الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

انقلبت ثعبانًا وانفلق بها البحر وتفجرت المياه.. التجليات الربانية في عصى موسى

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في إطار استكمال حلقات "التجليات الربانية بالوادى المقدس طوى" منذ دخول يوسف الصديق وأهله آمنين إلى مصر ومسار نبى الله موسى بسيناء حتى الوصول إلى أعتاب المدينة المقدسة والذى يستعرضها خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار يكشف فى الحلقة الواحد والعشرون عن التجليات الربانية في عصى موسى.

ويرصد الدكتور ريحان ثلاث حكايات عن عصا نبى الله موسى، الأولى خاصة بانقلاب العصا إلى ثعبان حين مغادرة نبى الله موسى مدين يتبع موضع الكلأ ومواقع المطر حتى يتوفر له ولأغنامه الحياة لذا اقترب من موقع الوادى المقدس طوى (منطقة سانت كاترين) وهى شهيرة بالأمطار كما أنها أكثر مناطق مصر برودة حيث ترتفع 1580م فوق مستوى سطح البحر، وكل هذا يتوافق مع موقع مدين بمنطقة نبق بسيناء وموقع شجرة العليقة الملتهبة بالوادى المقدس طوى.

وبينما هو فى سيره رأى نارًا فى هذه الليلة الباردة فترك أهله للانتظار لحين إشعال قطعة خشب فى النار لتدفئة أهله أو ربما يجد عند النار من يرشده إلى الطريق لأنه من الطبيعى وجود أشخاص تشعل هذه النيران لصنع الطعام أو التدفئة، ولكنه وجد أمرًا غريبًا فالنار تشتعل فى شجرة العليقة ولا تحترق ولم يجد أحدًا من الناس بجوار النار كالعادة فأوجس فى نفسه خيفة ورجع إلى الخلف خائفًا والنار تدنو منه، فلما سمع صوتًا اطمأن لوهله ولكن مازال الخوف يخالجه من غرابة ما يرى فقال تعالى مطمئنًا عبده ونبيه "إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى" سورة طه آية 12.

ثم أراد ربه أن يهدئ من روعه فقال له وهو العالم بكل شيء  "وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى  قَالَ خُذهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى" سورة طه 17-21.

وفى هذه الحالة انقلبت العصا إلى ثعبان كبير نشط الحركة كأنه جان حتى ارتعب موسى فأمره أن يأخذها وستعود عصا، كما انقلبت العصا ثعبان حين مناظرة نبى الله موسى لملك مصر، وقد جمع أمهر السحرة فألقوا حبالهم وعصيهم فرآها نبى الله موسى حيات حقيقية  وكشف القرآن الكريم خدعتهم بأنهم يسحرون أعين الناس والدليل على ذلك مشاهدتهم لحبالهم وعصيهم كما هي "قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ" طه 66 ويؤكد القرآن الكريم أنهم يسحرون أعين الناس فقط في الآية 116 سورة الأعراف  "سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم".

ثم نأتى لذروة الأحداث حين ألقى موسى عصاه "فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ" الشعراء 45، حينها تأكد سحرة الملك بأن تحول عصا موسى إلى ثعبان معجزة وآمنوا برب العالمين وقيل أن منظر سجود 30 ألف ساحر من كافة أرجاء مصر كان مشهدًا رهيبًا « فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ  قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ» سورة الشعراء 46 – 48.

وينوه الدكتور ريحان إلى القصة الثانية حين خروج نبى الله موسى وبنى إسرائيل من مصر وقد جاء فى التوراة فى الإصحاح الرابع عشر من سفر الخروج  (فأوحى الله إليه أنهم ناجون وأن فرعون وجنده مغرقون وحال بين فرعون وبينهم وضرب موسى البحر فأجرى ريحًا شرقية قوية طول الليل حتى جعلت فى البحر طريقًا يابسة وسار فيها موسى وبنى إسرائيل على اليبس والماء كالسور على يمينهم وشمالهم).

استغل ذلك العديد من الباحثين في ربط الخروج ببركان جزيرة ثيرا وقيل أن بنى إسرائيل أفلتوا من هذا البركان بعد أن صعدوا على قمة عالية وأن مخلفات بركان ثيرا بالقرب من جزيرة كريت قد وصلت أفاريس فى شرق الدلتا طافية فوق الماء ولكنها استغرقت سنوات طويلة فى وصولها إلى مصر رغم استحالة وصول لافا بركانية من جزيرة كريت طافية حتى شمال غرب مصر متخطية البحر المتوسط، وأن هذه المخلفات البركانية لا يمكن أن تصل إلى تل الضبعة فى فاقوس عبر فرع النيل البيلوزى الذى يجرى من الشمال إلى الشمال الشرقى أى عكس اتجاه المياه فى البحر المتوسط، وهى نظرية ليس لها أساس علمى وقد ابتدعها مجموعة مانفريد بتاك ومن يعملون معه فى تل الضبعة وهم يحاولون إثبات أى دليل من التوراة بالأدلة الأثرية حتى ولو كانت بعيدة عن المنطق.

ويؤكد الدكتور ريحان أن المعجزة واضحة بنص القرآن بأن انفلاق البحر لم يكن بسبب الريح القوية بل أمر إلهى لنبى الله موسى أن يضرب البحر بعصاه فانقسم كأنه جبلين وعبر نبى الله موسى وشعبه "فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ" الشعراء 61- 63.وحين رغب موسى بنفسه أن يضرب البحر بالعصا ليعود كما كان قال له المولى اترك البحر وشأنه أي كما انفلق بمعجزة سيعود بمعجزة "وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ" الدخان 24.

ويختتم الدكتور ريحان بالمعجزة الثالثة المرتبطة بالعصا وهى تفجر مياه عيون موسى " وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ" سورة الأعراف آية 160.

وفي سورة البقرة آية 60 "وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ"، ونجد في الآيتين الكريمتين تعبير انبجست وانفجرت، لأن الانبجاس يحدث أولًا ثم يتبعه الانفجار ثانيًا، فالانبجاس أن يأتى الماء قطرة قطرة ثم يأتى الانفجار وتتدفق المياه الكثيرة فكان نبى الله موسى عليه السلام أول ما يضرب الضربة تأتى وتجىء المياه قليلة ثم تنفجر بعد ذلك، إذًا فقد تكلم الحق عن المراحل التى أعقبت الضربة فى لقطات متعددة لمظهر واحد، وبذلك فإن الضربة واحدة من عصا واحدة، وكان المفترض أن تحدث هذه الضربة عينًا واحدة تنبع منها المياه، لكن الحق أرادها اثنتى عشرة عينًا وعلم كل أناس مشربهم لذلك كان لابد أن يكون المكان متسعًا.

وأردف الدكتور ريحان أن عيون موسى تقع على بعد 35كم من نفق أحمد حمدى وعددهم 12 عين وقد أثبتت الدراسات الحديثة التى قام بها فيليب مايرسون أن المنطقة من السويس حتى عيون موسى منطقة قاحلة جدًا وجافة مما يؤكد أن بنى إسرائيل استبد بهم العطش بعد مرورهم كل هذه المنطقة حتى تفجرت لهم العيون وكان عددها 12 عين بعدد أسباط بنى إسرائيل، ولقد وصف الرّحالة الذين زاروا سيناء فى القرنين 18، 19م هذه العيون ومنهم ريتشارد بوكوك الذى وصف أربعة عيون واضحة ومياهها صالحة للشرب وهى عبارة عن آبار أنشئت على العيون في عصور لاحقة وقد تغطت باقى الآبار بالرمال ووصف أشجار النخيل بالمنطقة.

وقد تم تطوير سبعة عيون والمتبقى خمسة عيون وكانت جميعها مياه عذبة تتزود منها قوافل الحج المسيحى والإسلامى، وكان هناك ميناء على خليج السويس قرب عيون موسى استغله العثمانيون وتجار البندقية (فينيسيا) عام 1538م أيام السلطان العثمانى سليمان الثانى وقاموا بإنشاء قناة لنقل المياه من عيون موسى إلى مراكبهم بالميناء.

ويطالب الدكتور ريحان بالبحث عن العيون المختفية بعد رفع كل الرمال بالموقع حتى الوصول إلى الصخر حيث تفجرت كل العيون من الصخر نفسه وكذلك عمل فيلم وثائقى وروائى يسجل التجليات الربانية في عصا موسى حيث تمتلك أحداثًا درامية هامة ومشوقة.