الأربعاء 04 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بهكذا طريقة تضيع حقوق المرأة..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

من حيث أرادوا الدفاع عن حقوق المرأة وإعادة الاعتبار لدورها في عملية بناء المجتمع كشريك للرجل؛ يتسببون في استعادة توصيفات وتعريفات بدائية لوظيفة المرأة ليس كفاعل وشريك وإنما كتابع ومصدر للمتعة.
هذه الرشقات الصاروخية المحملة رؤوسها بفتاوى قديمة والتي أطلقتها سيدات فضليات بينهن الحقوقية والأكاديمية الأزهرية بشكل متتابع حول حق الزوجة في الامتناع عن تأدية مهام إعداد الطعام وتنظيف المنزل والامتناع عن إرضاع أطفالها؛ إنما تقصر وظيفة المرأة في عملية بناء الأسرة في المتعة الجسدية، وهو المفهوم الذى ردده بعض الأقدمين باعتبارها وعاءًا جنسيًا يؤدى وظيفة الإنجاب وإمتاع الزوج، الذى بموجب هذا التعريف بوظيفة المرأة وطبقًا لأصحابه ليس ملزمًا بإطعامها أو كسوتها بأفضل ما يستطيع بحسب امكانياته، بل ليس عليه علاجها إن مرضت فحينها تعود إلى بيت أهلها حتى إذا استردت عافيتها عادت لتواصل وظيفة إمتاع الرجل.
ربما كان ذلك هو المفهوم المناسب لزمانه ومكانه وطبيعة القيم السائدة في المجتمع الذى أنتج هذا النوع من الفقه وبالطبع لم يكن ليناسب مجتمعات أخرى معاصرة له وهى المجتمعات الأكثر تحضرا وحداثة وأعنى بها المجتمعات الزراعية حيث تشارك المرأة الرجل العمل في الحقل أو أي حرفة ترتبط بأعمال الزراعة لجلب الرزق الذى يفى باحتياجات الأسرة.
ومع ذلك فإذا كان هذا النوع من الفتاوى يناسب أيضا بنات أثرياء القوم من وجهاء القبيلة وزعمائها فكان مناسبا أيضا لبنات الأغنياء والأمراء وقادة الجيوش في المجتمعات الزراعية؛ فكما كان في بيت أبيها الزعيم أو الوزير أو سيد قومه من يجمع الحطب ويحضر الماء من البئر ويعد الطعام لأهل البيت وضيوفه، فلابد أيضا ممن يقومون بنفس تلك الوظائف في منزل الزوج لأنه أيضا ابن سيد قومه أو وجيه عشيرته.
ما يعنى أن هذا النوع من الفتاوى لم يأتي بجديد غير الذى أنتجته العادات والتقاليد، والناس تمارس هذه الأمور إلى يومنا هذا، فليس متصورا أن ابنة رجل الأعمال الثرى ستخرج من بيت أبيها إلى بيت موظف لا يستطيع توفير نفس مستوى الرفاهية الذى كانت تعيش فيه، والاستثناءات التي تقع بسبب قصص الحب لا تعنى تغيير القاعدة التي أنتجتها ثقافة المجتمع.
تخطئ بعض السيدات والناشطات النسويات اللائى يعتقدن أن استحضار مثل هذه الفتاوى من التراث الدينى من شأنها إعادة الاعتبار للمرأة؛ أو أنها تستطيع الرد على الفتاوى المقابلة التي تحط من شأنها فمن ناحية هن “يحكين في المحكى” كما يقول المثل الشعبى بمعنى أن الفتاة التي اعتادت على من يخدمها في منزل أبيها لن تقبل في أغلب الأحيان بزوج لا يستطيع تقديم نفس المستوى من هذه الحياة ومن ناحية أخرى نحن نعيش في سياق مجتمع زراعى صناعى تشكلت فيه طبقة عريضة من البيروقراطية والتكنوقراط وأقصد الموظفين والمهنيين يتساوى فيها النساء والرجال من حيث الحقوق والواجبات وأحيانا الأعداد أيضا.
هنا يصبح فقه الواقع الأقوى والأعلى يدًا، فطالما تذهب الزوجة إلى خارج المنزل لجلب الرزق شأنها في ذلك شأن الزوج يصبح من واجب الأخير أن يشارك زوجه في أعمال المنزل ويتقاسم معها شئون الطبخ والنظافة ورعاية الأطفال ومن الظلم أن تتحمل الزوجة وحدها عبء الوظائف المطلوبة داخل البيت فوق أعباء العمل وقد كان أولى بسيداتنا الفضليات تذكير الرجال بهذا الواجب بدلا من استدعاء فتاوى بشرية يصبغنها بنوع من القداسة المزيفة من شأنها إحداث بلبلة في قيم المجتمع الراسخة واستثارة مشاعر عدائية لدى بعض الرجال.
لا ينبغي إعادة استعمال نفس الأسلحة التي سبقهم إليها أمراء التيارات السلفية الذكورية التي لا ترى في المرأة إلا كونها عورة؛ والحق أن ما تابعناه وقرأناه خلال الأيام الماضية على لسان من يعتقدن أنهن مدافعات عن حقوق المرأة إنما يكرس هذه النظرة الذكورية المتخلفة للجنس الناعم.
غير أن أخطر ما في هذه الدعاوى )النسوية( أنها تنزع عن المرأة صفة الفاعل والشريك في عملية بناء الأسرة والمجتمع وتحرمها من أن تكون صاحبة دور في هذه العملية المعقدة وتجعلها مجرد موظف يقوم بوظيفة الإمتاع، والفارق بين الدور والوظيفة كبير إذا راجعنا تعريف المصطلحات لدى علماء الاجتماع والانثروبيولوجى.
أخيرًا ماذا لو أطلقت النسويات ومعهن رجال يؤمنون بأن المرأة فاعل وشريك حملة تحت اسم )شارك زوجتك( في أعمال المنزل ورعاية الأطفال ثم تفاعل إيجابيا بعض الرجال مع هذه الحملة أليس في ذلك تعزيز لقيمة الأسرة القائمة على مبادىء المشاركة والمودة والرحمة؟! ألم تطرح أي امرأة عندما تفاجىء بزوجها يمد لها يد العون في أعمال تنظيف المنزل ولو في إجازته الأسبوعية، بالمناسبة في تراثنا المصرى القديم هكذا كان يتعامل الرجل مع امرأته وارجعوا إلى حديث البرديات وفى تراثنا الإسلامي القريب راجعوا كيف كان يعامل الرسول زوجاته.