لحظات من الألم عاشها أهالي منطقة إمبابة بالجيزة يوم الأحد الماضي، بعدما اندلع حريق مروع بكنيسة أبو سيفين في منطقة المنيرة، والذي أسفر عن مصرع 41 شخصًا وإصابة 14 آخرين، بسبب الدخان الكثيف الناتج عن الحريق والتدافع بسبب محاولات هروب الضحايا، حسبما أعلنت وزارة الصحة في حصيلتها النهائية للحادث الأليم.
وقالت الوزارة إن حصيلة المصابين 14، غادر اثنان منهم المستشفيات بعد تلقي الرعاية الطبية اللازمة، فيما بقي 12 آخرين يتلقون العلاج، منهم 4 إصاباتهم خطيرة.
ما زاد الألم الناتج عن الحادث هو أن أسر بأكملها راحت ضحية الحادث، حيث أكدت مصادر طبية أن الحادث أسفر عن وفاة أسر كاملة، نظرا لأن هناك أسرًا كانت تؤدي الصلاة في الكنيسة بينما يتواجد أطفالها في دار الحضانة الموجودة بها، فيما كشفت قائمة الوفيات في حادث الكنيسة أن 3 توائم أطفال في عمر 5 سنوات قضوا في الحريق، بينما توفي 3 أطفال أشقاء آخرين في ذات الحادث.
وتبين من القائمة الصادرة عن مستشفى إمبابة العام، أن الحادث أسفر عن وفاة كل من مهرائيل باسم أمير، ويوسف باسم أمير، وفلوبتير باسم أمير، وجميعهم في عمر 5 سنوات، بينما توفي كل من مريم تامر وجيه، 5 سنوات، وبارسينا تامر وجيه، 5 سنوات، وإبرام تامر وجيه، 3 سنوات، فيما توفيت في الحادث كل من إيرينا عاطف رمزي، 34 سنة، وشقيقتها ميرنا عاطف رمزي، 25 سنة، فيما أكدت مصادر طبية، أن 18 طفلاً على الأقل تتراوح أعمارهم بين 3 أعوام، و16 عامًا، كانوا ضمن ضحايا الحادث.
رصد تجارب دول العالم فى التعامل مع الحرائق بالمناطق المأهولة بالسكان
لعل اللحظات الأولى للحادث كشفت عن الكارثة التي باتت على وشك الوقوع خلال الدقائق القليلة التي تبعتها، فبينما كان كاهن كنيسة أبوسيفين يقيم قداس الأحد، كان العشرات من الأطفال الصغار يلعبون ويلهون في الطابق الثالث حيث توجد حضانة تابعة للكنيسة، الأمر الذى جعل عدد المتواجدين يزيد على ١٠٠ شخص في حين لا تزيد مساحة الكنيسة عن ١٢٠ مترًا، الأمر الذي رفع أعداد الضحايا بعدما اندلعت النيران في أحد أجهزة التكييف، لتنتقل النيران بسرعة إلى طوابق الكنيسة وتسود حالة من الفزع بين جميع المتواجدين بالكنيسة، ولعل الظروف المكانية للكنيسة هي ما عمقت الجراح حيث وصلت حصيلة الحادث إلى ٥٥ شخصًا بين متوفى ومصاب.
وتقع كنيسة في الطابقين الرابع والخامس لمبنى في شارع ضيق مكتظ بالمبانى لم تكن أدراجه الضئيلة ومخارجه القليلة كافية لهروب أكثر من ١٠٠ شخص كانوا يؤدون شعائر قداس الأحد وأطفال في دار رعاية حينما حدث خلل كهربائي.
وتعد كنيسة أبوسيفين ضمن كنائس قدرت بنحو خمسة آلاف كنيسة «بحسب إحصائيات غير رسمية» وجميعها بنيت دون ترخيص يضمن شروط السلامة والصحة المهنية وغيرها على مدى عقود، وجرى تقنين أبوسيفين مع نحو ألفى كنيسة أخرى خلال السنوات الست الماضية منذ صدور القانون رقم ٨٠ لسنة ٢٠١٦ بشأن تنظيم أعمال بناء وترميم الكنائس وملحقاتها، إلا أن الواقع كشف هشاشة تطبيق القانون وافتقاد إجراءات الأمن والسلامة.
وبمجرد الإبلاغ عن الحادث، هرعت سيارات الإطفاء والإسعاف إلى موقع الكنيسة إلا أنها وجدت ما لم يكن في الحسبان، حيث أعاقت الشوارع الضيقة دخول سيارات الإطفاء، وبالكاد نجحت أولى سيارات الإطفاء في الوصول إلى موقع الحادث بعدما كان الحادث قد أتى على الكنيسة وروادها متسببًا في العشرات من الوفيات والمصابين.
ومن جانبها، قالت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، إن سيارات الإطفاء وصلت فور اندلاع الحريق لكنها لم تستطع التعامل مع الحريق على الوجه الأمثل، بسبب ضيق الشارع الذي تقع فيه.
وأضافت قائلة، إن المشكلة إرث من الماضي مع وجود كنائس كثيرة في وضع ليس مغايرًا وتحتاج إلى وقفة مع شروط السلامة، وقالت الوزيرة إن السلطات المحلية تجري مراجعة كاملة لوضع الكنائس وتقنينها وغلق القديمة منها واستبدالها بأخرى جديدة، لتنجب أي كوراث، مشيرة إلى عدم إمكانية تقنين بعض الكنائس التي تقع في أماكن غير ملائمة.
من جهته، قال البابا تواضروس الثاني، بابا الكنيسة الأرثوذكسية، إن الكنيسة تقع على مساحة ١٢٠ مترًا، هذه مساحة تصلح لشقة سكنية لا لكنيسة، مطالبًا الجهات المصرية المسئولة بالمشاركة في توسعة الكنائس الضيقة أو نقلها لمساحات أكبر، لتناسب عدد المرتادين عليها.
خبراء: منظومة الحماية الشاملة تقــــــــــــــــــــينا من شر الحرائق
تكررت أزمات الحرائق الناتجة عن ماس كهربائي في العديد من كنائس مصر، فبعد ساعات من حريق كنيسة أبو سيفين اندلع حريق جديد في كنيسة الأنباء بيشوي في مدينة المنيا الجديدة، وقال محافظ المنيا اللواء أسامة القاضي إنه تمت السيطرة على حريق محدود ناجم عن ماس كهربائي بالدور الأرضي بكنيسة الأنبا بيشوي بالمنيا الجديدة دون وقوع إصابات.
حرائق الماس الكهربائى فى كنائس مصر
ومطلع أغسطس الجاري، اندلع حريق داخل كنيسة الأنبا بولا بحي مصر الجديدة في القاهرة، دون وقوع خسائر في الأرواح.
وفي هذا الشأن، قال اللواء نادر نعمان مساعد وزير الداخلية للدفاع المدني الأسبق، وخبير الأمن والسلامة المهنية، إن التعامل مع الحرائق في المناطق كثيفة السكان يكون غاية في الصعوبة، إذ أن الحريق يحدث في جزء من الدقيقة، وهناك قاعدة دولية تقول إنه إذا لم تتعامل مع الحريق في الدقائق الـ٣ الأولى فقد يخرج الحريق عن السيطرة للمتواجدين في المكان، وهذا يعني أن المتواجدين في مكان الحريق عليهم أن يتعاملوا معه بشكل جيد وسريع عن طريق أجهزة الإطفاء اليدوية والتي يجب أن تكون متوافقة مع نوعية الحرائق التي قد تحدث في المكان، بالإضافة إلى استخدامها بالأسلوب الأمثل لمكافحة الحريق.
وأوضح «نعمان» في حديثه لـ«البوابة نيوز» أن أجهزة الإطفاء اليدوية يجب أن تكون متوافقة مع نوعية الحرائق وهذا يعني أن التعامل مع حريق بمحطة بنزين يختلف عن التعامل مع حريق في منزل أو وحدة سكنية أو إدارية، فالتعامل مع محطة البنزين على سبيل المثال لو تم التعامل معها باستخدام أجهزة الإطفاء التي تستخدم الماء لن يجدي نفعًا، فحرائق السوائل القابلة للاشتعال مثل هذه النوعية يجب أن تتم مكافحتها بأجهزة الإطفاء الرغوية أو البودرة أو ثاني أكسيد الكربون.
وأضاف خبير السلامة المهنية أن البيوت يتم التعامل معها بأجهزة الإطفاء باستخدام البودرة أو ثاني أكسيد الكربون وهي قادرة على مكافحة الحريق في الستائر والأقمشة والأخشاب وغيرها من مكونات المنازل، كما أن المستخدم لأدوات الإطفاء إن لم يكن متمكنًا من استخدام الطفاية فقد يسهم فى توسيع دائرة الحريق، أو يصيب نفسه والآخرين، لأن طريقة استخدام الجهاز غاية في الأهمية، لذا يجب أن تتوافر في أي برج سكني على الأقل ٢ أو ٣ طفايات حريق للتعامل لا قدر الله مع أي حادث بشرط معرفة المتواجدين بالتعامل مع الحريق واستخدام الأجهزة اليدوية.
وبالإشارة إلى تطبيق إجراءات الأمن والسلامة المهنية في دور العبادة، أكد «نعمان» أن هناك كودًا عالميًا، ومطبقًا على الكنائس في مصر والتي يجب أن تستوفى جميع إجراءات الأمن والسلامة المهنية لحصولها على الترخيص وفقًا للقانون، والمساجد ليس لها كود لأنه لا توجد بها أي مصادر حرارية كما أن المساجد لا يوجد من يقيم بها، في حين توجد إقامة من قبل الرهبان والقائمين عليها وتتوافر فيها مصادر حرارية مثل الشموع والأخشاب.
وتابع: "المشكلة الرئيسة أن كنيسة أبوسيفين بالجيزة لم تكن من البداية كنيسة لذا لا ينطبق عليها إجراءات الأمن والسلامة، وإنما هو بيت سكنى تحول إلى كنيسة وهو أمر متعارف عليه طوال السنوات بل والعقود الأخيرة، وانتشر بقوة في ظل عدم وجود قانون لبناء الكنائس قبل ٢٠١٦".
ولفت «نعمان» إلى أن المساحة ضيقة للغاية ولا توجد بها إجراءات أمن وسلامة، كما لا يتوافر بها منافذ للخروج حال حدوث مكروه، وهو ما حدث بالفعل، فالكنيسة لا يوجد بها سوى طفاية حريق بودرة ٦ كيلوجرامات، والسلم الخاص بها لا يتجاوز الـ٩٠ سم وهو ما يكفى فقط لمرور أقل من شخصين بل شخص ونصف.
وشدد خبير السلامة المهنية على أن الوفيات حدثت نتيجة الاختناق وليس من الحريق لا توجد إصابة واحدة من الحريق، وذلك نظرًا لأن الدخان تركيبه ثاني أكسيد الكربون وهو غاز خانق وأول أكسيد الكربون غاز سام، وبالتالي عند اندلاع الحريق ومع كثافة الدخان لم يتحمل الأطفال الدخان منذ اللحظات الأولى، ووجودهم في الأدوار العلوية صعبت من عمليات الإجلاء، والخروج من أماكن الدخان كان السبيل الوحيد هو سطح الكنيسة وهو ما لم يكن متاحًا أيضًا نتيجة إغلاق باب السطح، مما رفع من أعداد الوفيات نتيجة الاختناق بالدخان.
وأشار «نعمان» إلى أن ما صعب من مهمة الحمابة المدنية هو أن كل طرق الإنقاذ والخروج كانت شبه مغلقة بخلاف سلم ضيق للغاية وباب واحد للخروج من الكنيسة، في حين أن المكان كان مكتظًا بالحضور حيث نجا من الحادث أكثر من ٥٠ شخصًا، فى حين توفى ٤١ بالإضافة إلى المصابين، وهو ما يعني أن المكان كان به ١٠٠ شخص أو أكثر في مكان لا يتجاوز الـ١٢٠ مترًا، وهو ما يعني أن الكثافة صعبت من عملية الهروب.
وأكمل قائلًا: "الحادثة صعبة للغاية وظروف المكان صعبت من الموضوع، ولم تتمكن عربية الإطفاء من الدخول بسهولة إلى مكان الحادث، فسيارة الإطفاء عرضها ٢٢٠ مترًا والشارع بالكاد عرضه ٣ أمتار فدخول السيارة كان صعبًا للغاية وكان من الممكن أن تحدث مشكلة أكبر في حال انتهاء خزان سيارة الإطفاء فلن تستطيع الخروج بسهولة وهو ما يعيق دخول أي سيارات أخرى للشارع الضيق للغاية".
وتابع أن ضيق الشوارع يمثل عائقًا كبيرًا أمام أداء مهام رجال الحماية المدنية، كما أنه من الصعب للغاية إقامة سلم حريق لأن السلم بالركائز الخاصة به يحتاج إلى شارع عرضه على الأقل ٦ أمتار وهو غير متوفر.
وبسؤاله عن إمكانية تركيب شبكات مياه لمكافحة الحرائق في الشوارع والأزقة الضيقة على غرار كنيسة أبوسيفين، أكد «نعمان» أنه من الصعب جدًا إنشاء شبكات إطفاء في مثل هذه المناطق القديمة والضيقة والمأهولة بالسكان، كما أن مبنى الكنيسة المكون من ٤ أدوار ويصعب جدًا تركيب وحدات مواسير وشبكة إطفاء داخلية.
ووضع الخبير مجموعة من الإرشادات الواجب تنفيذها لمنع تكرار كارثة أخرى على غرار حادث الكنيسة، حيث دعا إلى ضرورة تطبيق إجراءات الأمن والسلامة والتي تشمل التأكد من مطابقة جميع الأسلاك الكهربائية للمواصفات القياسية وأحمال التيار، والعمل على تركيب قواطع التيار وهي مفاتيح فصل تلقائية في حال زيادة حمل على الشبكة، لذا يجب أن يكون هناك فني أو مهندس كهرباء للإشراف على تركيب توصيلات الكهرباء في المبانى السكنية ودور العبادة.
كما طالب بضرورة أن تكون الأسلاك الكهربائية تتوافق مع الأحمال فلا يصح أن تكون أسلاك الإنارة مثل أسلاك التكييف؛ ٦ مللى على الأقل، فإذا نظرنا إلى الحريق نجد أن القداس كان يقام في الدور الثاني، والأطفال كانوا في الحضانة بالدور الثالث، ومن التحقيقات الأولية للحادث من الواضح أنه كان هناك انقطاع للكهرباء، وقام أحد القائمين على الكنيسة بتشغيل مولد الكهرباء المرتبط بأجهزة التكييف فاشتعل أحد المكيفات مما تسبب في الحريق.
ولفت إلى أنه من أهم مواصفات مولد الكهرباء توافر طفاية حريق بودرة ١٢ كيلو في حين أن المبنى كله لم يكن يتوافر به سوى طفاية واحدة ٦ كيلو، كما يجب أن يتوفر الوعى الوقائى من الحرائق.
ولفت «نعمان» إلى أن محافظة الجيزة ومنطقة إمبابة بالتحديد تكثر بها الكنائس بنفس ظروف كنيسة أبوسفين، بل والأدهي أن هناك شارع واحد عرضه ٣ أمتار فقط فى منطقة المنيرة بإمبابة به ٦ كنائس على غرار الكنيسة محل الحادث.
واختتم «نعمان» حديثه قائلًا: "الموضوع يحتاج إلى التقنين حتى لا تتكرر الكارثة، لأن ٩٠٪ من الكنائس الصغيرة غير مرخصة، لذلك من الأفضل توفير بديل يكون في شكل قطعة أرض تقام عليها كنيسة نموذجية وبمواصفات أمن وسلامة حقيقية حتى نتجنب تكرار هذا الحريق".
من جهته، قال اللواء أسامة شعبان، مدير الحماية المدنية بالجيزة سابقًا، وخبير الأمن والسلامة المهنية، إن أبرز الدروس التي نخرج بها من الحريق هو ضرورة العمل على إزالة كل العقبات التي تقف في وجه فرق الحماية المدنية من أجل القيام بدورها على أكمل وجه ممكن.
وأضاف «شعبان» فى حديثه لـ«البوابة» أن المعوقات التي واجهت سيارات الحماية المدنية نتيجة لضيق الشوارع في تلك الأماكن ذات التجمعات السكنية الكثيفة لأن سيارات الإطفاء جزء من فلسفة عملها يكون في الوصول إلى موقع الحادث في أقصى سرعة ممكنة وبالتالي التمكن من إطفاء أى حريق الذي يعد النجاح المطلوب ضمن مهام رجل الإطفاء، وبخاصة في الأماكن ذات التجمعات الكثيفة مثل دور العبادة والمدارس والتجمعات التجارية والمولات، إلا أن ما حدث في الكنيسة هو أن ضيق الشوارع عطل فرق الحماية المدنية.
وأوضح خبير الحماية المدنية أن أكثر من ١٠٠ شخص داخل مكان لا يتخطى ١٢٠ مترًا في ظل عدم وجود مسالك للهروب من المكان وفي هذه الظروف يشترط أن يكون هناك مسلكان للهروب على الأقل حتى يكون هناك بديل في حال إغلاق الحريق للمخرج الرئيسي أن يكون هناك مسلك للخروج بسهولة، كما يشترط في الأماكن التي بها تجمعات للأطفال أقل من ٧ سنوات أن يتم وضع الأطفال في الأدوار الأرضية، حتى تسهل عملية إجلائهم واستغلال أبواب وشبابيك المبنى في إنقاذهم، وهو ما يتم تطبيقه في الحضانات وفي المدارس، وذلك نظرًا لأن الأطفال في هذا السن يكون إدراكهم ضعيف وحركتهم عشوائية، مما يعيق عمل رجال الحماية المدنية.
وتابع «شعبان» أن ٥٠٪ من الحرائق في مصر نتيجة للماس الكهربي بحسب تقرير الحريق الصادر عن التعبئة والإحصاء، وهذه الأرقام واقعية وأمينة في ظل عدم تأسيس الكهرباء بدون وجود مهندس أو فني وكذلك بسبب الزيادة الرهيبة في الأجهزة المنزلية فكل منزل الآن به ٢ تليفزيون و٢ ثلاجة وأجهزة كمبيوتر ولاب توب دون مراجعة الأسلاك والموصلات، والأسلاك لا تتحمل كل هذا الضغط على الأحمال الكهربائية، لذا يجب عمل مراجعة شاملة لأسلاك الكهرباء والأحمال الكهربائية وهل هي مناسبة لأقطار السلوك الكهرباء.
وشدد على ضرورة وجود لوحات قواطع الكهرباء، وأن تكون مناسبة للأحمال مما يمثل حماية للمنشأة وكافة الأجهزة، مشيرًا إلى أن الاستخدام السيئ للأجهزة يسبب مخاطر إضافية، حيث أن بعض الأجهزة تعمل على مدار ٢٤ ساعة مما يتسبب فى سخونة الأجهزة مما قد يتسبب فى حرائق كبرى فى حال وجود مواد قابلة للاشتعال بالقرب من هذه الأجهزة.
كما دعا «شعبان» المؤسسات التي بها تجمعات إلى ضرورة عمل توعية دورية عن الإخلاء الذاتي للمنشآت، من خلال توزيع منشور عن طبيعة المكان وأماكن الدخول والخروج والسلالم وأماكن أجهزة الإطفاء وتعليمات في حالات الطوارئ، مما يمكن من السيطرة على الحرائق في مراحله الأولية عن طريق أجهزة الإطفاء اليدوية العاملة بالبودرة الجافة أو ثاني أكسيد الكربون، وكذلك إرشادات حول كيفية مساعدة الفئات التي تحتاج للمساعدة وطرق الإخلاء السريعة.
وتابع: "التعامل مع الطوارئ في أماكن التجمعات يجب أن يتضمن كيفية التغلب على حالة الزعر في حالات الطوارئ، على أن يساعد الشباب المتواجدون في المكان الأطفال وكبار السن، كما يجب أن يتم الإخلاء من أعلى لأسفل في الأماكن المرتفعة لأن طبيعة الحريق تنشأ من أسفل لأعلى وبذلك يحظر الصعود لأعلى المباني في حالات الحرائق، وهو ما حدث في حادث كنيسة أبوسيفين بإمبابة فكان من الأفضل الإخلاء لأسفل".
ولفت «شعبان» أن هناك قاعدة رئيسية في الإخلاء وهي أن المتواجدين في المكان أو المقيمين أو المسئولين عنه هم من يقودون جهود الإخلاء لأنهم أدرى الناس بطبيعة المكان وهم الأكثر دراية بالتجهيزات ومعدات الإطفاء وغيرها.
وأضاف: "قانون العمل المصري نص على أن المنشأة يجب أن تضع خطة طوارئ للمكان تتضمن خطة للإخلاء الآمن والمسئولين عن عملية الإخلاء في المكان على أن يتم تجديدها سنويًا على أن تلائم تكوين المبنى من الداخل وتعتمد من إدارة السلامة والصحة المهنية المسئولة في نطاق عمل المنشأة".
"المفارقة أن مصر يحدث بها حرائق بشكل كبير وتتخطى كل الأرقام القياسية، ٥١ ألف بلاغ حريق وفقًا للتعبئة والإحصاء، وعلى سبيل المثال كان عدد الحرائق في محافظة الدقهلية سنويًا يتخطى إجمالي عدد الحرائق التي وقعت في دولة سويسرا بالكامل، حيث سجلت الدقهلية ٢١٠٠ حريق، فيما بلغت حرائق سويسرا بالكامل ١٨٠٠، فما بالك بالحرائق في ٢٦ محافظة، وبخاصة القاهرة والجيزة والغربية والشرقية والدقهلية"، حسبما ذكر شعبان.
وتابع: "حوادث الماس الكهربائي والإهمال عددها كبير جدًا، نحتاج لنشرات توعية للوقاية من الحرائق وكيفية التصرف الآمن في حالات الطوارئ، وقد يكون ذلك أنسب من خلال المدارس".
ودعا «شعبان» إلى ضرورة إدراج التوعية في حالات الطوارئ لتكون إحدى مواد النشاط في المدارس بمختلف مراحلها، ويمكن الاستعانة بالأدوات الموجودة لدى مرفق الحماية المدنية في مصر، لأن التوعية بشأن حالات الطوارئ تسهل من التعامل مع الطوارئ وإنقاذ الأرواح.
كما طالب بضرورة تكوين فرق لتوجيه فرق الدفاع المدني لحظة وصولها لمكان الحادث، لأن أهل المكان أدرى بتفاصيله وأبعاده، في حالة وجود كثافات أو تجمعات، إلا جانب إفساح ممر لسيارات الإطفاء، حيث إن وجود فريق أو شخص من المتواجدين في المنشأة لتوجيه فرق الحماية المدنية وشرح طبيعة المكان يساعد في أداء مهام الحماية والإخلاء.
الأكواد الدولية للسلامة الأمنية
وفي سبيل التعرف على كيفية تعامل دول العالم مع الحرائق في المناطق المأهولة بالسكان والتي بها صعوبات طبيعية أو نمو عمراني كثيف أثر على جودة الشوارع أو يجعلها تعوق عمل أجهزة الدفاع المدني والحماية المدنية، وفيما يلي مجموعة من أبرز الإرشادات التي اتخذها العالم لتجنب مخاطر الحرائق في هذه الأماكن:
الكود الأمريكى لسلامة المبانى
ويشترط الكود الدولى الأمريكي المختص في مجال سلامة المباني أن تلتزم الجهات القائمة على المنشآت بتطبيق شروط السلامة على أن تتضمن نظامًا تلقائيًا لمكافحة الحرائق، يقوم مثلًا برش المياه عند ملاحظته نشوب حريق، والتأكد من قوة وصلات التيار الكهربائى، ووجود مصدر مياه مخصص للحرائق. ولعل كل هذه الشروط غير متوفرة في كنيسة المنيرة موقع الحريق، حيث يعد المكان غير مطابق للأمن والسلامة لانعدام وجود مسالك الهروب عند الطوارئ، وغياب أجهزة التهوية، فضلًا عن ضيق الأدراج «السلالم»، وكثرة رواده مما تسبب في الزحام الكبير وقت الحريق.
فيما تنص المادة الثانية في القانون ٨٠ لسنة ٢٠١٦ بشأن بناء وترميم الكنائس على ملاءمة مساحة الكنيسة المطلوب الترخيص ببنائها مع عدد المواطنين في المنطقة السكانية التابعة لها، وكذلك ترخيص المباني القائمة بالفعل ككنائس بشرط ثبوت الاشتراطات البنائية، فضلًا عن سلامتها الإنشائية.
دليل السلامة من الحرائق - البحرين
وفي البحرين، تم إعداد دليل لمكافحة الحرائق بواسطة الباحث والخبير في مجال السلامة المهنية، آدم البربري، والذي يلزم المنشآت العامة باتباع إجراءات الأمن والسلامة، كما يشترط تركيب أنظمة إنذار الحريق من أجل تأمين أرواح المواطنين.
وفي دراسة أعدها «البربرى» حول أنظمة مكافحة الحريق أكد خلالها أن إنقاذ الأرواح هو الاعتبار الأول عند وقوع الحريق داخل المباني في الأماكن المأهولة بالسكان، ولذا يتطلب الأمر إعلام وإنذار الأشخاص الموجودين داخل المبنى بمجرد وقوع الحريق حتى يستطيعون مغادرته قبل أن تمتد النيران وتنتشر ويتعذر عليهم الهروب، وذلك يتعين وجود وسيلة إعلان وإخطار عن الحريق داخل المباني تكفل إنذار الموجودين بوقوع الحريق، والمهمة الأساسية لأى نظام إنذار هو تسجيل واكتشاف الحريق وتحويل ذلك إلى إشارة كهربائية تشغل جهاز الإنذار، فعند حدوث الحريق يقوم جهاز الإنذار بإرسال نبضات عبر التوجيهات الكهربائية إلى لوحة المراقبة حيث تعمل على الفور على تشغيل إشارة ضوئية وصوتية، وتدل الإشارة الضوئية على موقع صدور الإنذار في حين تدل الإشارة الصوتية لإنذار الشخص المسئول عن لوحة المراقبة الرئيسية بوجود الحريق.
وتؤكد الدراسة أنه يجب أن يتم تجهيز المباني والمنشآت بأنظمة الإنذار بغرض حماية المبانى وشاغليها من أخطار الحريق، وذلك بتوفير إنذار مبكر حتى يمكن إخلاء المبنى، ومكافحة الحريق بصورة أولية من قبل الأفراد المدربين أو بواسطة المعدات التلقائية، ثم استدعاء فرق الدفاع المدني للمكافحة الفعلية والإنقاذ إذا لزم الأمر، وتنقسم أنظمة ومعدات إنذار الحريق إلى نوعين رئيسيين، أحدهما يدوي يتم تشغيله عن طريق العنصر البشري، والثاني تلقائي يعمل بصفة تلقائية عند تأثره بظواهر الحريق من دخان وحرارة.
وتنقسم أنواع أنظمة الإنذر إلى نظام الإنذار اليدوى والذي يرتكز بشكل أساسى بقيام الشخص بالضغط على زر الإنذار، ونظام الإنذار الأتوماتيكي «التلقائى» وتعمل هذه الأنظمة بالتأثر بظواهر الحريق فمنها ما يتأثر باللهب أو الحرارة أو الأدخنة وتتميز بأنها لا تعتمد على الإنسان في تشغيلها.
انخفاض عدد الحرائق فى مصر بنسبة 0.8٪.. النيران الصناعية أبرز الأسباب
تشير الأرقام الواردة في التقرير الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في مارس ٢٠٢٢، إلى أن حوادث الحريق وصلت إلى مراحل خطيرة، بل أن الحقائق كشفت عن أرقام مرعبة.
وأظهرت بيانات «الإحصاء» أنه على الرغم من تراجع حوادث الحريق في مصر بنهاية عام ٢٠٢١، بنسبة طفيفة بلغت نحو ٠.٨٪، إلا أنها لا تزال في المنطقة الخطرة، حيث بلغ عدد حـوادث الحريق على مستوى الجمهورية ٥١٥٣٣ حادثة عام ٢٠٢١، مقابل ٥١٩٦٣ حادثة عام ٢٠٢٠ بنسبة انخفاض قدرها ٠.٨٪.
وبلغ عدد المتوفين مـن ضحايا حوادث الحريق ٢٥٢ متوفيًا عام ٢٠٢١، مقابل ١٩٩ متوفيًا عام ٢٠٢٠ بنسبة ارتفاع قدرها ٢٦.٦٪ عن عام ٢٠١٩، وبلغ عدد المصابين ٨٢٤ مصابًا عام ٢٠٢١، مقابل ٨٧٨ مصابًا عام ٢٠٢٠ بنسبة انخفاض قدرها ٦.٢٪ عن عام ٢٠٢٠.
وكشفت بيانات التقرير السنوى لحوادث الحريق في مصر، عن أن أهم المسببات الرئيسية للحريق هي النيران الصناعية «أعقاب السجائر - أعواد الكبريت - مادة مشتعلة - شماريخ - إلخ..» بعدد ٢٧٣٥٦ حادثة بنسبة ٥٣.١٪، الماس الكهربائي أو الشرر الاحتكاكي بعدد ١٠٨٦٣ حادثة بنسبة ٢١.١٪، الاشتعال الذاتي بعدد ٦٩١٠ حوادث بنسبة ١٣.٤٪، حرائق الغازات بعدد ٣٢٣٧ حادثة بنسبة ٦.٣٪، المواقد والأفران والغلايات بعدد ٢٩٥٩حادثة بنسبة ٥.٧٪، وفى المرتبة الأخيرة الحرائق البترولية والسوائل الملتهبة بعدد ٢٠٨ حوادث بنسبة ٠.٤٪ من إجمالي مسببات الحريق.
ومن حيث أماكن حدوث الحرائق، جاءت الأرض الفضاء «القمامة والمخلفات» في المقدمة لأماكن حدوث الحرائق بعدد ٢٥٥١٠ حادثة بنسبة ٤٩.٥٪، يليها المبانى السكنية بعدد ١٥٢٨٧ حادثة بنسبة ٢٩.٧٪، وفى المرتبة الأخيرة سجلت المنشآت السياحية بعدد ٣٠ حادثة بنسبة ٠.١٪.
وفقًا للحالة الجنائية يأتى الإهمال في المرتبة الأولى لحوادث الحريق بعدد ٢٦٤٠٠ حادثة بنسبة ٥١.٢٪، يليه الحريق العارض بعدد ٢٥٠٣٧ حادثة بنسبة ٤٨.٦٪، ثم الحريق العمد بعدد ٩٦ حادثة بنسبة ٠.٢٪ خلال عام ٢٠٢١.
وجاءت محافظة القاهرة في المقدمة بالنسبة لحوادث الحريق في المحافظات بعدد ٦١٣٢ حادثة بنسبة ١١.٩٪، يليها محافظة الجيزة بعدد ٣٩٢٥ حادثة بنسبة ٧.٦٪، وفى المرتبة الأخيرة محافظة شمال سيناء بعدد ٧٦ حادثة وبنسبة ٠.١٪ من إجمالي حوادث الحريق.
وعلى مستوى شهور السنة سجل شهر مايو المرتبة الأولى لحوادث الحريق علي مستوي شهور السنة بعدد ٦٤٥٦ حادثة بنسبة ١٢.٥٪، يليه شهر أبريل بعدد ٤٩٩٩ حادثة بنسبة ٩.٧٪، وأخيرًا شهر فبراير بعدد ٣١٣٤ وبنسبة ٦.١٪ من إجمالي حوادث الحريق.
دراسات أمريكية للتعامل مع الحرائق فى المنشآت
أما مجلس السلامة الوطني الأمريكي فقد أعد دراسة حول كيفية مكافحة الحرائق في المنشآت المأهولة بالسكان، مشيرة إلى أن التدفئة هي السبب الرئيسي الثاني لحرائق المباني خلال السنوت الأخيرة، واستعانت الدراسة بالإرشادات التي أعدها الصليب الأحمر الأمريكي لتحقيق الأمان والسلامة في أماكن التجمعات والمنازل والمنشآت، حيث نصحت بضرورة الاحتفاظ بجميع المواد القابلة للاشتعال، مثل الورق أو الملابس أو الفراش أو الستائر أو السجاد، على بعد ٣ أقدام على الأقل من مدفأة أو موقد أو مدفأة.
وحذرت الدراسة من ترك السخانات والمدافئ المحمولة دون مراقبة؛ داعية إلى إطفاء السخانات «الدفايات المحمولة» قبل مغادرة المكان، والحرص على وضع الدفايات على سطح مستوى غير قابل للاشتعال مثل بلاط السيراميك، والبعد عن السجاد وغيرها من المفروشات.
كما نصح مجلس السلامة الوطني الأمريكي بضرورة تحديد أماكن للتدخين وعدم التدخين داخل المنشآت والمنازل، والعمل على فحص جميع الأسلاك واستبدل أي منها بالية أو به أسلاك عارية، الاحتفاظ بأعواد الثقاب والولاعات في أماكن مرتفعة وبعيدًا عن متناول الأطفال أو في خزانة مقفلة.
كما دعا المجلس إلى ضرورة استخدام أجهزة إنذار الدخان، حيث رصدت الدراسة إحصائية رسمية تؤكد أن ٣ من كل ٥ وفيات في الحرائق تحدث في المنشآت التي لا تعمل بأجهزة إنذار الدخان، كما أن أجهزة إنذار الدخان تعد جزءًا أساسيًا من خطة الهروب من المنشأة حال اندلاع حريق، حيث توفر إنذارًا مبكرًا لتقليل خطر الموت في حريق.
كما أوصت الجمعية الوطنية للحماية من الحرائق بالولايات المتحدة بضرورة تثبيت أجهزة إنذار الدخان في كل مستوى من المنشآت والمنازل، واستخدام أجهزة إنذار خاصة تعمل على إرسال إشارات وأضواء القوية وهزازات السرير لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع أو الصمم، وضرورة العمل على اختبار أجهزة إنذار الدخان شهريًا.
كما أوصت الجمعية بضرورة وضع خطة للهروب من أي منشأة أو مؤسسة أو منزل، حيث أكدت أنه يتم الإبلاغ عن حريق في المنازل والمؤسسات كل ٨٨ ثانية، وبمجرد إطلاق جرس إنذار الدخان، يمكن أن ينتشر الحريق بسرعة، ولا يتبقى سوى دقيقة أو دقيقتين للهروب. لهذا السبب من المهم جدًا أن يكون لديك خطة هروب من المنزل، على أن تتضمن رسم خريطة للمنشأة أو المنزل ووضع خطتين للهروب واحدة أساسية والأخرى خطة بديلة.
كما نصحت بضرورة التأكد من أن جميع الأبواب والنوافذ المؤدية للخارج تفتح بسهولة، وتحديد طرق الهروب الأساسية والبديلة، وعدم استخدام المصاعد نهائيًا والاعتماد على السلالم، والتدريب على خطة الهروب من الحريق وتعريف الأطفال بتفاصيل خطة الهروب.
وتشير الرابطة الوطنية للحماية من الحرائق إلى أن ٧١٪ من الأمريكيين لديهم خطة هروب من المنزل لكن ٤٧٪ فقط يمارسونها، كما أنه يجب التدريب على خطة الهروب من الحرائق ليلاً نهارًا مرتين في السنة.