السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أسطورة دون جوان بين المسرح والحكاية الشعبية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

" اختلفت آراء الباحثين في الفلكلور الأوروبي حول مصدر شخصية " دون جوان" وأسطورته المعروفة حيث لا يوجد اتفاق على انتمائه للمسرح أم للحكايات الشعبية. فهناك آراء  تري أنه يمثل ظاهرة اجتماعية ظهرت في أواخر عصر الفروسية أي في القرنين الخامس عشر والسادس عشر " 1 " وهناك آراء تحاول إثبان أن " دون جوان " مثل أسطورة فاوست تنتمي للحكايات الشعبية الخرافية التي تأخذ خيط رفيع من الواقع وتقيم عليه عالمها الاسطوري " 2 " وهناك أراء أخرى تؤكد إن أسطورة " دون جوان " هي الأسطورة الوحيدة في تاريخ الفكر الأوربي التي ولدت في قلب الفن أو المسرح علي يد مؤلفها الأول الذي استقاها من الواقع مباشرة وأضاف إليها صياغته الفنية التي وجدت رواجًا شعبيًا حولها الي أسطورة وكان هذا الكاتب هو " تيرسودي مولينا " ( 1571 -1641 ) تحت اسم " فاتن اشبيليه، أو الضيف الحجري " 3 ". 
لقد اشتهر " دون جوان " كشخصية أسطورية في الفلكلور الإسباني وذاع صيته في أوربا في القرن السابع عشر قبل أن تنتقل شهرته للعالم أجمع ويؤكد أغلب الرواة انه شخصية خيالية مطلقة بينما يصر القليلون علي وجود أصل حقيقي لتلك الشخصية في إسبانيا القرن أوسطية " 4 " 
   و هنا نرى اختلافًا في الآراء حول جذور أسطورة " دون جوان " فيقول الدكتور “محمد عناني " " إن جذور أسطورة " دون جوان " غامضة وان كان بعضها يضرب في أعماق الآداب الشعبية الأوربية " 5 " بينما يذهب ت. س. دورش - في مقدمته لمختارات من " دون جوان " (الطبعة الخامسة 1973) أن" دون جوان التي كتبها- ترسو دي مولينا- والمسرحيات التي بنيت عليها، تظل إبداعًا خالصًا للشاعر بايرون " 6 " 
أول ظهور لشخصية " دون جوان " كان في مسرحية شعبية بعنوان " محتال أشبيليه والضيف الحجري " وهي لكاتب مسرحي اسباني عاش في مطلع القرن السابع عشر واشتهر باسم " تيرسو دي مولينا " ( 1571   –  1641 ) وهو الاسم المستعار الذي اتخذه لنفسه، أما اسمه الأصلي فهو " جابرييل تيليز " 7 "  . 
    ونرى أن هذا هو ما تؤكده الدكتورة سامية أسعد حين تقول " اول عمل وجدت فيه الاسطورة شكلها الفني النهائي ملهاه تقع في ثلاثة أيام، كتبت شعرًا، وعنوانها " فاتن إشبيليه وضيف من حجر " وتنسب الي الراهب تيرسودي مولينا الذي عاش فيما بين 1654، 1648 " 8 " إحدى الموسوعات الانجليزية تقول " من المحتمل أن يكون هناك مصدر تاريخي اعتمد عليه تيرسودي مولينا في تصويره لشخصية " دون جوان " فقد كان هناك رجل يدعى دون " بيدرو " وهو دوق أوسنا الذي مات " 1624 " وكان معروف بأن لديه علاقات ببنات كثيرات وقد مات مقتولًا في مشاجرة ولقد انتشرت الاقاويل في اشبيليه حول حقيقة " دون جوان " حتى توصلت القصص الأسطورية والشائعات الي أن هذا الرجل هو " ميجل دي ما " الذي عاش حياه معزولة جدًا الي ان ندم وانضم الي جماعة دينية وما زال تمثال " ميجل " يقف امام مستشفى خيرية في منطقة أرينال في إشبيلية " 10 " 
تقول الأسطورة التي تكونت عبر مسرحية تيرسودي مولينا إن " دون  جوان أو دون خوان " كان عاشقًا شهيرًا أغوى أكثر من ألف امرأة، دون تعقيدات لكنه اخيرًا عندما حاول استمالة فتاة أرستقراطية جميلة هي دونا " أنا " ويكشف والدها -  قائد الجيش ذلك، يدعو " دون جوان " للمبارزة فيتنازلان ويتمكن دون خوان " من قتله ويهرب وتحاول دونا "أنا " مع خطيبها دون اوتافيو الايقاع به دون جدوى ويمر دون جوان بضريح قائد الجيش والد دونا أنا فيسمع صوتًا من تمثاله المنتصب فوق الضريح يحذره من عواقب افعاله لكن  " دون جوان " لا يبالي بالتحذير، ويسخر من التمثال ويدعوه لتناول العشاء معه ثم يتلقى مفاجأة غير متوقعة عندما يرى التمثال الحجري وقد دبت فيه الحياه -  يأتيه الي داره ملبيًا الدعوة بل ويمد يده الحجرية اليه، فيمد دون خوان " يده الي اليد الحجرية، ليكتب بذلك السطر الأخير في حياته، وتفتح الأرض كاشفة عن حفرة تشتعل فيها النيران " 11 " ويكون القصاص ونهاية دون جوان.