قال الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، إن ما وصلت إليه المكتبة من نجاحات يرجع لجهود من ساهموا في إعادة إحيائها وفق أسس علمية ومعرفية سليمة، موجها الشكر للدكتور إسماعيل سراج الدين، أول مدير لمكتبة الإسكندرية الجديدة منذ افتتاحها عام 2002 لما قدمه من إسهامات، وأيضا الدكتور مصطفى الفقي مدير المكتبة السابق للعمل الكبير الذي قام به خلال الخمس سنوات الماضية في إدارة المكتبة رغم صعوبات جائحة كورونا وغيرها، مؤكدا أنه سيواصل تلك المسيرة لتستمر المكتبة في تقديم رسالتها المعرفية والتنويرية للعالم.
وأضاف خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته مكتبة الإسكندرية، اليوم الثلاثاء، إن المكتبة لا تخدم فئة معينة بل تمثل نموذجا للتعددية والتقاء الأفكار بين مختلف الثقافات، تقدم خدمة عالمية ومحلية في مجال صناعة الثقافة والاهتمام بالتراث الثقافي.
ولفت إلى أن مصر كانت دائما مصدر الفكر والتعددية، وتحديدا مدينة الإسكندرية كانت بوتقة لصهر الثقافات والآراء والأفكار وأشار إلى أن مكتبة الإسكندرية لديها إمكانيات مادية وبشرية ضخمة، وتقدم خدمات كثيرة ومتنوعة مثل القراءة والاطلاع والبحث العلمي، وقطاع المتاحف، وخدمة حفظ المخطوطات وترميمها حيث تضم ٦ آلاف مخطوط أصلي و120 ألف مخطوط مصور و١٥ ألف كتاب نادر، موضحا أن معمل ترميم المخطوطات بالمكتبة يندر أن يوجد مثله إلا القليل في العالم، ويعد بمثابة مركز خبرة عالمي لأنه ينتج المادة الخام التي تجرى بها أعمال الترميم، فضلا عن الأقمشة والأوراق التي تستخدم بدقة فائقة في هذا الشأن.
وتابع أن خدمات مكتبة الإسكندرية متاحة من أجل العالم كله موضحًا أن بعض الدول تطلب ترميم مخطوطات، وفي الوقت الحالي تعمل المكتبة على ترميم وثائق قناة السويس وعددها ١٨٦٨ مجلدا، بموجب اتفاقية مع هيئة قناة السويس لترميم تلك المجلدات. كما تملك المكتبة أيضا إمكانيات إلكترونية هائلة حيث تضم مكتبات رقمية كاملة وأرشيف هائل للصحف والمجلات، مخزنة على أجهزة ضخمة، تمكن الباحثين من إنهاء أعمالهم في وقت قصير، فضلا عن المراكز البحثية المتخصصة في الدراسات الاستراتيجية والهلنستية وبرامج المرأة والتنمية المستدامة بالإضافة إلى إدارة النشر.
وتحدث زايد عن رؤيته مع بداية توليه إدارة مكتبة الإسكندرية، مبينا أنه لا يوجد مكان بالعالم بدون تحديات، وأنه من الخطأ أن يؤمن شخص بأن كل شيء مستقر للنهاية، لافتا إلى أن جائحة كورونا خلقت تحديات كبيرة أمام المكتبة، ومنها تقليص عدد أيام الزيارات إلى 4 أيام أسبوعيا، وكذلك تقليل أعداد الزائرين في بعض الفترات بنسبة قاربت 70%.
واستكمل أن التطورات التي يشهدها العالم تمثل نوعا آخر من التحديات، وهو ما يتطلب أن تكون إدارة المكتبة على نفس القدر من السرعة والاستجابة لما يحدث على المستويات الإقليمية والدولية، مؤكدا حرص المكتبة على العمل بقدر كبير من المهنية والترابط والثقة للتعامل مع تلك التحديات.
وتطرق "زايد" إلى أفكاره لإعادة تشجيع الشباب والنشء للقراءة، كاشفًا عن تطلعاته لإطلاق مشروع لسلسلة من الكتب تحت عنوان "التراث العالمي للنشء والشباب"، يتم من خلاله نشر مطبوعات صغيرة لا يزيد أي منها عن ٤٠ صفحة تتضمن تلخيص للتاريخ الإنساني والعالمي والتراث الفلسفي من أزمنة وعصور مختلفة، مثل أعمال شكسبير ونجيب محفوظ وأرسطو وأفلاطون وغيرهم.
وتابع أنه يسعى أيضًا لعمل مسابقة قومية للقراءة، من خلال دعم سياسي وتمويل قوي، ويتقدم لها اعداد ضخمة من الشباب، ويكون للفائزين جوائز قيمة.
كما أشار إلى جهود مكتبة الإسكندرية لنشر أنشطتها المعرفية في المحافظات من خلال سفارات المعرفة التي جرى افتتاحها في مختلف الجامعات الحكومية، لافتا إلى أن تلك السفارات موجودة في كل للجامعات الحكومية ماعدا ٦ جامعات وهناك خطة للتوسع في باقي الجامعات بما يشمل الخاصة والأهلية، مشيرا إلى أن المكتبة يمكنها أن تدعم ما تقوم به الدولة من مشروعات ثقافية من خلال الاهتمام بالمثقفين بالمحافظات وتأسيس منتديات للرواية والشعر والدراما والثقافة الشعبية والتراث الشعبي المليء بالقيم والمبادئ.
وأكد دور مكتبة الإسكندرية التنويري في مواجهة التطرف مشيرا إلى أن العقول المفكرة هي القادرة على محاربة تلك الأفكار، وأن المؤسسات الثقافية تلعب دورًا كبيرًا في ترسيخ مفاهيم المثل العليا والجمال، وتعمل مكتبة الإسكندرية دائمًا على تحقيق تلك الأهداف خلال مسيرتها.