ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، أن الفيضانات المدمرة التي غمرت باكستان في الأيام الأخيرة دمرت المنازل وأتلفت المحاصيل وأغرقت ما يقرب من ثلث مساحة البلاد، في كارثة مناخية وصفها المسؤولون هناك بأنها "غير مسبوقة" في تاريخ باكستان المعاصر.
وأوضحت الصحيفة، في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني، اليوم /الأحد/، أن بيانات الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية حددت أن ما يقرب من ثلث مساحة البلاد ما زال مغمورا بالمياه حتى صباح الثلاثاء الماضي، جراء فيضانات أثرت على نحو 30 مليون شخص أو نحو 15 في المئة من السكان، ومن المرجح أن يتجاوز العدد النهائي التقديرات الأولية التي تشير إلى مقتل أكثر من 1100 شخص وتدمير نحو مليون منزل من جراء الفيضانات الناجمة عن هطول الأمطار الموسمية الغزيرة وذوبان الأنهار الجليدية.
ووفقا لبيانات أخرى كشف عنها قمر اصطناعي تابع لوكالة "ناسا" الأمريكية ووكالة الفضاء اليابانية، فقد ارتفع متوسط هطول الأمطار الموسمية في بعض المدن والمناطق الأكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد خلال شهري يوليو وأغسطس، وتلقت حيدر أباد، وهي منطقة في مقاطعة السند، أكثر من 850 ملم (33.5 بوصة) من الأمطار خلال شهري يوليو وأغسطس، وهو ما يقرب من ثلاثة أضعاف متوسط 290 ملم (11.5 بوصة) لنفس الفترة من 2001 إلى 2020، واستقبل إقليم السند، ما يقرب من ثمانية أضعاف متوسط كمية الأمطار التي كانت تهطل عليه في شهر أغسطس، وفقًا لبيانات حكومية؛ ما أدى إلى القضاء على محاصيل الأرز والقطن.
وقالت وزيرة التغير المناخي والبيئة الباكستانية، شيري رحمان، في تصريح سابق لـ"فاينانشيال تايمز"، إن الفيضانات الأخيرة كانت كارثة مناخية بكل المقاييس، ولم نشهد مثل هذا الفيضان في باكستان خلال العصر الحديث".
في السياق ذاته،أكدت الصحيفة البريطانية أن الأمطار هي الأحدث في سلسلة من الظواهر الجوية المتطرفة التي تؤثر على جنوب شرق آسيا في الأشهر الأخيرة، فضلا عن موجة الحر الشديدة في الهند وباكستان التي حلت خلال الفترة من مارس إلى مايو الماضيين وأدت إلى وفيات مرتبطة بالحرارة وألحقت أضرارًا بمحاصيل القمح وزادت من ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا، وغالبًا ما توصف جبال الهيمالايا بأنها "القطب الثالث" لكونها أكبر كتلة مجمدة من المياه العذبة خارج القطبين الشمالي والجنوبي، وعلى الرغم من أن غالبية الفيضانات في باكستان كانت بسبب هطول الأمطار، إلا أن ذوبان الجليد قد زاد من تأثيرات الرياح الموسمية الأكثر شراسة في أحواض الأنهار في باكستان.
وشددت "فاينانشيال تايمز" في ختام تقريرها، على أن هذه الفيضانات الكارثية تؤكد على الحاجة الملحة المتزايدة لحل النقاش الدولي حول من يدفع ثمن الآثار الكارثية لتغير المناخ، فقد ارتفعت درجات الحرارة بما لا يقل عن 1.1 درجة مئوية منذ عصور ما قبل الصناعة، مدفوعة بشكل أساسي بالنمو الاقتصادي في الدول المتقدمة، لذلك، تضغط الاقتصادات النامية على الدول الأكثر ثراء لدفع ثمن الآثار الضارة لتغير المناخ على بلدانها، والتي أسهمت بشكل ضئيل نسبيًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مع الأخذ في الاعتبار بأن انبعاثات باكستان تقدر بنحو 2 في المئة من الإجمالي العالمي.