أو شهر ونصف يقومون بعملية الخفالتي تعد من أهم المراحل معاملات المجدول معللًا بأنها هي التي تحدد الحجم الذي يريده وهم يسعون للوصول إلى أكبر حجم للمجدول كونها تعد من أهم صفاته ومميزاته ولذلك هم يقومون بخف من 50 إلى 80% من التمر الموجود على النخلة بهدف الحصول على حجم كبير، موضحًا أن هذا لا يعد خسارة له في شيء لأن ما يجرى خفه يعوض في الحجم بخلاف ترك البلح بأكمله دون خف النتيجة الحصول على بلح صغير الحجم، لافتًا إلى أنه في النهاية مجموع الكيلوات واحد فلا داع للخوف من عملية التخفيف بكميات كبيرة.
فوائد صحية
أكدت أحدث دراسة لمعهد تكنولوجيا الأغذية التابع لمركز البحوث الزراعية، العديد من الفوائد الصحية لتمور المجدول والتي تشمل عددًا من الحقائق العلمية منها: «يصنف ضمن فصيلة نادرة من التمور التي تزرع في شمال أفريقيا مثل الجزائر وتونس ومصر والأردن، ويتميز بكبر الحجم الذي يعادل ثلاث حبات من التمر العادي، بالإضافة إلي ولونه الفاتح بعض الشيء، ومذاقه حلو جدا وشبيه في حلاوته بالعسل، ويعد من التمور ذات الأسعار باهظة الثمن، فقد يتجاوز ثمن الحبة الواحدة دولارا في بعض الأسواق العالمية، وزراعته تجرى من خلال عملية معقدة تتطلب الكثير من الجهد، كما أن النخيل يتم تلقيحها بشكل طبيعي، وغني بالسكريات السريعة، ويعطي كثيرا من الطاقة».
كما أكدت الدراسة أن «المجدول»، لا توجد به مواد دسمة وهو غني بالألياف، ويفيد المصابين بارتفاع الضغط الدموي لما يتوفر عليه من بوتاسيوم، كما أنه يساعد على الهضم ويجنب الإصابة بانقباض القلب، كما أنه غني بالمعادن وبخاصة الحديد والزنك وهي مفيدة للمصابين بفقر الدم، كما أنه غني بالفوسفور والمنجنيز والكالسيوم والفيتامينات المفيدة للدماغ والقلب، فضلًا عن أنه يحتوي على مواد مغذية تحمي من التعب والإجهاد خلال أيام الصيام.
