عندما نتحدث عن كرة القدم فإننا بلا شك نقف أمام معشوقة العالم أجمع بمختلف أعماره ومستوياته وألوانه، فهي اللعبة التي تمتع متابعيها بلمسات فنية ساحرة للاعبيها عبر مختلف الأزمان، فمن بيليه لمارادونا وحتى ميسي ورونالدو كانت كرة القدم عالم آخر تفاعل معه جمهوره بالصيحات السعيدة وفي بعض الأحيان الحزينة.
ومن يتابع كرة القدم منذ القدم سيجزم بأنها تحولت من الساحرة المستديرة لوسيلة من وسائل الحرب النفسية والجسدية وربما وسيلة لإثارة الفتن والشغب بين أبناء الدولة الواحدة، فمع تقدم وسائل الإعلام الرياضي أصبحنا نتابع لحظة بلحظة كواليس ما قبل المباريات وما بعدها، مما فتح المجال للتعصب بين جماهير الفرق المختلفة التي تحولت من مجرد تشجيع فريقها إلى مهاجمة الخصوم سواء بالألفاظ أو الأفعال المشينة.
وهنا أتحدث عن ظاهرة التعصب الكروي والتي ظهرت في الملاعب المصرية خلال السنوات القليلة الماضية، تزامنا مع تطور وظهور القنوات الرياضية والتي كانت سببا كبيرا في ترسيخها داخل جمهور الأندية، حتى أصبحت شيئا معتادا قبل وبعد نهاية المباريات.
فمن تصريحات لمسؤولي الأندية وحروب كلامية خارجة عن النص، وحتى هتافات الجماهير لبعضهم البعض ولاعبيهم، امتلأت المدرجات بالتعصب الأعمى والذي تسبب في كوارث دموية أودت بحياة العشرات من الشباب صغار السن، واشهرها على الإطلاق حادثة ستاد بورسعيد والتي كانت ضحيتها ٧٤ مشجعا من جمهور الأهلي.
والكارثة الحقيقية أن مسؤولي الرياضة المصرية لم يتعظوا من ذلك، فاكتفوا فقط بمنع الجمهور من دخول الملاعب معتقدين أنهم بذلك سيمنعونهم من التلاحم والشعب، إلا أنهم لم يدركوا خطورة السوشيال ميديا التي شهدت خلال السنوات الماضية حربا كلامية بين جمهوري القطبين الأهلي والزمالك كانت أشرس من الهتافات المعادية بالمدرجات.
فاللوم هنا كل اللوم على هؤلاء المسؤولين عن الرياضة المصرية الذين لم يجدوا حلولا جذرية لاستئصال التعصب الأعمى من مدرجات الملاعب، بل أنهم فتحوا لأنفسهم المجال بالقنوات الرياضية لإطلاق التصريحات المعادية في محاولة الظهور ب"التريند" وتحقيق شهرة زائفة على حساب الجمهور غير الواعي لخطورة ذلك.
فإذا لم ينتبه هؤلاء المسؤولون لذلك فإننا على شفا كارثة كارثة كروية جديدة قد تشابه حادثة ملعب بورسعيد، ووقتها لن يفيد الندم لأن الخسائر قد تكون أكبر.
لذا فإننا في حاجة ماسة لنبذ كل وسائل التعصب الكروي الأعمى، بداية من تهدئة الرأي العام بين جمهور الكرة المصري بمختلف انتماءاته، وحتى زرع الروح الرياضية داخلهم، فوسائل الإعلام لها الدور الأعظم في ذلك من خلال توعية المشجعين بالدور الحقيقي لكرة القدم وأنها وسيلة للمتعة والتقارب بين المشجعين وليس وسيلة حرب وكراهية.