يبدو أن الإعلامى الكبير عماد الدين أديب، يشعُر بإحباط شديد منذ فترة ليست قصيرة، ويبدو أيضًا أن هذا الإحباط الشديد تَمَكَن منه وسيطر عليه لدرجة أنه يقول نصًا ( يا ويلنا فى الشهور القادمة )، هذا وقد تحوَل الإحباط الكامن بداخله إلى تشاؤم مُلفِت للنظر وهو الأمر الذى جعله يرتدي دائمًا "نظارة سوداء" شَوَهت رؤيته لكل شيء فى مصر،هذه هى مشكلة الأستاذ عماد الدين أديب الحقيقية من وجهه نظرى.
.. إيه الحكاية ؟، الحكاية بإختصار إن الإعلامى "عماد الدين أديب" يكتب منذ فترة مقالًا إسبوعيًا فى إحدى المواقع الإلكترونية الناشئة، عادةً يكون المقال مدح وشُكر وتهليل وتطبيل وتزمير فى الآخرين ويكتُب نقد وحملات تقطيع وهجوم على مصر، والمؤسف أن هذا النقد غير حيادى وغير مُنصِف وغير واقعى لأنه بحسب تأكيداته أنه "تحليل سياسي وقراءة مُستقبلية للأحداث"، وللحق أقول: إن التحليل السياسي والقراءة المِستقبلية لهما أصول ومناهج وأعراف درسناها فى العلوم السياسية وتعلمناها من أساتذتنا العظام.. وبصراحة: فقد تخلى الإعلامى عماد الدين أديب عن المنهج الصحيح لكى يتنبأ بالمستقبل الإقتصادى والسياسي فى مصر لأنه لم يذكُر أرقام رسمية ولم يرصد أوضاع حقيقية نعيشها ونراها أمامنا على أرض الواقع
.. إسبوعيًا وتحديدًا يوم "الأحد" يمسك عماد الدين أديب قلمه ليكتُب مقالة لينال من الأوضاع فى مصر وليُشَكِك فى الإجراءات التى تقوم بها مصر ولينشُر الإحباط _ الذى يعتريه _ بيننا، يكتب مقالة وليُنَصِب نفسه الخبير الأوحد الذى يقول لنا: إفعلوا هذا ولا تفعلوا هذا وقَرروا هذا ولا تُقرِروا هذا، يكتُب مقالة وكأنه "حكيم" فى الإقتصاد والسياسة والعلاقات الدولية والشئون الإحتماعية جمعاء، يكتُب مقالة وكأنه الناصح الأمين الذى يقول كلمته وعلينا التنفيذ دون نقاش، يكتُب مقالة وهو يُجاهِد من أجل إشعارنا بأنه الصحفى الأوحد الذى مازال يعيش فى جلباب الأستاذ محمد حسنين هيكل وهو بعيد كل البُعد عن هذا التشبيه، يكتُب ويكتُب ويكتُب كلامًا فى الهواء ونحن نعرِف أنه له أغراضه الغير حميدة وهى مُجرد بحث عن دور وبحث عن مكان فى الصفوف الأمامية التى ضاعت منه ولن يحصل عليها مَهما كتب ومَهما قال ومَهما هاجم ومَهما وقف على رأسه ومَهما لعب على كل الحبال ومَهما أوهمنا بأنه فقط صاحب الرأى السديد وعلينا فقط "السمع والطاعة"
.. بحسب مقال كتبه "عماد الدين أديب" فى ١٢ يونيو الماضى يقول فيه نصًا: نحن أمام إحتمالين لا ثالث لهما ( إما حصول مصر على دعم عربى مُنظم ومحسوب أو عدم إستقرار يؤدى لضغط سياسى وإجتماعى يُعيد حالة الفوضى مثلما حدثت فى ٢٥ يناير ٢٠١١ ولن يستطع أحد توقُع ردود فِعِل القوى الشعبية الداخلية وبدأ كابوس النزوح البرى الكبير عبر الحدود مع ليبيا وفلسطين والسودان وبدأ الهجرة بالملايين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا وعبر البحر الأحمر إلى دول الخليج ).. ما كل هذا الإحباط يا أستاذ عماد أديب ؟، اسمح لى بأن أقول لك: لقد ظلمت شعب مصر بعد أن ظننت _ وبعض الظن إثم _ أنه من الممكن أن ينزح للحدود ويهرب من بلده، فقد تعودنا _ أبًا عن جِد _ بأن "نأكُلها بِدُقَه" ونكافح للحصول على لقمة العيش ولا نترك مصرنا الحبيبة أبدًا.. فوِفقًا للتقارير الدولية الرسمية فإن مصر إستقبلت ( ٦ ) مليون لاجيء ويعيشون فى أمان وسلام وهناك ما يقرب من ( ٢٠٩ ) ألف طلب لجوء إلى مصر ومعظمهم من البلدان التى يتصاعد فيها الصراعات والحروب والاضطهاد والكوارث.. "مصر" يا "أستاذ عماد" تستقبل اللاجئين ولا يمكن أن يكون أهلها لاجئين، هذه ثقتى ويقيني فى شعب صامد مكافح عانى فى نكسة ١٩٦٧ وظل يربط الحزام حتى حارب وإنتصر.
.. والأسبوع الماضى كتب الأستاذ عماد الدين أديب مقالًا بعنوان ( ١٤ سببًا لسقوط الحُكام والأنظمة ) احتفى به أعداء الوطن فى قنواتهم ومواقعهم الإلكترونية، المقال _ كالعادة _ محاولة من فى الصيد فى الماء العكر وليُعلِن عن أنه يتنبأ بحدوث إضطرابات اجتماعية من الآن وحتى منتصف العام المقبل وللتلقيح على الرؤساء ورجالهم فى الحُكم وللأجهزة التى تدير البلاد بل والتشكيك فيها، وللإنصاف: لم يكن عماد الدين أديب شجاعًا بالقدر الكافٍ لأنه لم يذكر إسم دولة أو رئيس لكنه سمح لنفسه بوضع كل الرؤساء والأنظمة فى سلة واحدة وهذا هو "عدم الإنصاف" بعينه
.. وأمس كتب مقالًا فَنَد فيه الأزمة الإقتصادية العالمية وتأثيراتها وقال نصًا: يا ويلنا فى الشهور القادمة.. لهذا دعونا نعترف بأن العالم يتعرض لهزة إقتصادية ودورنا أن نتكاتف من أجل عبور هذه الأزمة مثلما عَبرنا أزمات سابقة، عبرنا "أزمة كورونا" بسلام وبأقل الخسائر، وجاءت "أزمة الحرب الروسية الأوكرانية" وبالًا على العالم.. إن "مصر" لا تعيش بمعزِل عن العالم وتتأثر بالأزمة مثلما تأثرت باقى الدول، لكن ما يهمنا هنا التأكيد على جهود الدولة المصرية لمواجهة الأزمة وما حققته وما تسعى لتحقيقه لتفادى آثار هذه الأزمة بمزيد من التخطيط والعمل والإنجاز والتفاؤل ودون إحباط يا أستاذ عماد لأن "الإحباط" مُدَمِر ولن يُفيد
.. لذلك أدعوك يا أستاذ عماد بأن ( تُراجِع نفسك، راجِع معلوماتك، راجِع مواقِفك، راجِع رؤيتك، تخلى عن الإحباط، وإخلع "النظارة السوداء" التى ترتديها لكى ترى الأوضاع الحقيقية دون تهويل أو تهوين، فليس عيبًا أن تُخطيء فى التشخيص أو أن تكون رؤيتك للأوضاع منقوصة، إطمئِن فلن تعود الفوضى ولن تُفلِس مصر لأننا ذوقنا مرارة الفوضى ولن نسمح بها، أما "الحرب الإقتصادية" التى تحدثت عنها فهى بالنسبة لنا حربًا تعودنا عليها، وتعودنا _ أيضًا _ أن نستغنى عن كل شيء إلا الوطن وتراب الوطن وحضن الوطن الذى تفتقده شعوب كثيرة، لأننا نحمد الله على نِعمة الوطن مهما كانت الظروف والأزمات والمخاطر المحيطة بالوطن ).