الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

زعيم شيوعي أوكراني الأصل غربي التوجه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

توفي ميخائيل جورباتشوف، عن 91 عامًا في روسيا، أمس الأول الثلاثاء، بعد صراع مرير مع المرض، كان أول المعزين الرئيس الروسي بوتين عبر المتحدث الرسمي ديمتري بيسكوف حيث اكتفى بجملة «تعازيه الحارة»، في حين أسرعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين بالعزاء معتبرة أنه آخر زعماء الاتحاد السوفيتي الذي كان «قائدا جدير بالثقة مهد الطريق أمام أوروبا حرة».

وتوالت تعازي زعماء الغرب معربين عن الفجيعة في رحيل جورباتشوف وكتب رئيس الوزراء البريطاني عنه أنه كان يمتلك «الشجاعة والنزاهة». 

وعلى غرار جونسون توالت تعازي زعماء الغرب في شبه مقارنة بين روسيا جورباتشوف وروسيا بوتين.

كان جورباتشوف قائد الاتحاد السوفيتي الثامن والأخير، وأمين عام الحزب الشيوعي الحاكم 1985 حتى 1991. كان رئيسًا للدولة من 1988 حتى 1991، بصفته مجلس رئاسة السوفييت الأعلى من 1988 حتى 1989، ورئيس الاتحاد السوفيتي من 1990 حتى 1991. كاشتراكي أيديولوجيًا، كان ملتزمًا في البداية بالماركسية-اللنينية رغم تحوله بعد انهيار الاتحاد السوفيتي إلى الديمقراطية الاجتماعية.

من أصل روسي- أوكراني، وُلد جورباتشوف في بريفولنويه، كراي ستافروبول لعائلة من المزارعين الفقراء، ونشأ على تعاليم يوسف ستالين، وكان في شبابه يعمل على آلة حصاد في مزرعة جماعية قبل أن ينضم للحزب الشيوعي، الذي كان يحكم الاتحاد السوفيتي كدولة حزب واحد تبعًا للمذهب الماركسي- اللنيني. أثناء دراسته في جامعة موسكو الحكومية، تزوج من زميلته الطالبة رئيسة تترنكو عام 1953 قبل أن يحصل على شهادة في القانون عام 1955. انتقل إلى ستافروبول، وعمل في تنظيم كومسومول الشبابي وأصبح من مدافعًا متحمسًا عن الإصلاحات المنهاضة لستالين التي دعا لها القائد السوفيتي نيكيتا خروشوف. عُين سكرتيرا أول للحزب في لجنة ستافروبول المحلية عام 1970، المنصب الذي شهد أثناءه إنشاء قنال ستافروبول العظيمة. عام 1974، انتقل إلى موسكو وأصبح سكرتيرا أول لمجلس السوفيت الأعلى وعام 1979 أصبح مرشحا لعضوية المكتب السياسي للحزب. في غضون ثلاث سنوات من وفاة الزعيم الروسي ليونيد بريجنيف بعد فترتي حكم يوري أندروبوف وكونستانتين تشرنينكو الوجيزة، انتخبه المكتب السياسي أمينًا عامًا للحزب، رئيسًا فعليًا للحكومة، عام 1985

على الرغم من التزامه بالحفاظ على الدولة السوفيتية وهويتها الاشتراكية، فقد اعتقد غورباتشوف أنه كان من الضروري إجراء إصلاح كبير، خاصة بعد عام كارثة تشرنوبل 1986. انسحب من الحرب الأفغانية السوفيتية وعقد قمم مع الرئيس الأمريكي رونالد ريغان للحد من الأسلحة النووية ولإنهاء الحرب الباردة. داخليًا، سمحت سياسته التي عُرفت بالغلاسنوست «الانفتاح» بتعزيز حرية التعبير والصحافة، بينما سعت سياسة البيريسترويكا إلى لا مركزية اتخاذ القرارات الاقتصادية من أجل تحسين الكفاءة. لقد أدت إجراءات الدمقرطة وتشكيل مجلس نواب الشعب المنتخب إلى تقويض دولة الحزب الواحد. رفض غورباتشوف التدخل العسكري عندما تخلت دول الكتلة الشرقية عن الحكم الماركسي اللينيني في 1989-1990. دخليًا، هددت المشاعر القومية بتفكك الاتحاد السوفيتي، مما دفع المتشددين من الماركسيين واللينيين إلى شن انقلاب غير ناجح في أغسطس 1991 ضد غورباتشوف؛ في أعقاب ذلك، انحل الاتحاد السوفيتي واستقال غورباتشوف في ديسمبر. بعد الاستقالة، افتتح مؤسسة غورباتشوف، وأصبح من أبرز منتقدي الرئيسين الروسيين بوريس يلتسن وفلاديمير بوتن، وقاد حملة من أجل الحركة الديمقراطية- الاشتراكية في روسيا.

جورباتشوف الذي يعتبر من أبرز شخصيات النصف الثاني من القرن 20، ظل موضع جدل. حاز غورباتشوف على عدد من الجوائز- منها جائزة نوبل للسلام-من أجل دوره في إنهاء الحرب الباردة، الحد من انتهاكات حقوق الإنسان في الاتحاد السوفيتي، والتسامح مع سقوط الإدارات الماركسية اللينينية في شرق ووسط أوروبا. 

في عام 2008،  منح  مركز الدستور الوطني الأمريكي، والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش (الأب)، ميخائيل جورباتشوف «وسام الحرية» لدوره «الشجاع» في إنهاء الحرب الباردة.

جورباتشوف والحرب الروسية الاوكراينية:

قدّم ميخائيل جورباتشوف، رؤية مخالفة للحرب في أوكرانيا، ورأي خطورة تأثير العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين ونظامه، مشيرًا إلى أنها قد تؤدي إلى سقوط نظام بوتين.

وفي حوار نشرته مجلة «لوبس» الفرنسية، قال «الميدان الأوكراني يمكن أن يتحول بسرعة إلى نوع مكرر من أفغانستان، إذ كانت الحرب ما بين اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية وأفغانستان في الفترة بين 1979 و1989 إخفاقًا للاتحاد السوفييتي، ما أدى إلى ثورة سكانه ضد العدد الكبير من الوفيات في صفوفهم، وإذا كان بوتين عنيدًا في أوكرانيا، فسوف يرتفع الغضب في روسيا، وكما حدث بالنسبة للسوفييت مع أفغانستان، فقد تصبح حرب أوكرانيا أحد عوامل تقريب نهاية نظام بوتين.

وأشار إلى أنه بالمراهنة على فكرة أن القرن الحادي والعشرين لا يزال منظَّمًا حول إمبراطوريات كبيرة، فإن بوتين يعيش في العصر الخطأ، وأنه من خلال بحثه عن تغيير النظام في أوكرانيا، فإنه يخاطر بتعجيل تغيير النظام في موسكو.

كما أوضح أن الحرب في أوكرانيا لن تنتهي إلا بالمقاومة، مبينًا أن المقاومة الأوكرانية، حتى لو لم تكن متكافئة مع القوة العسكرية الروسية، فإنها ستنتهي بمنع هجوم بوتين، وذلك إلى جانب مقاومة المجتمع الروسي كذلك، التي انطلقت، لكن ليس بنفس سرعة تقدم القوات الروسية في أوكرانيا، لكنها ستزداد، مضيفًا: «لا يجب أن ننسى أنه مع غزو أوكرانيا، ارتكب بوتين جريمة ثقافية وتاريخية؛ برسم حدود دموية بين شعبين شقيقين، يربطهما الدين، والثقافة، واللغة».

وتابع قائلًا: «في مواجهة عمالقة القرن الحادي والعشرين؛ الولايات المتحدة الأمريكية والصين، لا تتمتع روسيا بأية ميزة، وليس لديها شيء لتحافظ عليه في المستوى، ولا تعرف كيف تحمي نفسها من الحداثة، والورقة الوحيدة المتبقية لها هي استخدام القوة الموروثة عن السلطة السوفيتية، ونظرًا لأن الوقت ينفد لدى بوتين، ولأن الاستقرار يهدده، فإنه يتخذ هذا القرار المفاجئ بقلب الطاولة، لأن الحفاظ على الاستقرار بالنسبة إليه سيؤدي إلى انهياره».

واعتبر أن بوتين شعر بأنه محاصر، واشتبه، بعد ما سمي بـ«ثورات الربيع العربي»، في رغبة الغرب في تشجيع حركة ديمقراطية من شأنها قلب النظام الروسي، ولهذا دفعت أوكرانيا ثمن اعتبار بوتين لها، بمثابة رأس حربة للهجوم الغربي، إذ ضمت روسيا في عام 2014 شبه جزيرة القرم، واندلع الصراع في دونباس بين كييف والانفصاليين الموالين لروسيا بدعم من موسكو

هكذا رحل جورباتشوف بعد تمكن من خدمة الغرب في انهيار الاتحاد السوفيتي ويدفع في نفس السياق إلى انهيار الاتحاد الروسي.