تشهد الأوضاع السياسية الليبية اضطرابات كبيرة، فمن المحتمل أن تتجدد الاشتباكات والقتال بين عدد من المليشيات داخل العاصمة طرابلس التي تتحصن بها حكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهية ولايته، وتربص حكومة فتحي باشأغا المدعومة من قبل البرلمان الليبي، التي تترقب تسلم أعمالها وإدارة وزرائها من داخل العاصمة الليبية.
وقال الكاتب الليبي الدكتور كامل المرعاش تعقيبا على تردى الأوضاع في بلاده: أعتقد أن ليبيا وقعت في هوة سحيقة من الفوضى والانقسامات منذ أن أسقط الغرب نظام القذافي، وأجهزوا على مؤسسة الجيش، وأفسحوا المجال للميليشيات الدينية والقبلية أن تسقط كل مؤسسات الدولة وتسيطر بشكل أساسي على العاصمة طرابلس حتى تستطيع أن تفرض إرادتها على أي حكومة يتم وضعها فيما بعد.
وأضاف "المرعاش" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن الغرب نجح في تفكيك أوصال الدولة الليبية وربط علاقات مباشرة مع زعماء الحرب ليكون له أدوات محلية يستطيع من خلالها السيطرة وتحديد مستقبل البلاد بما يخدم مصالحه.
وتابع "المرعاش" أن السيناريو اللعين اتضح بعد عام 2014 وأصبح مكشوفا للجميع، وظهر بشكل فاضح النفود الإيطالي وربطه علاقات مباشرة ودفعه للأموال لقادة بعض الميليشيات المسيطرة على الهجرة غير شرعية، ورأينا كيف تطور الأمر وتغولت هذه الميليشيات بدفعات ملايين اليوروات وتحولت إلى تجارة بالبشر تبدأ من أدغال أفريقيا وتنتهي بشواطئ ليبيا.
وشرح الكاتب الليبي أن دولا إقليمية بعيدة دأبت على تكوين ولاءات محلية مقابل المال والنفود، وتأجج ذلك باحتلال تركي عسكري مباشر لأكثر من 5 قواعد عسكرية في شمال غرب ليبيا وأكثر من 20 ألف مرتزق سوري جندتهم وأرسلتهم تركيا من تنظيمات إرهابية لدعم حكومة السراج التي كانت على وشك السقوط بعد محاصرتها من قبل الجيش الوطني الليبي الذي أعيد بنائه في زمن قياسي بفضل ثلة من ضباطه الشجعان وعلى رأسهم المشير خليفة حفتر.
ويعتقد "المرعاش" أن المشهد الحالي وبعد أكثر من 20 مبادرة لحل الأزمة الليبية، بقيت مستعصية عن الحل، لسبب منطقي أن بعض الدول التي ساهمت في إسقاط النظام والدولة في ليبيا لم تتوافق مصالحها بعد ليسمح ذلك بعودة استقرار ووحدة ليبيا. بل على العكس تماما تحول بعض مبعوثي الأمم المتحدة السابقين إلى عرابي الفوضى وفي أحسن الأحوال الى شهود زور على ما يجري في ليبيا من قتل ودمار طال حياة أكثر من 60 ألف ليبي فقدوا حياتهم منذ 2011، ثمنًا لعربدة الغرب وتحويله لليبيا إلى دولة فاشلة بامتياز ليسهل عليه الهيمنة عليها لعقود من الزمن.
وأوضح "المرعاش" أن الأجسام الليبية تحولت بكل أسف إلى أدوات تعمل ضمن منظومة النفوذ الاقليمي والدولي، وبعضها وجد نفسه مضطرا للتعامل مع هذا الوضع المأسوي للاختيار بين أسوأ الحلول.
ولفت إلى أن البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، العنوان الأبرز لتطاحن الإرادات الأجنبية وسيطرتها على مستقبل البلاد. ولو تعمقنا في الشرح فإن المجلس الأعلى للدولة جسم محسوب على ليبيا ولكن أعضاؤه وأغلبهم ممن تنظيم الإخوان لا يعترفون بالدولة الوطنية وينظرون إلى ليبيا على أنها بيت مال المسلمين، وأمير إيمانهم أردوغان.
مستكملا: مستقبل ليبيا فهو في عداد المجهول ومدي استعداد تركيا وبريطانيا والولايات المتحدة للتخلي عن دعم الفوضى ونظام الميليشيات الذي تحدر وتطور إلى خليط عجيب غريب من ميليشيات دينية متطرفة وأخري قبلية وثالثة عصابات دولية شبيه للمافيا، وهنا الوحيد الاستفادة القصوى من حالة الفوضى والإفلات من العقاب والتربح من أكبر حكومة فاسدة في تاريخ ليبيا، حيث رئيس الحكومة فيها سليل آل الدبيبة عائلة النهب والسلب والراعي الرسمي للفساد في ليبيا .
مختتما حديثه بأن مستقبل مظلم لأجيال ستعيش وحشيته في المستقبل القريب، لا صحة ولا تعليم ولا كهرباء، وتم خلال 10 سنوات تدمير ما تم بناؤه خلال 60 عامًا. والفضل يرجع لهذا الغرب البغيض الذي أتي لنا بشعارات كاذبة ومزيفة للحرية والديموقراطية، فيها وبها فقدنا وطنًا سميناه ليبيا.