تفاديًا لتكرار الهجمات التي طالت قواعد ومنشآت عسكرية بشبه جزيرة القرم الأيام الأخيرة، تجري روسيا تغييرات في خططها لتأمين القرم والمناطق المسيطرة عليها شرقي أوكرانيا.
والقرم هي مقر الأسطول الروسي في البحر الأسود، وبها حقول للغاز الطبيعي والنفط وموارد طبيعية أخرى، وضمتها موسكو باستفتاء عام 2014، لم تعترف به أوكرانيا.
ووفق مصدر عسكري روسي تحدث لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن الجيش الروسي بدّل خططًا في القرم، تشمل نقل قواعد عسكرية وتوزيع طائرات حربية، ونشر 430 طائرة هليكوبتر عسكرية حول أوكرانيا.
وأرجع المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أسباب هذه التغييرات إلى أن القرم قريبة من أراضٍ تسيطر عليها كييف، والقادة الروس لديهم يقين وتأكيدات عسكرية وأمنية بأن الهجمات التي "نفّذها النازيون الجدد ومجموعات متطرفة تمت بتخطيط غربي وبسلاح أميركي".
وفي ذلك، استند إلى أن أوكرانيا لديها صواريخ "هيمارس" يبلغ مداها 70 كيلومترًا، في حين أن مقر الأسطول الروسي، الذي طالته التفجيرات أو كانت قريبة منه، على بُعد 50 كيلومترًا، وهناك احتمال آخر باستخدام صواريخ "أتاكمز" التكتيكية التي يصل مداها لأكثر من 300 كيلومتر.
ولم تتبنّ أوكرانيا رسميًّا أي عملية بالقرم التي ضمتها روسيا قبل 8 سنوات، وتعتبرها "خطًّا أحمر".
وضربت سلسلة انفجارات مطار ساكي الروسي العسكري، الأسبوع الماضي، وقاعدة هفارديسك، وطالت مقر أسطول البحر الأسود الروسي، وأقالت موسكو قائد الأسطول الأدميرال إيغور أوسيبوف، وعينّت بدلًا عنه الأدميرال فيكتور سوكولوف.
ورغم عدم وجود إعلان روسي رسمي عن سبب الإقالة، يؤكّد المصدر العسكري أن "القرار اتخذه الكرملين بعد التفجيرات، لأنها تشكل خطرًا على الوجود الروسي بالقرم، وكان لها أثر سلبي على الرأي العام بالداخل، وهو ما استدعى قرارات عاجلة".
حرب معنوية
ويقول المتخصص في الشأن الروسي نبيل رشوان، إن موسكو لن تقبل التنازل عن القرم "مهما كان لثمن"، والمساعدات الغربية لأوكرانيا التي شملت أسلحة متقدمة مثل هيمارس وجافلين وصواريخ AGM-88 المضادة للإشعاع عالية السرعة، جعلت كييف تستهدف بشكل أعمق خلف الخطوط الأمامية للجيش الروسي على خلاف تكتيكاتها في بداية الحرب.
وفي إشارة للحرب المعنوية، يقول إنّ من أهداف التفجيرات النيل من سمعة الجيش الروسي وإحباط الداخل وإظهار أوكرانيا بمظهر القادر على استهداف مناطق روسية هادئة ومؤمنة.
فور الانفجارات، اتخذت موسكو إجراءات سريعة للردع الاستراتيجي، فأعلنت سلطات سيفاستوبول بالقرم تمديد العمل بالمستوى "الأصفر" لخطر التهديد الإرهابي، لمدة 15 يومًا تنتهي 30 أغسطس.
كما أعاد الجيش الروسي توزيع طائراته المقاتلة والمروحيات بشكل عاجل، ونقلها إلى عمق القرم، وفقًا لتقارير أوكرانية.
وإضافة إلى ما سبق، نشر 430 طائرة حول أوكرانيا، ووضع 4 محطات إنذار مبكر ضد الصواريخ الباليستية المطورة في حالة تأهب قتالي، و3 مقاتلات من طراز "ميج-31" تحمل صواريخ "كينجال" فرط الصوتية، بقاعدة تشكالوفسك الجوية في كالينينغراد على بحر البلطيق، لإظهار القدرة على تهديد أصول حلف الناتو على حدود دول بولندا وليتوانيا.
ومشددًا على بذل كل ما يمكن لحماية القرم، يقول الخبير العسكري الروسي فلاديمير إيغور لـ"سكاي نيوز عربية"، إن القرم "كانت أراضيَ روسية منذ 1783، واستردتها موسكو 2014، وأنشأت بها نظام دفاع جوي متعدد النطاقات، من الصعب اختراقه، بخلاف ما بها من قواعد عسكرية ومطارات يرابط بها آلاف الجنود، فمن الصعب على كييف استردادها".