ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، كلمةً نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، في الدورة العادية الرابعة للجنة الفنية المتخصصة التابعة للاتحاد الافريقي حول الخدمة العامة والحكومات المحلية والتنمية الحضرية واللامركزية، المنعقدة بالقاهرة.
وبدأ مدبولي كلمته، بنقل تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي، للوزراء والسفراء وممثلي الاتحاد الافريقي والهيئات الأممية، معرباً عن حرص واهتمام الدولة المصرية بقيادتها وحكومتها وكافة مؤسساتها بالعمق الإفريقي، والمساهمة الفاعلة في تحقيق مستهدفات أجندة إفريقيا 2063، وترسيخ أسس ومقومات التكامل والتعاون بين دول القارة بما يحقق رفاهية شعوبها.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، إلى أن استضافة مصر لاجتماعات الدورة الرابعة للجنة الفنية المتخصصة التابعة للاتحاد الافريقي "حول الخدمة العامة والحكومات المحلية والتنمية الحضرية واللامركزية" تعكس التزامها بكل ما يحقق رفعة شأن القارة الإفريقية، في إطار تحقيق أجندة إفريقيا 2063، مؤكدًا سعي مصر لوضع كل خبراتها سواء من النواحي التنموية والحضرية والاقتصادية، أو الامنية والسياسية لخدمة الدول والحكومات الإفريقية، حيث تعد البنية التحتية والنمو الحضري وإتاحة الفرص لـ "حياة كريمة" للمجتمعات المحلية هي الأساس لمجابهة التحديات التي تواجهها أفريقيا.
وأثني مدبولي على ما توصلت إليه اجتماعات السادة الوزراء في إطار هذه اللجنة الهامة على مدار الدورات السابقة.
كما أكد أن تنمية المجتمعات المحلية والاستثمار في تطوير آليات الإدارة المحلية هو السبيل الأساسي للحفاظ على المكتسبات التنموية في أفريقيا، موضحًا أنه يمثل متطلبا رئيسيا من متطلبات مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها مجتمعاتنا المحلية في الوقت الراهن وفي المستقبل.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي في كلمته إن جمهورية مصر العربية كانت حريصة دائما على المشاركة ودعم التجمعات والفعاليات والمنتديات الإفريقية المعنية بالتنمية المحلية، كما نعتز في هذا الصدد بمشاركتنا في منظمة المدن والحكومات الإفريقية، واستضافة مقرها هنا في القاهرة، كما نعتز بمساهمتنا في إطار الاتحاد الإفريقي في مناقشة وتطوير واعتماد المواثيق ذات الصلة بالحوكمة المحلية واللامركزية وإدارة المرافق العامة.
وتابع: “يكتسب التوجه نحو دعم الإدارات المحلية واللامركزية، وتعزيز كفاءة آليات الإدارة العامة للمرافق والخدمات، أهمية كبيرة في ظل متطلبات العمل المناخي ومقتضيات التعامل مع تحديات تغير المناخ، وهي التحديات التي ستتأثر بها قارتنا الإفريقية أكثر من غيرها، على الرغم من أن مسئولية أفريقيا عن مشكلة تغير المناخ تعد محدودة للغاية مقارنة بغيرها من مناطق العالم”.
وفي هذا المنطلق أشار رئيس الوزراء إلى أن مصر في إطار استعداداتها النهائية لعقد قمة المناخ العالمية (COP27 ) بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر المقبل، والتي تستضيفها نيابة عن القارة الإفريقية ككل، ستكون حريصة تماما على أن تطرح التحديات والإشكاليات التي تواجهها القارة وحكوماتها المحلية، ورؤيتها لدعم قدراتها على التكيف مع تأثيرات تغير المناخ، والمساهمة بفاعلية في العمل المناخي، دون تأثير سلبي على حقوقها المشروعة في التنمية والنهوض، كما سيتم طرح مجموعة من المبادرات والمشروعات المتعلقة بالتكامل بين آليات الإدارة المحلية الإفريقية والتنمية المحلية المستدامة.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي، أن مصر خلال السنوات الثماني الماضية، استطاعت تحقيق نقلة تنموية غير مسبوقة على مستوى المجتمعات المحلية سواء الحضرية او الريفية، وهي نقلة كان قوامها مشروعات البنية الأساسية العملاقة، إدراكا بأن البنية التحتية هي أساس تطوير الخدمات العامة وبوابة العبور إلى التنمية الاقتصادية المستدامة، لافتا إلى أن الجهود المصرية في تطوير البنية الأساسية استندت على مستهدفات أجندة التنمية الإفريقية 2063، وهو ما ساهم في تحسّن مؤشرات أداء مصر المتعلقة بأهدافها الاستراتيجية وأهمها كفاءة البنية التحتية، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وتعزيز الاستدامة البيئية.
واستطرد مدبولي فى كلمته معبرًا عن رؤية مصر في شأن تطوير قطاعات البنية الأساسية، خاصة شبكات الطرق والنقل في مصر، كونها جزءًا من البرنامج القاري لتطوير البنية التحتية، بما يتضمنه من مشروعات طموحة، مثل مشروع محور القاهرة كيب تاون، ومشروع ربـط البحر المتوسط ببحيرة فيكتوريا، وهو ما يعد حجر الزاوية الأبرز في تحقيق الاندماج والتكامل المنشودين، وركيزة أساسية لتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية.
وأكد الدكتور مصطفى مدبوليأن ملامح التجربة التنموية المصرية وثيقة الصلة بالتنمية المحلية والتطور الحضري، حيث لم تتوقف فقط عند شبكات الطرق ومرافق خدمات البنية الأساسية وكذا الخدمات الاجتماعية، بل تخطتها الي صناعة نهضة تنموية عمرانية غير مسبوقة، ارتكزت بالأساس على إعادة الاعتبار لمناطق العمران البشري؛ لتصبح أكثر قدرة على التكيف مع تغيرات المناخ وأكثر استجابة لعناصر الاستدامة والمرونة.
ونوه مدبولي إلى أن مصر أعادت رسم وصياغة الخارطة العمرانية القومية، بما يتناسب مع مساحتها وحضارتها وخصوصية موقعها وطبيعة التحديات المناخية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها، وفق استراتيجية شاملة للتنمية العمرانية، تتضمن تأسيس وتشييد مجتمعات عمرانية ومدن جديدة على الطراز الحضاري والمعماري الحديث والمستدام، وتطوير المناطق السكنية القائمة بالفعل على أسس تخطيطية وإنشائية سليمة، تتناسب مع التغيرات المكانية والزمانية، فضلاً عن القضاء على ظاهرة البناء غير المخطط والعشوائيات واستعادة الشكل الحضاري للطرق والمباني المصرية، بما يلبي طموحات المواطنين في الارتقاء بجودة الحياة داخل المدن المصرية .
واستكمل رئيس الوزراء:" إيمانا من الدولة بالتكامل بين الريف والحضر، وفي إطار اقتناعها بالعدالة الجغرافية، فقد أطلقت الدولة المشروع القومي لتطوير وتنمية قرى الريف المصري ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، والذي يستهدف تطوير 4584 قرية، وتحسين جودة حياة نحو 60% من سكان مصر، وهو ما سيُحدث نقلة غير مسبوقة في حياة ومستوى معيشة القطاع الأكبر من المصريين، وهو ما دعانا لاعتبار هذا المشروع الطموح بمثابة مشروع القرن في مصر".
كما استعرض الدكتور مصطفى مدبولي بعض جوانب مشروع " حياة كريمة"، مؤكدا أنه ما كان من الممكن أن يتحقق لولا الإرادة القوية التي توافرت من أجل تنفيذ هذا الجهد التنموي الهائل لسكان الريف المصري بتكلفة تتجاوز قيمتها ٧٠٠ مليار جنيه.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن هذه التجربة الرائدة تتفرد في العديد من الجوانب؛ إذ تتضمن تدخلات متنوعة تغطى كافة الجوانب التنموية التي يحتاجها الريف المصري، بما فيها الاستثمار في رأس المال البشرى من خلال مشروعات التعليم والمعرفة، مع الاهتمام بالفئات الأولى بالرعاية مثل المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة، كما أنها لا تقتصر على تنفيذ مشروعات التنمية والبنية التحتية فقط، وإنما تشمل كذلك توفير وخلق فرص عمل داخل المجتمعات المحلية؛ سواء من خلال مشروعات يجري تنفيذها حاليا والتي تستقطب الأيدي العاملة في القرى وتوابعها، أو من خلال مُجمعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي يتم إقامتها، والتي تعمل على استغلال الميزات النسبية التي تتمتع بها كل قرية، بجانب توفير تدريب مهني للسكان وفتح مجالات عمل أمامهم، بما يضمن استدامة التنمية.
وأعلن الدكتور مصطفى مدبولي عن استعداد الدولة المصرية لتوفير كافة خبراتها المتاحة حول آليات تخطيط وتنفيذ مشروعات "حياة كريمة" إلى الأشقاء في دول القارة، لا سيما إذا ما تم تبنيها كمبادرة أفريقية.
واختتم رئيس الوزراء كلمته مكررًا ترحيبه بالأشقاء الأفارقة في بلدهم الثاني، وموجها الشكر للجهود المبذولة من اللجنة الثامنة بالاتحاد الافريقي وتطلعه لمخرجات هذه الدورة الهامة، وأكد على التزام الدولة المصرية بدعم كافة التوجهات الإفريقية المعنية بتحقيق التنمية المحلية.