شهد حي الأسمرات بمحافظة القاهرة، الثلاثاء، فاعلية التوعية بمخاطر زواج الأطفال بمسرح المؤسسة القومية بحي الاسمرات، في اليوم الختامي لحملة جوازها قبل 18 يضيع حقوقها، والتي شهدت حضور العديد من النساء وأصحاب التجارب السلبية والايجابية لتجربة الزواج قبل سن 18 عاما، وهو ما يشير إلى زيادة وعى الكثيرين بأهداف الحملة.
وبدأت فاعلية التوعية بمخاطر زواج الأطفال في حي الأسمرات، بكلمة الدكتور أحمد عبد الرحمن وكيل وزارة التضامن الاجتماعي، والذي أشاد بالتنظيم المميز بمسرح المؤسسة القومية بحي الاسمرات كما وجه الشكر إلى جميع المشاركين في الفاعلية والمجهود المبذول لتنظيمها بالشكل المميز الذي ظهرت به.
وأشار أحمد عبد الرحمن، أننا نعاني في بعض الأماكن داخل جمهورية مصر العربية من انتشار ثقافة زواج الفتاة قبل سن 18 عاما، ولكن مع انتشار حملة جوازها قبل 18 يضيع حقوقها بدأ الوعي ينتشر في العديد من الأسر المصرية بمخاطر زواج الأطفال.
ومن جانبها، قالت عزة فخري، استشاري التأهيل النفسي بالفن التشكيلي للأشخاص ذوي الإعاقة، إنها شعرت بالسعادة عند الوصول لحي الأسمرات بسبب الروح الإيجابية المنتشرة في المكان.
وأشارت إلى أنها ترى أن أكثر داعم لقضية زواجها قبل 18 يضيع حقوقها، هو الرجل سواء كان أب أو أخ، وأن طبيعة عملها قائمة على عملية التأهيل النفسي للأطفال والتعبير عن مشاكلهم عن طريق الرسم، حيث إن هناك أدوات أخرى قد يعبر من خلالها الأطفال عن مشاكلهم غير الرسم مثل الخط والموسيقى.
وأكدت فخري على أهمية دور الفن لتوعية الأطفال، وتوعية الفتيات الصغيرة في السن بأن هدفها الأساسي في هذه المرحلة من عمرها هو التعليم، والرسم يلعب دورا كبيرا للتوعية بالعديد من المخاطر والقضايا، حيث انهم يوجهون الأطفال عن طريق الرسم لقضايا معينة ومن محاربة التحرش ومخاطر زواج الأطفال وغيرها من القضايا، كما أنهم يعملون على تعليمهم بعض الحرف اليدوية التي قد تصبح مصدر لتحسين الدخل بجانب الترفيه، وفي نهاية كلمتها حرصت عزة فخري على توجيه الشكر لوزارة التضامن الاجتماعى على تنظيم الفاعلية.
المخاطر الصحية لزواج الأطفال
وتحدث الدكتور إبراهيم حبيش، عضو جمعية الهلال الأحمر المصري، عن المخاطر الصحية لزواج الفتاة قبل 18 عاما، وبدأ كلمته بتعريف الطفل في القانون المصري، حيث أن الطفل هو من دون سن 18 عام، حتى لو كانت بنيته الجسمانية أكبر من هذا السن، فيجب أن يعامل على أنه طفل.
وأوضح حبيش أن ظهور علامات البلوغ على بعض الفتيات قبل سن 18 عاما لا يعني أنها قادرة على الزواج، لأن الجهاز التناسلي للفتاة لا يكتمل إلا عند سن 19 عام، وهو ما يعني أن زواج الفتاة قبل سن 18 عاما، فمن المؤكد أنها سوف تعاني من العديد من المشاكل الصحية، وإذا حدث حمل في سن الطفولة فسوف تعاني من العديد من المشاكل الصحية خلال فترة الحمل بسبب أن جسمها لم يكتمل نموه، لأنها ستكون غير قادرة عن تغذية نفسها وتغذية طفلها خلال فترة الحمل.
وأشار حبيش إلى أن العديد من حالات الزواج قبل سن 18 عاما، عانت من عدد من المشاكل الشائعة، مثل حدوث نزيف وأنيميا حادة بعد الولادة، كما أنه في الكثير من الأحيان يحدث وفاة للطفل، كما أن الأم نفسها قد تتعرض لخطر الوفاة عند الولادة، لتقاطعه إحدى السيدات المتواجدات بالقاعة والتي أشارت إلى أن ابنة أختها توفت عند الولادة بسبب زواجها المبكر في سن 14 عاما.
وتابع، بأن الأم إذا أنجبت طفل في سن الطفولة دون مشاكل في الولادة، فأنها سوف تعاني بعد ذلك من عدة مشاكل صحية، حيث أن أربطة الرحم لم تكتمل النمو، وبالطبع مع حدوث الولادة في سن مبكر فأنها سوف تعاني من سقوط الرحم، كما أن الطفل يولد غالبا غير مكتمل النمو نظرا لضعف جسد والدته، فلا يصله الغذاء الكافي كما أنه يولد غالبا قبل موعده ويواجه العديد من المشاكل الصحية بعد الولادة، بإلاضافة إلى أن الأم تكون غير قادرة على توفير الرعاية الصحية للطفل إذا انفصلت عن زوجها.
رأي الدين في زواج الأطفال
قال الشيخ بدر سلطان محمد، إمام وخطيب، إن هناك عددا من الأسباب التي تدفع بعض الأسر إلى زواج الفتاة قبل سن الـ 18، من ضمنها كثرة عدد الأطفال والظروف المعيشية.
وأشار سلطان إلى أن الرجل يسأل عن ابنائه يوم القيامة لأنهم مسئولون منه، والزواج المبكر حرام شرعا لما يترتب عليه من آثار سلبية، ومن يزوج ابنته قبل 18 عاما يلقي بابنته إلى التهلكة، لأن الأسرة قائمة على الرجل والمرأة.
زواج الأطفال من منظور قانوني وحقوقي
تحدثت المحامية اعتدال فوزي مختار، أن هناك فرقا بين زواج الأطفال وزواج القاصرات، لأن القاصرات هم من تحت سن الـ21، ولكن الأطفال هم من تحت سن الـ18.
وأشارت اعتدال إلى أن القانون يمنع تحرير عقد زواج لمن هم دون سن الـ18، وهو ما يعرض الفتاة إلى العديد من المشاكل القانونية في المستقبل، حيث إنه في بعض الحالات عندما يولد الطفل يضطر الأهل إلى تسجيل الطفل باسم الجد أو الأخت، وبالتالي يحدث خلط للأنساب، كما أنه في بعض الحالات قد لا يتم تسجيل الطفل من الأساس، كما أنها لا تحصل على أي من حقوقها إذا حدث إنفصال أو وفاة للزوج لأنها لا تستطيع الحصول على أي من حقوقها سواء نفقة أو مكان تعيش به إذا كانت حاضنة للأطفال، بجانب أنها لن تحصل على مؤخر الصداق وباقي حقوقها، وبالطبع لن تستطيع الحصول على كل هذا بسبب عدم توثيق عقد الزواج، وتصبح تحت رحمة الزوج، مشيرة إلى أن القانون لم يفرق بين الولد والبنت، الزواج، حيث إن كل من الولد والبنت لا يستطيعوا الزواج قبل سن الـ 18.
وأضافت اعتدال، أن هناك مشروعا جديدا تم البدء في تطبيقه في إبريل 2022، حيث إنه بالرغم من أنه لا يجوز التوثيق على عقد الزواج قبل سن الـ18، إلا أن القاضي سمح بتوثيق عقد الزواج للأطفال، ولكن بشرط، وهو أن يعاقب ولي الأمر والقائمين على هذا الزواج، كما أن المأذون أصبح ملزم بإخطار النيابة مباشرة في حالة حدوث جريمة الزواج المبكر في منطقته، حيث أن القانون الجديد ينص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن ٥٠ ألف في حالة التحريض على زواج الأطفال، ويعاقب في حالة التحريض كل من الزوج اذا كان عمره أكبر من 18 عاما، وولي الأمر والمأذون والمحامي الذي حرر عقد الزواج، كما يعاقب أيضا والشهود في حالة اتمام الزواج، بجانب عزل المأذون عن منصبة، كما أنه في حالة التحريض على جريمة زواج الأطفال ولم يتم الزواج يعاقب المحرضون بنفس العقوبات وتسحب وصاية الأب، مشيرة إلى أن القانون الجديد أتاح للفتاةفرصة الحصول على حقوقها، حيث إنه بالماضي كانت قوانين النصب والتزوير هي الطريقة الوحيدة لمعاقبة المحرضون على جريمة الزواج المبكر، نظرا لأنه في بعض الأحيان كان يتم تزوير بعض عقود الزواج.
وأوضحت اعتدال، أن الطفل معافي من أي مسئولية جنائية سواء كان ذكر أو أنثي، أي أنه إذا تزوج طفل عمرة أقل من 18 عاما من امرأة أكبر من 18 فأن الطفل لن يعاقب وتعاقب زوجته إذا كانت أكبر من 18 عاما.
فيلم قصير عن مخاطر زواج الأطفال
وشهدت فاعلية التوعية بمخاطر زواج الأطفال في حي الأسمرات، عرض فيلم قصير عن مخاطر زواج الأطفال، حيث بدأت أحداث الفيلم بمشهد لطفلة صغيرة تحمل طفلها الرضيع وتشاهد الأطفال وهم يلعبون في الشارع، ثم تتدحث مع والدتها عن عدم استطاعتها رعاية ابنها وإرضاعه، ثم يظهر بعد ذلك والدها وهو يتوسط في أن تتزوج ابنة أخية الطالبة في المرحلة الإعدادية، ورغم عدم اقتناع والدها في أن تتزوج في البداية إلا أن الحالة المادية المميزة للمتقدم للزواج منها، دفعت والدها إلى الموافقة على زواجها رغم أنها لم تبلغ سن الـ 18، ليجبرها والدها على الزواج رغم رفضها ورغبتها في أن تسكتمل دراستها.
ورغم محاولة مدرسة الطفلة وبعض الجيران في إقناع الأب بعدم التسرع في أن تتزوج ابنته في هذا السن وأن تستكمل دراستها، إلا أنه أصر على أن تتزوج في سن صغير، وقبل زواجها تتعرض ابنة عمها التي تزوجت قبل 18 عاما لأزومة صحية ونزيف بسبب زواجها في سن الطفولة، وهو ما يدفع الأب حينها إلى التراجع عن فكرة زواج ابنته قبل سن الـ 18.
الضحايا يتحدثن عن تفاصيل مأساتهن
والتقت "البوابة نيوز" بعدد من ضحايا الزواج المبكر بحي الأسمرات، واللاتي كشفن عن معاناتهن مع الزواج المبكر قبل 18 عاما، وكيف تفاعلن مع حملة جوازها قبل 18 يضيع حقوقها.
وقالت سماح، إحدى ضحايا الزواج المبكر قبل 18 عاما، أنها تزوجت في سن صغير عندما كان عمرها 14 عاما، وزوجت ابنتها أيضا في سن صغير قبل أن تبلغ سن الـ 18، ولكنها أضطرت إلى أن تزوج ابنتها في سن صغير بسبب سوء الأحوال المعيشية.
وأشارت سماح إلى أنها واجههت العديد من المشاكل في حياتها بسبب زواجها في سن صغير، متمنية إلا يتعرض أحد لما تعرضت له، ورغم تجربتها الصعبة إلا أن الظروف دفعتها إلى أن تزوج ابنتها في سن صغير مثلها، معربة عن ندمها بسبب أنها زوجت ابنتها في سن صغير، موجهة نصيحة إلى كافة أولياء الأمور بعد تكرار تجربتها وعدم إجبار بناتهم على الزواج قبل سن 18 عاما، وأن يتقوا الله في بناتهم وألا تتزوج الفتاة قبل أن تتم سن الـ 18.
وقالت سهام، والدة إحدى الحالات الإيجابية لتجربة الزواج قبل 18 عاما، أن ابنتها كانت في الصف الثاني الإعدادي بعد وفاة والدها، ثم تم خطبتها لابن صديق والدها، وظلت مخطوبة له لمدة عامين، وكان من المفترض أن تتزوج منه قبل سن الـ18، ولكنها لم تنجح في التفاهم معه نظرا لأنها لم تنضج بعد بسبب صغر سنها، وواجهت العديد من المشاكل مع خطيبها لأنها في النهاية طفلة، وكانت حينها ترغب في أن تتزوج ابنتها نظرا للمسئولية الكبيرة لتربية البنات.
وأضافت سهام، إلى أن ابنها تحدث معها حول عدم التسرع في زواجها، وإعطاء الفرصة الكاملة لها في التعليم، لتقرر أن تفسخ خطبتها بعد عامين واستكملت ابنتها تعليمها، وانتظر إلى أن تنضج ابنتها، ثم تقدم لها بعد أن نضجت شخص أخر مناسب وهو زوجها الحالي، واستطاعت أن تتفاهم معه بسهولة، نظرا لأنها حينها كانت أكبر سنا وأكثر نضجا، وهي حاليا تعيش حياة مستقرة وسعيدة مع زوجها.
ووجهت في النهاية نصيحة إلى جميع الأمهات بعدم تزويج بناتهن قبل سن الـ 18، لأن الأم هي من تتحمل المسئولية في النهاية، وفي كثير من الأحيان يحدث انفصال بسبب الزواج المبكر وحينها ستتحمل الأم مسئولية الابنة وأطفالها.
ومن جانبها قالت زينب، والتي تبلغ من العمر 21 عاما، وهي إحدى ضحايا تجربة الزواج قبل 18، أن لديها ابنتين رغم صغر سنها، وزادت معاناتها بعد وفاة زوجها، حيث أن جميع من يراها لا يصدق أنها أرملة ولديها ابنتان في هذا السن الصغيرة.
وأشارت زينب إلى أنها حاليا غير قادرة على رعاية بناتها، حيث أنها لن تستطيع العمل ورعاية بناتها في هذا السن الصغير، وهي حاليا تعيش في منزل والدها مع بناتها، مؤكدة أنها لن تكرر الجريمة التي ارتكبها أهلها معها في الماضي مع بناتها، وسوف تعمل على توفير تعليم ومعيشة جيدة لبناتها ولن تزوجهم قبل أن يتخطوا سن العشرين ويصبحوا قادرين على تحمل المسئولية.
وقالت عفاف، وهي إحدى ضحايا الزواج المبكر، أنها عانت كثيرا بسبب أنها تزوجت في سن الـ 16، حيث أنها لم تكن قادرة على تحمل مسئولية رعاية أسرة حينها، مشيرة إلى أنها تزوجت في هذا السن الصغيرة بسبب سوء الأحوال المعيشية، حيث أضطرت أسرتها إلى تزويجها في هذا السن الصغيرة من أجل رفع أعبائها المادية من عليهم.
وقالت إحدى المشاركات في فاعلية التوعية بمخاطر زواج الأطفال في حي الأسمرات، إلى انها زوجت ابنتها الكبري في سن الـ 17، ولكن ابنتها عانت كثيرا في زواجها بسبب الزواج في سن صغيرة وعدم قرتها على تحمل المسئولية، لتقرر أن لا تتسرع في أن تتزوج ابنتيها الأصغر سنا حتى يستكملا تعليمهما ويصبحن قادرات على تحمل المسئولية.
وتحدثت بعض الحالات الإيجايبة عن تفاصيل تجاربهم، حيث قالت إحدى المشاركات في الفاعلية، إن ابنتها تقدم لها عريس عندما كان عمرها 16 عاما، ولكنها رفضت أن تزوجها في هذا السن الصغير، وانتظرت حتى تنتهي من تعليمها، مشيرة إلى أن ابنتها تزوجت مؤخرا عندما أتمت عامها الـ ٢٢.
وأطلقت وزارة التضامن الاجتماعى برئاسة الدكتورة نيفين القباج حملة جوازها قبل 18 يضيّع حقوقها، فى إطار برنامج وعى للتنمية المجتمعية، في يونيو الماضي، بهدف توعية الأسر الأولى بالرعاية بخطر الزواج فى سن مبكرة تحت 18 عامًا، وتكوين رأى عام مناهض لزواج الأطفال، وتوضيح ما ينتج عنه من أخطار صحية واجتماعية خاصة للإناث، نتيجة مخاطر الحمل والولادة فى تلك السن كما تجوب المحافظات من خلال جولات ميدانية وعقد ندوات تثقيفية للأهالي والفتيات في عدد من محافظات الجمهورية.