الانسداد السياسى لا زال المسيطر على ليبيا بعد مرور أكثر من عشر سنوات على انفجار الأزمة فى 2011، ومع ذلك لا تلوح فى الأفق أى حلول سياسية، والأوضاع الميدانية فى العاصمة الليبية عصية على الحسم النهائي وكأن الاستقرار يرفض الحضور على طاولة تفاوض تجمع الأطراف الليبية المتصارعة على السلطة.
ومن ناحية أخرى، تتسارع التطورات المهمة وتفرز تحولات في الأوضاع الليبية ميدانيًا وسياسيًا في ضوء تعاظم التدخل العسكري التركي، وأثاره السلبية إقليميًا ودوليًا فى حالة استنفار أمنى وعسكرى على مستوى لم يحدث من قبل.
فتحت الأزمة الليبية ابواب التدخل على مصرعيها في ضوء تفاعل نتائج العسكرية التركية للأزمة، وتضاءلت محاولات إحياء التسوية السياسية وباتت مصر الوحيدة التى تلعب دورًا موثوق فى نواياه السلمية خفاظًا على الأمن القومى المصرى الليبى المشترك بقيادة الرئيس السيسى.
قال محمد السلاك الناطق السابق باسم الرئاسة الليبية لـ " البوابة نيوز "، ما يحدث فى الاراضى الليبية حاليا نتيجة الانسداد السياسى المسيطر على الساحة السياسية فى ليبيا وعوامل آخرى كثيرة أبرزها التحريض الإخواني المستمر وتيار المفتى الذى يجنح الى صهينة كل من يختلف معه ويأجج ويصعد الخلافات عن قصد لكى يستمر الانسداد السياسى ولا يسير الوضع الى الانتخابات وكأنه يريد للاشتباكات القائمة فى ليبيا أن تستمر.
وأضاف “السلاك "، هدوء الفترة السابقة كان الهدوء الذى يسبق العاصفة وكان يكمن تحت الرماد نيران الصراع الجارى حاليا، لان كل طرف من اطراف الصراع كان ومازال متمسك بالوصول الى مطامعه فى تولى السلطة ولا يوجد طرف يفكر فى ليبيا ومصلحتها كدولة وشعب من حقه الاستقرار والعيش بسلام واحمل البعثة الاممية ذات النفس القصير، احملها المسؤلية فى تأجيج الصراع،فلم تقم بالدور المطلوب منها وتركت الساحة متسع للصراع على السلطة.
وثمن عبدالستار حتيتة المحلل الاستراتيجى والسياسى المتخصص فى الشأن الليبى فى تصريحاته لـ"البوابة نيوز" قوة الدور المصرى الفاعل الذى تحاول إن تقوم به مصر بقوة غير مسبوقة في الملف الليبي، وأثبتت على مدى سنوات أنها الطرف الأنزه في هذا الملف وبذلت مجهودات كبيرة لو رجعنا إلى إعلان القاهرة الذي أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي سنجد الكثير من البنود التي تم تنفيذها.
وحذر " حتيته " من مشاركة عبدالحميد الدبيبة في لعبة الإخوان الإرهابية وغض البصر عن القنوات الإرهابية المحرضة ضد إجراء الانتخابات، قائلا إن جماعة الإخوان كانت تراهن على عبدالحميد الدبيبة، وبمجرد ظهور سيف الإسلام القذافي على الساحة جعلهم يصرخون ويولولون بظهوره من جديد.
وختم عبدالستار حتيتة حديثه مؤكدًا أن مصر تريد أن تحافظ على حالة السلام وتوقف إطلاق النار وما يهمها أن يعبر الليبيون إلى بر السلام، محذرًا المنطقة من الوقوع في العديد من المشكلات لو لم تتجاوب الأطراف الليبية لتوجيهات مصر كداعم سلام وقوة عسكرية لا يستهان بها وشريك أمن قومى فى الحدود مع ليبيا يجب الاعتبار لها من كل الأطراف المتصارعة فى ليبيا.
متحدثا لـ " البوابة نيوز " قال الباحث السياسى المتخصص في الشأن الليبي خالد محمود، ما يحدث فى ليبيا من اشتباكات فى العاصمة الليبية هو حلقة جديدة من مسلسل السقوط الذى تسير فيه الشقيقة ليبيا منذ قتلت الإرهابية القذافى.
وأضاف "محمود" أن الدول الكبرى لا تسعى إلى إحلال السلم والأمن في ليبيا حتى يتثنى لهم سرقة خيرات ليبيا دون ردع من حكومة وطنية تحافظ على مقدرات الدولة، إن كل جلسة تنعقد في مجلس الأمن الدولي لبحث الأزمة الليبية لم ولن تخرج في النهاية بحلول السلم والأمن على الليبيين،وذلك وفق رغبة عدد من الدول الكبرى.
وأوضح أن وزير الخارجية الروسي أكد خلال جلسة مجلس الأمن، عدم رغبة حكومة الوفاق الليبية في التوصل لحل سياسي ويتمسكون بالحل العسكري،وصور لهم خيالهم المريض إمكانية الحل العسكري مؤكدا، أن المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، أكد مرارا وتكرارا ضرورة الحل السياسي للأزمة الراهنة بكافة السبل المتاحة والممكنة.
وأوضح رمزى الرماح المحلل الليبى لـ " البوابة نيوز "، أن الإخوان فى ليبيا يلعبون دورا رئيسيا فى الصراع الدائم لتأجيج بشكل مستمر وفج دون الالتفات الى صالح الدولة الليبية والى الحال الذى وصلت اليه وما آلت إليه الأوضاع فى العاصمة الليبية واستمرار الدعم بالأسلحة من تركيا وقطر وسط ثبات عميق من المنطقة المحيطة، فيما عدا مصر ودورها المحورى الصعب الذى تتحمله رغم الضغوط التى تتعرض لها من معظم الدول الكبرى لتترك ليبيا لقمة سائغة ليلتهم ثرواتها القوى الاستعمارية ذات الذمم المتسعة والشهية التى لا تنسد عن استغلال ثروات الـ السواحل الافريقية.
وأضاف " الرماح "، منذ الإطاحة بالقذافي ومقتله عام 2011 لم تشهد الأوضاع السياسية في ليبيا استقرارًا، وذلك نتيجة لعوامل متداخلة داخل الدولة الليبية وطبيعة تكوينها الأساسي على خلفية تباينات قبلية وعشائرية قديمة، وتناقضات جذرية في الرؤى وتوجهات سياسية يصعب تجاوزها متمثلة في غياب الإجماع وانعدام التوافق بين المكونات الاجتماعية والسياسية الليبية ولا تقبل الحلول الوسط خصوصًا مع وجود قوي ونفوذ ملحوظ في بعض المناطق الليبية إسلامية متنوعة من الإخوان والسلفية وداعش والقاعدة.
وأشار إلى، أن استمرار الاضطراب والانفلات الأمني جعل من الساحة الليبية مصدر جذب لموجات متتالية من الإرهابيين والمرتزقة من العراق وسوريا وأفغانستان. وتوج هذه العوامل بالأطماع الشخصية والتطلعات الواضحة لبعض الرموز والقادة المحليين نحو السلطة، لتتضافر معًا كل تلك العوامل وتحول دون التوصل إلى اى توافقات ولو نسبية أو صيغ سياسية تلبي مصالح الشعب الليبى.
قال دكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وعضو مجلس العلاقات الخارجية المصري ل " البوابة نيوز "، بداية العنف فى ليبيا لم تعد باشا أغا ولا الدبيبه، ولكن القضية وصلت الى افق مسدود بالفعل، حيث تتعلق بعدم وجود أى وسطاء والتدخلات الاممية الجديدة المقترحة، بعد استقالة استيفانى وليامز وصلت ليبيا الى مساحة كبيرة من التباينات.
وتابع: هنا أعتقد أن ليبيا باعتبارها شأن دولى تحتاج الى مراجعات وتحتاج الى مواقف والى اتجاهات جديدة عسكرة الازمة والوصول الى صدامات عسكرية، واعتقد هذا مؤشر جديد واستخدام العنف فى ظل وجود ميليشيات مدربة ومسلحة فى غرب ليبيا سيكون خطر كبير وجود الخطر التركى يعقد الامر، ولكن فى النهاية نرجح مايلى:
1_ الخيار العسكرى أصبح يستبق أى خيار سياسي
2_ العنف وارد وإستخدامه قد يتم بصورة كبيرة
3 - جود التسليح الكبير مما سيؤدى الى نتائج غاية فى الخطورة
4_غياب الدور الاممى وتفاقم تعقيدات المشهد الراهن