التاريخ مليء بالقصص الغريبة خاصة في حياة الحكام وفترات حكمهم للبلاد المختلفة ومن اكثر القصص غرابة وجنون هي قصة الملكة "رانا فالونا الأولى" خاصة أنها قتلت نصف أهلها بأبشع الطرق من إعطاء السم إلى قطع الأطراف وشطر الجسد نصفين وصولاً إلى الغلى بالماء.
هذه الملكة التي وصف المؤرخون فترة حكمها بالفترة السوداء فى تاريخ شعب مدغشقر والتى إستمرت 33 عاماً منذ عام 1828م حتى عام 1861م، والتى حكمت بلادها بالحديد والنار تبناها الملك من عامة الشعب بعد أن ولدت من عائلة فقيرة وأثناء طفولتها كان قد تمكن والدها من إنقاذ حياة الملك حيث قام بتحذيرة من محاولة إغتيال تحاك ضده وبفضلة نجا الملك من الموت فقرر الملك مكافأة هذه العائلة الفقيرة حيث قرر الملك تبنى ابنتهم الصغيرة وضمها للعائلة الملكية وعاشت معهم فى كنف العائلة الملكية.
بعد وفاة الملك تولى العرش ابنه "رادما الأول" وتزوج “رانا فالونا” فأصبحت زوجة الملك وواحدة من زوجاته الإثنى عشر ثم توفى الملك رادما الأول عام 1828م عن عمر يناهز 35 عاماً ولكنه لم ينجب فلم يكون هنام وريث للعرش فقررت رانا الإستحواذ على العرش ولم تسمح لأحد آخر أن يأخذ العرش منها وبالفعل نجحت فى الحصول على العرش بمساندة فرقة من الجيش واعتلت العرش وقامت بقتل كل من نازعها على الحكم من العائلة الملكية.
استمر حكم رانا فالونا الأولى مدة 33 عاماً حيث اتجهت فى حكمها إلى طريقة وحشية وهمجية تسببت فى موت عدد كبير من سكان جزيرة مدغشقر وهذه الطريقة تعرف بإسم "تانجينا" نسبة إلى شجرة سامة فى مدغشقر عرفت منذ القدم حيث استخدمتها رانا فالونا فى محاكمة شعبها ومعرفة الظالم من المظلوم وإختبار مدى ولاء شعبها.
ويعد إجراء المحاكمات بواسطة إختبار التانجينا أحد الإجراءات الرئيسية التى اتبعتها رانا لحفظ النظام فى المملكة وهذا الإختبار التانجينا فلسفتة قائمة على أن يتناول المتهم السن المستخرج من شجيرات التانجينا ليحدد ما إذا كان المتهم بريئاً أم مداناً، والنبلاء والأحرار يخضع الكلاب اولاً للإختبار فكان يعطى السم أولاً لديك أو كلب فإذا مات الديك أو الكلب من تأثير السن حينئذ ويتم إعطاؤة إلى المذنب أما بالنسبة لطبقة الفقراء والعبيد يتم إعطاؤهم السم مباشرة.
وكان المتهم يتناول السم مضافاً إليه ثلاث قطع من جلد الدجاج فإذا تقيأ الثلاث قطع فهو بذلك برئ أما إذا مات أو لم يستطع التقيؤ فهذا دليل على إدانته، وتسبب إختبار التانجينا هذا فى موت حوالى 1000 شخص سنوياً فى الفترة من عام 1820 إلى 1829 م وإرتفع متوسط عدد الوفيات إلى حوالى 3000 شخص سنوياً منذ عام 1828 حتى 1861 م.
كما استخدمت أيضاً طرق وحشية أثناء تطبيق حكم الإعدام على المتهمين من تقطيع الأطراف إلى شطر الجسد نصفين وصولاً إلى الغلى فى الماء الساخن، وقامت أيضاً رانا فالونا أثناء فترة حكمها بشن حملات عسكرية على المناطق النائية من البلاد لإخضاعها كما حاربت المسيحية واتخذت إجراءات قاسية جداً ضد المسيحيين وقالت أنا لا أقبل بدين غير دينى ودين آبائى وأجدادى حيث ذات مرة أمرت بتعليق عدد من المسيحيين على أعلى جرف وقذفتهم على صخور مدببة أنهت حياتهم.
أجبرت شعبها على العمل بالسخرة فى مشاريع الدولة لتحسين البنية التحتية للبلاد ورفضت التدخل الأجنبى مما ترتب عليه موت أعداد كبيرة من العاملين بسبب قسوة المناخ، كما تعرضت البلاد للعديد من الأوبئة والمجاعات بسبب سوء الإدارة مما أدى إلى تراجع عدد سكان جزيرة مدغشقر من 5 مليون عام 1833 م إلى 2.5 مليون نسمة فقط أى نصف العدد بحلول عام 1839 م، وفى السادس عشر من أغسطس عام 1861 م فارقت رانا فالونا الحياة عن عمر يناهز 83 سنة وبعد حكم دام 33 سنة تسببت خلالها فى مقتل نصف شعبها كما كانت فترة من أقسى الفترات التى مرت بها جزيرة مدغشقر.