جسد نحيل لكنه يحمل روحا قوية، روحا اختلطت فيها الجينات الصعيدية المستمدة من الجدة، بحياة وتقاليد منطقة شعبية عتيقة هي القلعة.
والقوة ليست الصفة الأبرز في سلوى محمد علي، ولكن الانفتاح، فالأب رغم أصوله الصعيدية، كان منفتحا ومحبا الفن، وورثت منه الإبنة ذلك، ثم شجعها على امتهان الفن.
المواقف والأفكار المبنية على أرضية هشة، سرعان ما تنهار، لكن الأرضية التي تنطلق منها سلوى محمد علي قوية للغاية، ممسكة بخيوطها، وجهات نظر تكونت عبر السنين وصقلت بالدراسة والقراءة، فلم تكتف بالدراسة في معهد الفنون المسرحية فقط، بل درست فنونا شعبية ونقدا فنيا.
لا تنخدع سلوى بشعارات رسالة الفن بمفهومه الشائع ذي الأكواد الأخلاقية، وترفض وصف أدوارها بالمحترمة، فهي أعمال تتناسب مع مرحلتها العمرية فقط، فتقبل على الفور بدور رقاصة، على سبيل المثال، في مسلسل أرض النفاق.
لم تنفصل حياة سلوى الشخصية عن الفنية، فحين أحبت فإن أول ما أوقعها في الحب روعة بروفات المخرج المسرحي الراحل محسن حلمي، تقول بلا خجل، وهذا أيضا دليل قوة: «أنا اللي حبيته الأول، وعشان هو طيب حبني»، ولم يعملا سويا منذ زواجهما، حتى وفاته.
فشخص منفتح ومتحضر مثل محسن حلمي، لم يتدخل في عمل زوجته، لم يحاول يومًا أن يفرض سيطرته عليها أو على ابنتيهما، كان قطعة بازل مهمة أكملت صورة الشخصية التي تطل بها سلوى علينا.
تعطلت انطلاقة سلوى بسبب الزواج والحمل، هذا قد يكون مؤثرا لمن يلهث خلف النجومية، لكن سلوى تفتش عن قيمة ما تقدمه، تلهث خلف أدوار تبقى، تقول: «برفض أدوار كبيرة لو مش مؤثرة، وأقبل بمشهد مؤثر، اخدت وقت عشان أثبت فكرة إني بهتم بالكيف مش الكم».
عملت سلوى معلقا صوتيا في المصانع، في بداية حياتها العملية، لتشرح للعمال إرشادات السلامة والنظافة، وهذا يكشف عن أنها تدرك قيمتها جيدا، ولا تخشى أن تفعل أي شيء طالما كان شريفا، حسب وصفها: «كلمة خدامة مالها، كلنا خدامين أكل عشينا، اللي بتساعدني في البيت مكسوفة من شغلها، وبقولها دايما، إنتي شغالة شغلانة شريفة».
يرتبط جيل الثمانينيات وبداية التسعينيات بالخالة خيرية في عالم سمسم، لكنه ارتبط بسلوى قبل وبعد ذلك بصوتها ربما دون أن يدرك من خلال عشرات الأعمال المدبلجة لشركة ديزني، ومسلسل العرائس الشهير بوجي وطمطم، وقد ساعدها ذلك في التمثيل وتقطيعات الجمل، وهي أحد أهم أدوات للممثل.
هي دائمة التحليل وربط الأعمال الفنية بكلاسيكيات المسرح، تدرك الاختلاف بين الأنواع الفليمية، وتتحرك دائما من منطلق أن الفن إمتاع وترفيه، تخوض النقاشات من أجل الفن، لا للأشخاص، لذا فمواقفها متسقة بأفكارها.
قد تجد بعض الفنانين والفنانات في المهرجانات يحضرون بعض الأفلام، لكن لا أحد غير سلوى محمد علي يجري بين القاعات، منفتحا على كل التجارب، وخاصة للشباب، لا بالمشاهدة فقط، لكن بالمشاركة في تجاربهم الأولى، فسلوى قابضة بحق على جمر الفن.