لم تمنعها التجاعيد الكثيرة التى سيطرت على ملامح عزيزة التى تبلغ من العمر ٧٦ عامًا، من ممارسة المهنة التى رافقتها طوال رحلتها، فتلك اليد المرتجة تحمل أكواب الشاى على صينية صغيرة وتمر بين الشوارع.
«عزيزة إبراهيم عامر» البالغة من العمر ٧٦ عامًا، جاءت من المنوفية إلى قاهرة المعز، وعملت فى مقهى قبل أكثر من ٥٠ عامًا، بجوار المشهد الحسينى فى البداية ولكن مع مرور الوقت استطاعت أن تستقر فى مكانها بأحد الحوارى القديمة فى المنطقة: «كان عندى خمس بنات بصرف عليهم من شغلي، وبالفعل جوزتهم كلهم الحمد لله».
لم يبق زوج «عزيزة» ورفيق دربها برفقتها كثيرا، ولكن روحه صعدت إلى بارئها لتكمل وحدها تلك المأساة التى عاشتها طوال هذه الأعوام: «لما جوزى مات كملت لوحدى وبعدين جوزت كل بناتى واتجوزت من أخو زوجي، واستأجرنا المقهى ده بـ١٠٠٠ جنيه، غير المياه والكهرباء حاليًا».
لم يكن أحد يقف ليعلم «عزيزة» تلك المهنة لكنها اكتسبتها من خلال العمل والجهد المتواصل، ولكن مع تقدم العمر وتدهور الصحة صار المقهى قديمًا للغاية ما جلعها تعانى الأمرين من العمل الذى تعمله الآن: «الدنيا نايمة قوى والشغل على قده يعنى بشتغل من ٩ الصبح بنزل أسخن الماية وأرش وأجهز لحد جوزى ما ينزل يستلم منى اللى بيشتغل بالليل».
تعانى السيدة السبعينية من العديد من الأمراض ولكن رغم ذلك لا تكل ولا تمل من العمل طوال الوقت: «العمل والشغل أحسن من القعدة فى البيت، حتى أقدر أجيب علاجي، وحتى القبض وقف معتش بقبض، بحجة إنى واقفة فى قهوة وقفوا القبض بتاعي، وربنا العاطي».
يوم السيدة السبعينية يبدأ بالكفاح وينتهى أيضًا بالكفاح: «بقوم الصبح بدرى أنزل اشتغل فى القهوة، لحد الساعة ٩ بالليل ولو الدنيا شغالة بفضل واقفة مع زوجي، وبعدين أرجع أشوف شغل البيت بقى ولو كنت هطبخ حاجة لزوجى يأكلها، واليوم ممكن أعمل ٢٠٠ جنيه، أغير منهم الأنبوبة وأجيب المطالب، اليوم يصفى معايا على ٧٠ جنيه مثلًا، ولكن لا نقول إلا ما يرضى ربنا، أول ما اشتغلت كنت ببيع الشاى بتعريفة دلوقتى بـ٤ جنيه ومش مكفى المصاريف».