أكد الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش" أن الخسائر البشرية والمادية التي خلفتها الحرب في أوكرانيا مأساوية وهائلة وواضحة خاصة لأوكرانيا وشعبها، كما أن العواقب الاقتصادية على بقية العالم تُنذر بالسوء وتتزايد، مع مرور ستة أشهر على اندلاعها.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، ألقى "جوتيريش"، كلمة في مجلس الأمن الدولي، قال فيها إن هذا اليوم "يمثل معلما حزينا ومأساويا – ستة أشهر منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير، وأنه خلال هذه الفترة المدمرة، قُتل وأصيب آلاف المدنيين بجراح، من بينهم مئات الأطفال؛ وفقد عدد لا يُحصى من الآخرين أفراد أسرهم وأصدقائهم وأحبّائهم، كما شهد العالم انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي تُرتكب دون مساءلة تذكر.
وأشار "جوتيريش" إلى أن ملايين الأوكرانيين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم، وأصبحوا نازحين داخليا أو لاجئين، ومع بداية فصل الشتاء، تستمر الاحتياجات الإنسانية في التزايد بسرعة حيث يحتاج ملايين الأشخاص إلى المساعدة والحماية، موضحًا أنه من الضروري أن تتمتع الجهات الفاعلة الإنسانية في أوكرانيا بوصول آمن ودون وعوائق إلى جميع الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة، بصرف النظر عن المكان الذي يعيشون فيه.
وأكد الأمين العام أن عواقب هذه "الحرب العبثية" محسوسة خارج أوكرانيا، موضحا أننا نشهد ظهور نقاط ضعف جديدة في بيئة عالمية منهكة بالفعل بسبب النزاعات وعدم المساواة والأزمات الاقتصادية والصحية الناجمة عن الأوبئة وتغيّر المناخ – مع تأثير غير متناسب على البلدان النامية.
وقد أطلع الأمين العام أعضاء مجلس الأمن على آخر المستجدات بشأن زيارته إلى المنطقة التي شكلت "فرصة مهمة" لمتابعة الصفقة التي جلبت نوعا من الأمل خاصة للدول النامية والملايين من الأشخاص الضعفاء الذين يتحملون عبء أزمة الغذاء العالمية، وبعضهم على حافة المجاعة، وأشار إلى أن مبادرة حبوب البحر الأسود، الموقعة في إسطنبول في يوليو، تتقدم بشكل جيد، حيث تبحر عشرات السفن من الموانئ الأوكرانية وإليها، محمّلة حتى الآن بأكثر من 720 ألف طن متري من الحبوب والمنتجات الغذائية الأخرى.
وأشار "جوتيريش" إلى أنه في عام 2022، يوجد ما يكفي من الغذاء في العالم – لكن المشكلة تكمن في التوزيع العادل. وتابع يقول: "لكن إذا لم نحقق الاستقرار في سوق الأسمدة في عام 2022، فلن يكون هناك ما يكفي من الغذاء في عام 2023".
ويعتزم العديد من المزارعين حول العالم بالفعل تقليل مساحات الزراعة للموسم القادم. إذ يُعدّ الحصول على المزيد من المواد الغذائية والأسمدة من أوكرانيا وروسيا بتكاليف معقولة أمرا حيويا لزيادة تهدئة أسواق السلع الأساسية وخفض الأسعار للمستهلكين.
وأكد الأمين العام أنه على الرغم من التقدم على الجبهة الإنسانية، لا يُظهر القتال في أوكرانيا أي بوادر على الانتهاء، مع ظهور مناطق جديدة محتملة لتصعيد خطير.
وقال: "هناك مكانان حاضران دائما في ذهني – وفي مناقشاتي في أوكرانيا – وهما أولينيفكا وزابوروجيا".
وأعرب عن شعوره بقلق بالغ إزاء الوضع في أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا – زابوروجيا – وفي محيطها.
من جانبها، قالت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، "روزماري ديكارلو" إنه بعد ستة أشهر بالضبط، لا تلوح في الأفق نهاية للصراع، وأشارت إلى أن المدنيين يدفعون الثمن الباهظ لهذه الحرب، وتحدثت عمّا وثقته بعثة مراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا بشأن عدد الضحايا المدنيين والذي بلغ 13،560 منذ اندلاع الحرب. كما أعربت عن قلق الأمم المتحدة إزاء وضع أسرى الحرب على الجانبين.
ووفقا لتقديرات برنامج الأغذية العالمي، سيعاني 345 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد أو أنهم معرّضون بشدة لانعدام الأمن الغذائي في 82 دولة توجد فيها عمليات تشغيلية للبرنامج. ويمثل هذا زيادة قدرها 47 مليون شخص يعانون من الجوع الحاد بسبب التداعيات المتتالية للحرب في أوكرانيا.
وقدّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الشهر الماضي، أن ما يصل إلى 71 مليون شخص ربما دُفعوا بالفعل إلى براثن الفقر في الأشهر الثلاثة التي أعقبت اندلاع الحرب. تشمل المناطق المتضررة الرئيسية البلقان ومنطقة بحر قزوين وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ولاسيّما منطقة الساحل.