عقد مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، برئاسة الدكتور جمال ياقوت، اليوم الجمعة، ندوة لمناقشة كتاب "تأملات في فينومينولوجيا المسرح"، تأليف عبد الناصر حنفي، بقاعة المجلس الأعلى للثقافة، وأدار الجلسة الناقد أحمد خميس ، ومداخلات من د. محمد سمير الخطيب أستاذ المسرح بجامعة عين شمس، وعدد من الباحثين والأساتذة المخصصين في المسرح من بلدان عربية مختلفة .
في البداية قال الناقد أحمد خميس: استغرق تأليف كتاب " تأملات في فينومينولوجيا المسرح" عشر سنوات، وهو عبارة عن مجموعة من الدراسات المتفرقة بعضها فلسفي والآخر عن العرض المسرحي، والتي تدور حول ثلاثة محاور، الأول منها يسعى إلى إعادة تقديم مبحث فينومينولوجيا المسرح انطلاقًا من محاولة وصف وتحليل ما يخص الفعل المسرحي بوصفه مزيجاً مركبًا ومتطورًا من ألعاب الظهور وألعاب الحضور معا، الأمر الذي تطلب إعادة التفكير في أسس الفينومينولوجيا التي تحلق أكثر مما ينبغي حول مفهوم الحضور، مرورًا بالتوقف أمام التكوين الجينيالوجى للفعل المسرحي، وصولا إلى التأمل في ماهيته ومصيره في ظل بعض التطورات التكنولوجية الجارية.
وأضاف، أن المحور الثاني، فقد اقتصر على استثمار شيء من هذه الأفكار في مقاربة بعض الظواهر المسرحية، مثل التقنيات الأولية لمسرح الشارع، ومسارات تأثير مشروع المهرجان التجريبى، والدور الذي تلعبه الدمى حاليًا في بعض المقاربات المسرحية.فيما يذهب المحور الثالث إلى محاولة تقديم تحليلات تمهيدية لحالات مسرح ما بعد يناير ٢٠١١.
وقدَّم أستاذ المسرح بجامعة عين شمس، د.محمد سمير الخطيب مداخلة نقدية قال فيها:" إن الكتاب لديه قدرة فنية ونوعية فريدة ، حيث يدور على أصل فلسفي وهو الفلسفة الظاهراتيه، وكيف يستنبط الإنسان الأشياء من الأشياء نفسها، وتحليل المكونات الذاتية وقدرتها على رؤية الأشياء، ويهتم الظاهريتيون بمفهوم الظاهرة نفسها، وهذا ما فعله مؤلف الكتاب، ولذا يجب التعامل مع الكتاب كظاهرة.
وتابع: كذلك هناك ضرورة ربطة بهذا العالم كبنية نقدية، والمؤسسة النقدية في مصر وهي مؤسسة عريقة وطويلة وممتدة ولكن يهمني فترتين وهما فترة الثمانينات والتسعينات، وقبلهما كانت فترة الخمسينات التي يهيمن عليها الاتجاه الواقعي الاشتراكي الذي ركز على فكرة المجتمع كأولوية، ثم تأتي الجماليات بعد ذلك، وبعد انتهاء فترة الستينات دخلنا في مرحلة مهمة وهي فترة دخول التيارات النقدية الحدثية، فإذا كانت التيارات الواقعية الاشتراكية النقدية ، كانت هناك ايضا التيار المهيمن المركزة على المجتمع، لكن التيارات الحدثية اهتمت بتيارات تركز على الجماليات فلدينا إذا الجمالي والاجتماعي، وهما صلب الظاهرة التي توصف الظاهرة المسرحية لعبد الناصر حنفي، والذي لم ينحاز لفكرة الجماليات بوجه عام ولم ينحاز لفكرة الإجتماعيات وإنما دمجهما معًا، وفلسفته هي أن ما هو جمالي يولد من ما هو اجتماعي في الأساس.
وأضاف الخطيب، أن المؤلف ركز على انطلاقه من اتجاه مختلف ينطلق من الفلسفة الى المسرح، أي قراءة المسرح بصورة فلسفية لذا يمكن تصنيفه مثل التحولات عن الدراما أو مولد تراجيديا وهو كتاب فلسفي يتحدث عن المسرح، كأحد الوسائل التي توصل الأفكار إلى هذا العالم، ولقد تحدث المؤلف في الفصل الأول عن الظاهرة في المسرح بين العطاء الجمالي والعطاء الاجتماعي، وعن الجانب المصاحب لظاهرة المسرح وهي ظاهرة جمالية محضة، وعليه فإن العمل الفني يستمد قوته من هذه الجمالية ذاتها.
وعلق المخرج المسرحي، أحمد السيد على الكتاب قائلًا:" إن الكتاب الذي أمامنا يضعنا أمام بحث شاق ومجهد في الشأن المسرحي المصري خلال العشر سنوات الأخيرة، والتي تتعلق بالنظرة الموضوعية للمسرح، ولذلك علينا التأمل الجاد في هذا الموضوع ومثلما يقولون" لكل داء دواء"، ونحن الآن أمام عناء مناقشة واقعنا المسرحي كداء نعاني منه جميعًا ولا نملك روشتة الخروج.
وفي رده على مداخلات الحضور، قال عبد الناصر حنفي مؤلف الكتاب:"إنني أتعامل مع ما قيل عن التباين ما بين طاقة الفعل المسرحي وبين طاقة نفس الفعل في الحياة اليومية، وأرى أن الإستبصار يمكن تعميمه على الفعل المسرح، و التركيز على العطاء الجمالي والعطاء الاجتماعي هو مقدمة في الذهاب إلى نمط فعل المسرح، الظاهرة المسرحية التي نتحدث عنها أعتبرها كظاهرة غير منتشرة حتى الآن، أغلب ما كتب عنها مستنسخ من ظواهر أخرى كظاهرة الأدب وظاهرة الشعر وإلى الآن هناك ارتباك أمام الظاهرة المسرحية من أين تبدأ وأين تنتهي، والمسرح له نمط مختلف عن النمط المتداول في شتى العلوم الاجتماعية والفلسفية، وهذا النمط طوال الوقت يتسبب في مشاكل".
وتابع مؤلف الكتاب: فكرة غربة المسرح وأنه ظاهرة غير منكشفة هو ما أعمل عليه تحت عنوان" فينو مينولوجيا المسرح"، والدراسات الموجودة به دراسات منتقاة وليست كل ما تمت دراسته في الموضوع، وهي قائمة على التأملات لأن الدراسة من الممكن تبدأ في البحث في منطقة وتبدأ غيرها في البحث في نفس المنطقة من مدخل أو زاوية مختلفة، فهناك تأملات خاصة في الجزء الأول، وليس الغرض من هذا الجزء العودة إلى الأرض الاجتماعية بالمعنى التقليدي وإنما الغرض العودة لأن الفعل المسرحي هو فعل اجتماعي يقوم به أفراد لهم علاقات مؤسسية ببعض ، مما يضعه في منطقة التقاطع مع منطقة الفعل بصفة عامة، كي يتم تمييزه مما يدخله في أنماط الفعل الإنساني، على مدى الخمس فصول، وفي الجزء الأول كانت هناك محاولة للتوسع في أنماط الفعل الإنساني، الفعل الإجرائي ثم الأدائي، وأن المسرح هو نمط فعل مميز يجمع بين هذه الأفعال.
يذكر أن فعاليات الدورة ٢٩ من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، انطلقت أمس الخميس، وتستمر حتى ٨ سبتمبر الجاري، والتي تحمل اسم المخرج البريطاني بيتر بروك.