انتهت الأجواء الاحتفالية، التي عاشها الأقباط الأرثوذكس على مدار أسبوعين على التوالي، وكانت بمناسبة صوم العذراء مريم، وبدأ الصوم في 7 أغسطس، واستمر لمدة 15 يوما.
ويأتي الصيام بمناسبة ذكرى صعود جسد السيدة العذراء مريم إلى السماء، حسب المعتقد المسيحي، ويُعتبر الصيام من الدرجة الثانية بين أصوام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ويسمح به أكل الأسماك، بالإضافة إلى الأكلات النباتية ويمنع أكل اللحوم والألبان وكل المنتجات الحيوانية كباقي الأصوام.
وتحظي السيدة العذراء مريم بمكانة كبيرة في قلوب المصريين، وهم أيضا يحظون بمكانة كبيرة لديها، فقد وطأت قدميها أرض مصر وتجولت في شوارعها، وتجلت في سمائها عدة مرات؛ لذلك مكانتها كبيرة، وذكرياتها ما زالت محفورة فى أذهان شعب مصر، لذلك إحياء ذكراها أمر اعتاد عليه المصريون في أي مناسبة ترتبط باسمها، وتحقق قولها في الكتاب المقدس (فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني) لو48:1.
ووضع الراحل البابا شنودة الثالث “معلم الأجيال” فصل كامل عن اللقاب ورموز العذراء مريم في كتاب تحت اسم "العذراء مريم" ونستمد ألقاب والتأملات من هذا الكتاب ونستعرضها.
ألقاب وتأملات
- أم النور: ويرجع ذلك اللقب لأن العذراء مريم حملت المسيح في بطنها، وقيل عن المسيح في الكتاب المقدس إنه "النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان" (يو 1: 9).
- أمنا يا عذراء: ويرجع ذلك القب لقول السيد المسيح للتلميذه القديس يوحنا الحبيب ≫هذه أمك≪ (يو19: 27)، فتشبها الجميع بمكانة يوحنا الإنجيلي لدي العذراء.
- العروس: لأنها العروس الذي اختارها الله من بين نساء البشر حتي تحبل بالسيد المسيح، وتحقق فيها ذلك في مزمور 84 لداود النبي: اسمعي يا ابنتي وانظري، وأميلي أذنك، وانسي شعبك وبيت أبيك. فإن الملك قد اشتهى حسنك، لأنه ربك وله تسجدين ولذلك أيضاً لقبت بصديقة سليمان، أي عذراء النشيد.
- الملكة "الملكة القائمة عن يمين الملك": وأخذ ذلك القب من داود النبي من مزاميره عندما قال: قامت الملكة عن يمينك أيها الملك (مز45: 9)؛ ولذلك دائمًا ترسم في أيقونتها على يمين السيد المسيح.
- الحمامة الحسنة: ويرجع ذلك القب بتشبيها بالحمامة التي حملت لأبينا نوح غصنًا من الزيتون عندما كان في الفلك، ورمزًا للسلام، تحمل إليه بشرى الخلاص من مياه الطوفان، وفي صلوات القداس الإلهي بالكنيسة يذكر الكاهن اللقب وهو يبخر أيقونتها ويقول السلام لك أيتها العذراء مريم الحمامة الحسنة.
والعذراء تشبه الحمامة في بساطتها وطهارتها، وتشبه الحمامة التي حملت بشرى الخلاص بعد الطوفان، لأنها حملت بشرى الخلاص بالمسيح أيضا.
- شورية هارون أو المجمهرة بالذهب: شبهت الكنيسة القبطية العذراء مريم بالشورية التي يوضع بها الفحم والبخور داخل الكنيسة، الشورية ترمز بأم النور أما السيد المسيح فيرمز له بالجمر الذي في داخلها.
- عصا هارون: شبهت الكنيسة القبطية العذراء مريم بعصا هارون التي ذكرت في سفر العدد "أحد أسفار التوراة"، ويرجع قصته أن موسي النبي قد دخل خيمة وأوجد عصا هارون قد أفرخت وأزهرت دون زرع أو سقي، وهنا العصا ترمز إلى السيدة العذراء مريم لأنها برغم بتوليتها أنجبت المسيح بدون زرع بشر.
ويقول الأقباط في ثيوطوكية الأحد “أنت هي قسط الذهب النقي المن المخفي في داخله خبز الحياة الذي نزل الينا من السماء وأعطي الحياة وأنت أيضا يا مريم العذراء حملت في بطنك المن العقلي الذي أتي من الأب”.
- سلم يعقوب: ويرجع ذلك بتشبه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لها بالسلم الذي ربط بين السماء والأرض كما رآه يعقوب في حلم له ذكر في سفر التكوين بالتوراه، وترمز الكنيسة الأرثوذكسية بهذا السلم بالعذراء التي بولادتها للمسيح، أوصلت سكان الأرض إلى السماء.
- العليقة: ويرجع ذلك اللقب لتشبيه الكنيسة القبطية العذراء بالعليقة التي رآها موسى النبي قديماً كما ذكر في سفر الخروج بالتوراه، وفي مديحها يقول الأقباط "العليقة التي رآها موسى النبي في البرية، مثال أم النور طوبها حملت جمر اللاهوتية، تسعة أشهر في أحشاها ولم تمسسها بأذية".
- الباب الذي في المشرق: وتلقب الكنيسة القبطية العذراء مريم بالباب الذي في المشرق، ذلك البابا الذي قال عنه الله في سفر حزقيال النبي بالتوراه “هذا الباب يكون مغلقًا، لا يفتح ولا يدخل منه إنسان. لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقًا”، وذلك البابا رمزاً إلى بتولية العذراء مريم، التي كانت من بلاد المشرق. وكيف أن هذه البتولية ظلت مختومة.
- قدس الأقداس: شبهت الكنيسة القبطية العذراء مريم بقدس الأقداس الذي كان في هيكل أورشليم، وكان مصمما على شكل مكعب كامل، وكان يحتوي فقط على تابوت العهد، وكان يدخله رئيس الكهنة مرة واحدة كل سنة، ليصنع تكفيرًا عن الشعب كله. كما ذكر في الأسفار بالتوراة، وشبه بمريم العذراء لأن المسيح حل في داخلها مرة واحدة لأجل فداء العالم حسب المعتقد الكنسي.
- الكرمة: لقبت الكنيسة القبطية العذراء مريم بالكرمة التي وجد فيها عنقود الحياة، والعنقود هنا يرمز إلي بالسيد المسيح. وبهذا اللقب تتشفع بها الكنيسة في صلاة الساعة الثالثة، وتقول لها "أنت هي الكرمة الحقانية الحاملة عنقود الحياة"
- مدينة الله: وأخذ ذلك اللقب من داود النبي من مزاميره عندما قال: “أعمال مجيدة قد قيلت عنك يا مدينة الله” (مز 86)
-خيمة الاجتماع أو قبة موسى: خيمة الاجتماع هي خيمة كان يحل فيها الله قديما كما ذكر في الأسفار بالتوارة، وشبهتها الكنيسة القبطية هنا بالعذراء مريم لكونها حملت المسيح.
- قسط المن: وأخذت الكنيسة القبطية ذلك اللقب من قول السيد المسيح في إنجيل يوحنا “أنا هو خبز الحياة الذي نزل الي السماء ليس كما أكل آباؤكم المن في البريه وماتوا، هذا هو الخبز الذي نزل من السماء لكي يأكل منه الإنسان .إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد والخبز الذي أنا أعطيه هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم” ( يو6 : 49 )
وهنا السيد المسيح يشبه بالمن حسب المعتقد المسيحي، فيمكن إذن تشبيه العذراء بقسط المن، الذي حمل هذا الخبز السماوي داخلها.
ويقول الأقباط في ثيوطوكية الأحد "انت هي قسط الذهب النقي المن المخفي في داخله خبز الحياة الذي نزل الينا من السماء وأعطي الحياة وأنت أيضا يا مريم العذراء حملت في بطنك المن العقلي الذي أتي من الأب ".
- تابوت العهد: شبهت الكنيسة القبطية العذراء مريم بالتابوت العهد المذكور في التوارة، وكان هذا التابوت من خشب السنط الذي لا يسوس. مغشى بالذهب من الداخل والخارج، وكان ذلك رمزًا لنقاوة العذراء وعظمتها. وكانت رمزًا أيضًا لما يحمله التابوت في داخله من أشياء ترمز إلى السيد المسيح، فقد كان يحفظ فيه "قسط من الذهب فيه المن، وعصا هارون التي أفرخت ولوحا الشريعة .