شهدت بعض المناطق في قارة أوروبا انخفاضًا ملحوظًا في مستويات مياه الأنهار والبحيرات خلال الأسابيع الأخيرة، وهو ما لم يحدث في هذه القارة منذ قرون، وبعد أسابيع من موجة الجفاف الشديد التي شهدتها قارة أوروبا، والتي أدت إلى انخفاض المياه في أنهار القارة وبحيراتها إلى مستويات قياسية، ظهرت بعض الكنوز التي كانت مغمورة بالمياه منذ عشرات السنين، ومن بينها ما يطلق عليه تسمية "أحجار الجوع"، بالإضافة إلى بوارج حربية ألمانية غرقت خلال الحرب العالمية الثانية.
تشير التحذيرات إلى أن الجفاف يؤثر حاليًا على نحو 60% من الأراضي الأوروبية، وفقًا لـ"مرصد الجفاف الأوروبي"، في وقت شهدت الأنهار الرئيسة في ألمانيا وإنجلترا وإيطاليا انخفاضًا لافتًا في مستوى مياهها.
وأعلنت الحكومة البريطانية، رسميًّا، حالة الجفاف في جنوبي ووسط وشرقي المملكة بسبب ارتفاع درجات الحرارة وقلة الأمطار.
وأعلنت المجموعة الوطنية للجفاف التابعة لوكالة البيئة البريطانية أن الحكومة ستفرض قيودًا على الاستخدام التجاري للمياه في المناطق المتضررة إثر إعلان حالة الجفاف.
ونقلت صحيفة الجارديان البريطانية عن وكالة البيئة قولها “لا توجد إشارات قوية على وقوع تحسّن كبير في ظروف الجفاف الحالية”.
وفرضت أجزاء أخرى من بريطانيا حظرًا على استخدام خراطيم المياه حيث تحذر فرق الإطفاء من نشوب حرائق غابات بسبب شدة الجفاف.
"حجر الجوع" شاهد على تواريخ الجفاف
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إن تاريخ أقدم نقش عُثر عليه في حوض نهر "إلبه" يعود إلى عام 1616، وهو مكتوب باللغة الألمانية، ويقول النص المكتوب على الحجر: "إذا رأيتموني، فابكوا".
وأضافت "بي بي سي"، أن "حجر الجوع" هذا هو الأبرز بشكل خاص لأنه يحتوي أيضًا على تواريخ الجفاف الشديد على سطحه.
الصحافي الألماني أولاف كوينز، قال في تغريدة على تويتر إن هناك كلمة باللغة الألمانية لوصف تلك الصخور وهي: "هونجرشتاينه" (التي تُترجم حرفيًا إلى "حجارة الجوع"). وجاء مصدر إلهام الكلمة من نقش وجد على أحد الأحجار يصف عام 1947 بأنه "عام الجوع".
انخفاض منسوب المياه في الأنهار يعطل التجارة الألمانية
وانخفضت مستويات نهر الراين إلى مستوى جديد، بسبب الجفاف المستمر في ألمانيا، مما زاد من تقييد توزيع الفحم والبنزين والقمح والسلع الأخرى وسط أزمة طاقة تلوح في الأفق.
ونقلت وسائل إعلام أوربية عن معهد هيدرولوجيا للأبحاث رصد استمرار انخفاض مستويات المياه حتى بداية الأسبوع المقبل، لافتًا إلى أن انخفاضها يؤثر على حركة مرور الزوارق والقوارب، وموضحًا أن منسوب مياه النهر انخفض في بعض الأماكن إلى 38 سنتيمترًا.
ووفقًا لنشرة يومية صادرة عن إدارة الممرات المائية والشحن الفيدرالية الألمانية، فمن المتوقع أن ينخفض منسوب المياه أكثر بمقدار يتراوح من سنتيمتر إلى 10 سنتيمترات خلال الأيام القادمة.
وتعتمد الشركات الألمانية الكبيرة على نهر الراين لتزويدها بالوقود، كما تنقل السفن الموجودة على النهر الفحم إلى محطات الطاقة التي اختارت الحكومة استخدامها بشكل مكثف ردًّا على قيام روسيا بإيقاف خط أنابيب نقل الغاز الطبيعي.
وقالت وسائل إعلام محلية إن تكاليف شحن البضائع عبر النهر ارتفعت 5 أضعاف تقريبًا، كما يتم تحميل الصنادل بما يتراوح من رُبع إلى نصف طاقتها فقط.
الجفاف يضرب بحيرات إيطاليا
وسجلت بحيرة "غاردا" كبرى بحيرات إيطاليا رقمًا قياسيًّا بعد وصول المياه إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، بسبب أسوأ موجة جفاف تشهدها البلاد منذ عقود.
وكشفت وكالة أسوشيتد برس عن تسجيل منسوب المياه في البحيرة، الجمعة، 32 سنتيمترًا مقتربًا من أدنى مستوى مُسجَّل لها في عامي 2003 و2007.
ورصد السياح الذين توافدوا إلى البحيرة الشمالية الشهيرة لبدء عطلة نهاية الأسبوع الطويلة مشهدًا مختلفًا تمامًا عما كان عليه في البحيرة خلال السنوات الماضية.
وفي الأسابيع الأخيرة، اضطرت دول مثل فرنسا وإسبانيا إلى تقييد استهلاك المياه، علمًا أن السلطات اضطرت في أجزاء من كلا البلدين، إلى قطع إمدادات المياه في ظل ظروف معينة.
وأعلنت السلطات الفرنسية في 7 أغسطس أن البلاد تواجه أسوأ موجة جفاف منذ بدء التسجيلات في عام 1958. وفي ألمانيا، أدى انخفاض منسوب نهر الراين، الذي يتدفق من جبال الألب السويسرية إلى بحر الشمال، بالفعل إلى إجبار شركات الشحن على الإبحار بكميات مخفضة من البضائع، وفقًا لوكالة رويترز.
تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة الجفاف، أصبحت في السنوات الأخيرة، واحدة من أبرز علامات تغير المناخ في وسط أوروبا.