مؤخرًا قفزت أسعار الأسمدة بنسبة 30% على الأقل منذ بداية عام 2022 بالإضافة إلى زيادة بنسبة 80% العام الماضي، طبقا لبيانات البنك الدولي، حيث يشكل ارتفاع أسعار الأسمدة عالميًا ضغوطًا وتحديات كبيرة لمنتجي الأغذية والمستهلكين في جميع أنحاء القارة الافريقية الذين يواجهون بالفعل نقصا لا يقل عن 30 مليون طن من المواد الغذائية، بما في ذلك المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والذرة وفول الصويا.
ويشرح الخبراء بأن مصر ضمن الدول المصدرة للأسمدة النيتروجينية التى تمثل روح الإنتاج الغذائي. وأوضحوا، أن توفير الأسمدة المدعمة للفلاحين يجب أن تكون على أولويات الحكومة وخطوط حمراء باعتبارها أمن غذائي مصر، وطالبوا بتعديل منظمة صرف الأسمدة والقضاء على السلبيات لضمان وصول الدعم بالقطاع الزراعي لمستحقيه.
وتواجه مصر تحدي كبير في الأمن الغذائي، حيث تحتل المرتبة 61 من بين 117 دولة، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة. " حيث لا تزال القدرة على تحمل تكاليف الغذاء وجودته وسلامته تمثل تحديات مع استمرار مصر في الاعتماد على الأسواق العالمية للحصول على أكثر من نصف محاصيلها الأساسية"، وحسبما ذكر برنامج الأغذية العالمي. تكمن المشكلة في أن أسعار المواد الغذائية، التي ارتفعت بنسبة 22.3% على أساس سنوي في يونيو، ربما تستمر في مواجهة الضغوط مع استمرار ارتفاع تكاليف الأسمدة.
بدوره يقول حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين: فى مصر لا توجد أزمة أسمدة بل تمم تحقيق الاكتفاء الذاتي ويتم تصدير حوالى 35% من الأسمدة الفائضة عن الحاجة، كما يتم توفير دعم الفلاحين بأسمدة بتكلفة الإنتاج وذلك للمزارعين أصحاب الحيازات الزراعية التى يمكن لها صرف 3 شيكارة أسمدة وزن 50كيلوجرام للفدان الواحد بحسب نوع الزراعات يتم يمكن أن تزيد أو تقل شيكارة، حيث تصل الأسعار لطن السماد المدعم 4ألاف و500 جنيه أما السعر الحر يتراوح من 8إلى 9ألاف جنية ليكون الدعم قرابة 40%.
ويضيف أبوصدام لـ"البوابة نيوز": لدينا مشكلات تتمثل عدم امتلاك صغار المزارعين للحيازات الزراعية وهنا يتم حرمانهم من الدعم علاوة عن عدم كفاية السماد المدعم للزراعات وتغطية المساحات المنزرعة وهنا يلجأ المزارعين إلى السوق السوداء بأسعار مضاعفة، علاوة عن بعض المشكلات تأخير توصل السماد للموسم الصيفي فى المحافظات النائية والبعيدة وهنا يتأخر السماد في توقيت الزراعات وهنا يكون فريسة السوق السوداء.
ويواصل " أبوصدام": هناك شبهات فساد إداري فى عمليات توزيع الأسمدة فى مصر خاصة أننا نجد السماد المدعم مطروح للبيع فى السوق السوداء وذلك بسبب فساد بعض الموظفين أو أصحاب الحيازات التى لا تزرع وتقوم بصرف الحصص الخاصة بها وتعيد بيعها مع التجار وقد تكون الأرض خرجت من حيازته فعليًا، ويبقى الحل فى عمل مسح شامل لكل الزراعات على أرض الواقع.
ويبدو أن الأزمة لها طابع دولي الأمر الذى دفع مؤسسات مالية دولية تتعهد بتقديم الدعم لمنتجي الأغذية الأفارقة: قال البنك الدولي في وقت سابق من هذا العام إنه سيخصص 30 مليار دولار على مدار 15 شهرا بدءا من مايو لمكافحة "الآثار المدمرة" لتزايد انعدام الأمن الغذائي حول العالم.
وهنا يعلق الدكتور جمال صيام، أستاذ اقتصاد زراعي: تعتبر مصر ضمن الدول المصدرة للأسمدة النيتروجينية مثل " اليوريا وسلفات الأمونيم ونترات الأمونيم" وقد يحمل المستقبل في طياته أرقام أكثر وذلك لأننا نمتلك الغاز الطبيعي الذى يمثل 60 إلى 70% من الأسمدة النيتروجينية حيث يتطلب الفدان الواحد من الذره 4 شيكارة سماد وزن 50 كجم و3 شيكارة للقمح، وقد تم بيع جزء من الأسهم بالحصة الحكومية بمصانع "موبكو وأبو قير" ولكن الأهم في جميع الحالات لابد على الحكومة المصرية أن تلتزم بشكل كامل بتوفير السماد المدعم للمزارعين.
ويحذر "صيام" في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" قائلًا: في حالة ارتفاع أسعار الأسمدة بالسوق المحلي سيكون هناك فقدان للإنتاج بنسب تتراوح من 40إلى 50% كما تفضل كبريات الشركات بمجال إنتاج الاسمدة التصدير عنه عن الانتاج المحلي الأمر الذى ترفضه الحكومة واشترطت بالسابق أن تلتزم إنتاج الشركات بتوفير 55% للانتاج المحلي و45% للتصدير وهذا يتم في الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام.
جدير بالذكر هناك تسهيل أخر من البنك الأفريقي للتنمية بقيمة 1.5 مليار دولار الذي أعلن عنه في وقت سابق من هذا العام لمساعدة الدول الأفريقية على تجنب "أزمة الغذاء التي تلوح في الأفق"، وسيشمل جزء منها تزويد 20 مليون مزارع أفريقي من أصحاب الحيازات الصغيرة بالبذور والأسمدة لمساعدتهم في زراعة حوالي 38 مليون طن من المواد الغذائية. ومن المتوقع أن تحصل مصر على 174 مليون دولار من تلك المبالغ بالإضافة إلى 97 مليون دولار منفصلة من بنك التنمية الأفريقي الذي سيكون مسؤولا جزئيا عن تقديم إعفاءات ضريبية بنسبة 30-50% لمنتجي الهيدروجين الأخضر والأمونيا الأخضر لزيادة إنتاج الأسمدة.