ألقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، الضوء على اكتشاف فرع مفقود لنهر النيل، والذى يعتقد العلماء أنه كلمة السر الرئيسية فى بناء الأهرامات.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه منذ ٤٥٠٠ عام، كانت أهرامات الجيزة تلوح فى الأفق فوق الضفة الغربية لنهر النيل كسلسلة جبال هندسية، وعلى رأسها الهرم الأكبر، الذى بنى لإحياء ذكرى عهد الفرعون خوفو، ثانى ملوك الأسرة الرابعة فى مصر، ويغطى مساحة ١٣ فدانًا ويبلغ ارتفاعه أكثر من ٤٨٠ قدمًا عند اكتماله حوالى ٢٥٦٠ قبل الميلاد، ومن اللافت للنظر أن المهندسين المعماريين القدماء نقلوا بطريقة ما ٢.٣ مليون كتلة من الحجر الجيرى والجرانيت، يزن كل منها فى المتوسط أكثر من ٢ طن، عبر أميال من الصحراء من ضفاف النيل إلى موقع الهرم على هضبة الجيزة.
عبقرية المصريين وحيرة العلماء
ولفتت «نيويورك تايمز» إلى أن سحب هذه الحجارة فوق الأرض أمر شاق، ولطالما اعتقد العلماء أن استخدام نهر أو قناة جعلت العملية ممكنة، لكن النيل اليوم على بعد أميال من الأهرامات، ومع ذلك، توصل فريق من الباحثين يوم الإثنين إلى أدلة على أن ذراعًا مفقودًا من النيل قطعت ذات مرة عبر هذا الامتداد الصحراوي، وكان من الممكن أن تبسط إلى حد كبير نقل الألواح العملاقة إلى مجمع الهرم.
وأضافت أن اكتشاف نهر النيل عكس مدى عبقرية القدماء المصريين، حيث أعاد العلماء نموذجا لفرع النيل المفقود، والذى يفترض أنه كان هناك على مدار ٨ آلاف عام، إلا أن هذا الفرع جف تمامَا عام ٦٠٠ قبل الميلاد، ولكن قبل جفافه لعب دورًا حاسمًا فى بناء أحد أبرز عجائب الدنيا القديمة.
وقال جوزيف مانينج، الباحث الكلاسيكى فى جامعة ييل، الذى درس تأثير الانفجارات البركانية على نهر النيل خلال فترات لاحقة من التاريخ المصرى إن نقل البضائع على نهر النيل ليس بالأمر الجديد. وقال: «نعلم أن المياه كانت قريبة من أهرامات الجيزة- هكذا تم نقل الأحجار ولكن لم يكن هناك دليل مادى قوى على هذه النظرية».
وفقًا للدكتور مانينج، وضع الباحثون نظرية مفادها أن المهندسين القدامى كان بإمكانهم حفر قنوات عبر الصحراء أو استخدام فرع من نهر النيل لنقل مواد الهرم، لكن الأدلة على هذه الممرات المائية المفقودة ظلت نادرة، وأدى ذلك إلى حجب الطريق الذى سلكه مرير وآخرون للوصول إلى ميناء الجيزة، وهو مركز بناء الأهرام المصنع الذى يقع على بعد أكثر من أربعة أميال غرب ضفاف النيل.
وأشار إلى أنه بحثًا عن دليل على وجود طريق مائى قديم، قام الباحثون بالتنقيب فى الصحراء بالقرب من موقع ميناء الجيزة وعلى طول الطريق المفترض لفرع خوفو، حيث جمعوا خمس عينات أساسية من الرواسب، وحفروا على عمق أكثر من ٣٠ قدمًا، وعثروا على فاصل زمنى رسوبى فى المنطقة امتد عبر آلاف السنين.
حبوب اللقاح واكتشاف أكبر أسرار المصريين القدماء
بينما قال كريستوف مورانج، عالم الجيومورفولوجيا فى جامعة إيكس مرسيليا فى فرنسا إن عبقرية المصريين القدماء فى التعامل مع تغيرات المناخ والجفاف قادت العلماء اليوم لتحديد ما حدث بالضبط قبل آلاف السنوات، حيث عثر الباحثون على ٦١ نوعًا من النباتات، بما فى ذلك السرخس والنخيل والرواسب، مما يوفر نافذة على كيفية تغير النظام البيئى المحلى على مدى آلاف السنين. وتابع «ساعدت حبوب لقاح للنباتات المقاومة للجفاف فى تحديد متى كان النيل بعيدًا عن الأهرامات خلال فترات الجفاف».
ووفقا للصحيفة، فقد استخدم الباحثون البيانات التى تم الحصول عليها من حبوب اللقاح لتقدير مستويات الأنهار السابقة وإعادة إنشاء ماضى الجيزة المشبع بالمياه. منذ حوالى ٨٠٠٠ عام، خلال حقبة رطبة تُعرف باسم الفترة الأفريقية الرطبة، كان خلالها معظم مناطق الصحراء مغطى بالبحيرات والمراعى، كانت المنطقة المحيطة بالجيزة تحت الماء، وعلى مدى آلاف السنين التالية، مع جفاف شمال إفريقيا، احتفظ فرع خوفو بحوالى ٤٠ فى المائة من مياهه.
وقالت الدراسة إن هذا جعلها أحد الأصول المثالية لبناء الهرم، حيث ظل الممر المائى عميقًا بما يكفى للتنقل بسهولة، ولكن ليس مرتفعًا بحيث يشكل خطر حدوث فيضانات كبيرة.
وتابعت أنه بعد انتهاء الأهرامات وبداية عصر جديد فى مصر، مثل تولى الملك توت عنخ آمون العرش حوالى عام ١٣٥٠ قبل الميلاد، شهد النهر قرونًا من التدهور التدريجي، بحلول الوقت الذى غزا فيه الإسكندر الأكبر مصر عام ٣٣٢ قبل الميلاد، تم تحويل المنطقة المحيطة بفرع خوفو إلى مقبرة.
وأضافت الصحيفة أن اكتشاف فرع النيل المفقود قد يساعد على اكتشاف المزيد من الأسرار وحل لغز بناء الأهرامات الذى حير العلماء على مدار آلاف السنين.
العالم
«نيويورك تايمز» تكشف أسرار فرع نهر النيل المفقود وعلاقته ببناء الأهرامات
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق