ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم /الثلاثاء/ أن موافقة صندوق النقد الدولي على صرف حزمة إنقاذ بقيمة 1.1 مليار دولار لباكستان قد تساعد إسلام أباد في التغلب على أزمتها الاقتصادية وتجنب التخلف عن سداد الديون.
وأفادت الصحيفة، في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الالكتروني،أن قرار النقد الدولي جاء بينما تزداد المعارضة الشعبية داخل باكستان على إجراءات التقشف التي اضطرت الحكومة إلى اتخاذها في الفترة الأخيرة، في محاولة لتسيير العجلة الاقتصادية للبلاد وسط تفاقم الأزمات الاقتصادية واستمرار الفيضانات المدمرة في العديد من أقاليم البلاد.
ووافق مجلس إدارة صندوق النقد الدولي في واشنطن على الإنفاق، بعد أن اتخذت حكومة رئيس الوزراء شهباز شريف إجراءات تقشفية، بما في ذلك زيادة أسعار الوقود المحلية بشكل حاد.
وكتب شريف تغريدة على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي: "الاستئناف الرسمي لبرنامج صندوق النقد الدولي هو خطوة كبيرة إلى الأمام في جهودنا لإعادة الاقتصاد الباكستاني إلى مساره الصحيح".
ومن جانبها، أكدت أنطوانيت سايح، نائبة العضو المنتدب ورئيسة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بالإنابة، أن الحفاظ على إجراءات الإصلاح في باكستان سيكون أمرًا بالغ الأهمية، وقالت حسبما نقلت عنها الصحيفة " لا يزال التنفيذ الثابت للسياسات والإصلاحات التصحيحية ضروريًا لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي ومعالجة الاختلالات وإرساء الأساس للنمو الشامل والمستدام بما في ذلك تعزيز الحوكمة في الشركات المملوكة للدولة".
وأضافت الصحيفة، أنه على الرغم من ذلك فإن إجراءات التقشف التي لا تحظى بشعبية داخل الشارع الباكستاني أثبتت أنها محفوفة بالمخاطر السياسية في وقت مضطرب للبلاد،التي يبلغ عدد سكانها 220 مليون نسمة، حيث ارتفع معدل التضخم وزادت أسعار المواد الغذائية والوقود في الأسبوع الماضي بنسبة 45 % مقارنة بالعام الذي سبقه، كما تسببت الفيضانات في مقتل أكثر من (1000) شخص، وأثرت على أكثر من 30 مليون شخص ودمرت محاصيل الأرز والقطن.
وتابعت الصحيفة: شعبية خصم شريف اللدود عمران خان، الذي أُطيح به من منصب رئيس الوزراء في أبريل الماضي مع اندلاع الأزمة الاقتصادية، وعقد حزبه "حركة الإنصاف الباكستاني" تجمعات صاخبة للمطالبة بإجراء انتخابات فورية، زادت بشكل كبير في الأيام الأخيرة،فيما تأمل الحكومة في إسلام أباد بأن توفر المساعدة المالية من صندوق النقد الدولي، وكذلك مساعدات عديدة من جانب الصين والمملكة العربية السعودية، الوقت اللازم لتخفيف حدة التضخم قبل إجراء الانتخابات في النصف الثاني من العام المقبل".
وقال وزير المالية الباكستاني مفتاح إسماعيل،في مقابلة أجراها مع "فاينانشيال تايمز":" أستطيع أن أرى لماذا لا يكون الناس متحمسين للغاية، لكن رأيي هو، إذا ترك هذا البلد أمام ديونه فسوف يتخلف حتمًا عن السداد في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر، مما ستكون الأمور أسوأ بكثير".
وأضاف إسماعيل "يمكن للحكومة الآن أن تُظهر لشعب باكستان أننا مؤهلون، وأننا نعرف كيف ندير شئوننا".
وباكستان هي واحدة من عدد من البلدان التي تواجه ضائقة اقتصادية حادة في أعقاب ارتفاع الأسعار العالمية بعد جائحة كوفيد-19 والعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، ومن بين دول جنوب آسيا، تخلفت سريلانكا عن سداد ديونها في مايو، بينما تكافح بنجلاديش ونيبال لتجنب نفس المصير.
ويتوقع المسؤولون الباكستانيون أيضًا أن تجدد المملكة العربية السعودية وديعة للبنك المركزي بقيمة 3 مليارات دولار، وأن تستثمر قطر والإمارات حوالي 3 مليارات دولار ومليار دولار على التوالي في البلاد، على الرغم من أن المحللين حذروا من أن توقيت تلك النفقات لا يزال غير واضح.
وأبرزت الصحيفة البريطانية أن أسوأ فيضانات تعرضت لها باكستان منذ عقود أدت بدورها إلى تعقيد الآفاق الاقتصادية، حيث نزح مئات الآلاف من الأشخاص في اقاليم السند وبلوشستان وخيبر باختونخوا، وهي ثلاث مقاطعات من أربع مقاطعات في باكستان، بسبب الأمطار الغزيرة.
وقالت السلطات - في هذا الشأن - إن الفيضانات قد تضر بقدرة البلاد على التعافي، وطالبت بمساعدات دولية، محذرة من أن الأضرار التي لحقت بالمحاصيل قد تزيد من تضخم أسعار الغذاء على المستووين المحلي والدولي.