أكدت دورية "ذا ديبلومات" الإمريكية أن التحالف الرباعي الذي تسعى الولايات المتحدة لتشيكله ويضم تايوان وكوريا الجنوبية واليابان، في خطوة لاحتواء الصين أو استبعادها من سوق أشباه الموصلات، قد يضر بشكل كبير دول هذا التحالف وعلى رأسها عمالقة الشركات الأمريكية في قطاع التكنولوجيا.
وقالت دورية "ذا ديبلومات" الأمريكية المتخصصة في الشئون الآسيوية في تقريرها إن مركزية الصين كسوق ضخم لأشباه الموصلات عقبة رئيسية أمام الشراكة التقنية المقترحة، على الرغم من أن التحالف يحمل إمكانية استبعاد الصين من سلسلة توريد أشباه الموصلات، فإن حقيقة أن الصين لا تزال سوقًا ضخمًا للسلع الإلكترونية لجميع أعضاء التحالف هو عائق رئيسي يواجه التحالف.
وأوضحت أن الصين شكلت 70 بالمائة من إجمالي الطلب العالمي على أجهزة الكمبيوتر المحمولة وأكثر من 80 بالمائة من الطلب العالمي على الهواتف المحمولة، وفي العام الماضي، استوردت الصين ما قيمته 350 مليار دولار من أشباه الموصلات، وكانت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية مورديها الرئيسيين، ومستهلك رئيسي للسلع الإلكترونية، فإن استبعاد الصين من سوق التصدير سيضر بشكل كبير بالأموال والأرباح للشركات الأمريكية.
ورأى التقرير أن الدول المتقدمة تقنيًا مثل الولايات المتحدة واليابان تدرك عدم جدوى السعي وراء الاكتفاء الذاتي في أشباه الموصلات، لكن مساعي التحالف ترتكز على تغطية جميع عملية الإنتاج في سلسلة توريد أشباه الموصلات المعقدة، وإبقاء صناعة أشباه الموصلات الوليدة في الصين في وضع حرج أو على الأقل غير منتعش.
وأشار التقرير إلى القوة الأمريكية في صناعة أشباه الموصلات وسلسلة التوريد إذ تمتلك جميع تراخيص انتاج أدوات أتمتة التصميم الإلكتروني، كما تتحكم الولايات المتحدة عبر شركاتها الخاصة في السوق، ولديها أكثر مرافق تصنيع أشباه الموصلات في العالم، فيما تعد تايوان المركز العالمي لتصنيع أشباه الموصلات، حيث يتم تصنيع أكثر من 60 بالمائة من رقائق العالم بواسطة الشركات المملوكة للدولة، وتظل تايوان أيضًا مركزًا لجميع عمليات التجميع والاختبار والتغليف.
وأوضح أن التحالف بهذه المهام يغطي جميع المجالات الرئيسية لسلسلة القيمة، على الرغم من احتمالية وجود تبعات واختناقات أخرى، ومع ذلك، هناك أيضًا عقبة كبيرة قد تمنع هذا التحالف من التبلور: الصين، وجاذبية سوقها الضخم.
واعتبر التقرير أن موقف كوريا الجنوبية من الانضمام للتحالف ربما ينطوي على توازنات، ومنذ الحديث عن التحالف، كان هناك شعور بعدم القدرة على التنبؤ فيما يتعلق بمشاركة كوريا الجنوبية حيث يُعتقد أن حكومة كوريا الجنوبية وقطاعها الخاص حذرين من التداعيات والقيود المحتملة التي قد تفرضها الصين، إذ لا تزال الصين أكبر سوق لشركات أشباه الموصلات في كوريا الجنوبية، وفي المرة الأخيرة التي قررت فيها حكومة كوريا الجنوبية التحالف مع الولايات المتحدة بشكل صريح ضد رغبات الصين – من خلال الموافقة على نشر أنظمة أمريكية مضادة للصواريخ في عام 2016 – فرضت بكين حظرًا قاسيًا على السلع والخدمات الكورية ردًا على ذلك، مما أدى إلى شل الشركات الكورية الجنوبية التي تعتمد على الصادرات، ومع ذلك، قد يكون من الصعب بالنسبة للصين استبعاد صادرات كوريا الجنوبية من أشباه الموصلات بشكل كامل.
وأكد أن العقوبات الأمريكية والقيود المفروضة على الصادرات على الصين منذ عام 2020 أدت إلى تقييد قدرة الشركات الصينية على الوصول إلى المواد الخام والمعدات الأساسية لأشباه الموصلات، وقد جعل هذا حتى أكبر شركات أشباه الموصلات الصينية تعتمد على أفضل الشركات في كوريا الجنوبية، ومن ثم فإن الإجراءات الانتقامية القاسية التي تتخذها الصين ضد شركات أشباه الموصلات في كوريا الجنوبية يمكن أن تعرقل أيضًا مسار نمو الشركات الصينية ذاتها.
وذكر التقرير أن شركات الرقائق الكورية الجنوبية العملاقة استثمرت مليارات الدولارات في منشآت التصنيع الرئيسية في الصين، كما تمتلك مرافق رئيسية لإنتاج شرائح الذاكرة في مدينتين صينيتين، وتخشى سيول من أن الانضمام إلى التحالف الأمريكي قد يثير حفيظة الصين مرة أخرى، مما يتسبب في خسائر كبيرة لشركات أشباه الموصلات التي تعتمد على الصادرات إلى الصين.
واعتبر التقرير أنه ليس من المجدي القضاء تمامًا أو التقليل من دور الصين في الصناعة، بقدر ما يتعلق الأمر بالتحالف الذي لا يزال مناهضًا للصين، إذ سيكون من الصعب للغاية على جميع أصحاب المصلحة (الحكومات والشركات الخاصة) الانضمام إليه، وفيما يتعلق ببناء مرونة سلسلة التوريد، يمكن للتحالف ضمان مستوى معين من التعزيز في مجالات محددة من سلسلة التوريد.