تحدثنا عن المناخ وتأثيره على العالم، وعلى مصر في مقال سابق، وأشرنا إلى أهمية عقد مؤتمرات المناخ، ومنها Cop27 الذي تحتضنه مصر في شرم الشيخ نوفمبر المقبل، لدعوة العالم لمواجهة الواقع وتحقيق نتائج أفضل، ولكن دعنا نفكر هل هذه مجرد موضة مؤقتة أم هي مشروعات إستراتيجية بدأت فيها مصر بميزانيات ضخمة واستثمارات كبيرة.
ومن أهم المشروعات التي تقوم بها مصر هو مشروع الطاقة البديلة أو الطاقة الخضراء، وهي الطاقة المستمدة من الطبيعه مثل طاقة الرياح أو طاقة المد والجزر أو طاقة المياه أو الطاقة الشمسية أو الطاقة المستخرجة من الكتلة الحيوية التي يمكن الحصول عليها من مصادر طبيعية، كالمخلفات الزراعية وروث الحيوانات، والتي يتم إهدار جزء كبير منها سنويا.
وتصل استثمارت مصر مؤخرًا في مجالات الطاقة هذه إلى نحو 8.44 مليار جنيه مصري، موزعة على نحو 2.54 مليار جنيه، موازنة جارية وحوالى 5.90 مليار جنيه موازنة موجهه للاستثمار في الطاقة البديلة
وتتضمن الاستثمارات المرتقب تدشينها كلا من محطة توليد الكهرباء باستخدام طاقة الرياح بقدرة 250 ميجاوات بمنطقة خليج السويس بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين، ومحطة لتوليد الكهرباء باستخدام الخلايا الشمسية بقدرة 50 ميجاوات بمنطقة الزعفرانة بالتعاون مع بنك التعمير الألماني.
ومن المخطط أن يسهم مشروع الخلايا الشمسية في إنتاج 90 مليون كيلو وات سنويا، توفر 18 ألف طن بترول مكافئ، وتحد من انبعاث 50 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، ويقام على مساحة كيلو متر مربع، ويوجد أيضا محطات توليد في الضبعة وهي أيضا من أهم المحطات لتوليد الطاقة في مصر.
ويوجد نوع آخر من الطاقة وهو طاقة الهيدروجين الأخضر، وعند احتراق الهيدروجين بالأكسجين داخل خلية وقود، فإنه ينتج طاقة صفرية الكربون، مما ينتج عنه حرق صديق للبيئة، ويمكن استخلاصه من الوقود الأحفوري والكتلة الحيوية، أو المياه، أو من مزيج من الاثنين معا، ويعد المصدر الأساسي لإنتاج الهيدروجين في الوقت الحالي هو الغاز الطبيعي.
وعلى الصعيد العالمي، ينتج 6% من الغاز الطبيعي العالمي نحو 75%، أو 70 مليون طن من إنتاج الهيدروجين السنوي، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.، ويأتي الفحم بعد الغاز الطبيعي، وذلك نظرا لاستخدامه بكثرة في الصين، كما ينتج جزء صغير من استخدام النفط والكهرباء.
وفي مصر وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي في يوليو الماضي بإعداد استراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتتطلع الحكومة إلى إطلاق مرحلة أولية من المشاريع التي قد تصل قيمتها إلى 3-4 مليارات، وبالتالي فإن كل هذه المشروعات ليست مشروعات مرحلية أو مجرد "يومين مرتبطين فقط بإجراء مؤتمر المناخ".
وفي ظل جهود الدولة في مجال تغير المناخ، يقع عاتقك أيضا جزء كبير من الحد من التغيرات المناخية والحد من الانبعاثات الضارة، وفي هذا الصدد أطلقت وزارة البيئة حملة «رجّع الطبيعة لطبيعتها»، لشرح مفهوم تغير المناخ بصورة مبسطة للمواطنين.
وبالتالي علينا نحن أن نقوم بدورنا أولا بالتوعية وثانيا بالفعل والتوقف الفوري عن أي فعل يضر بالبيئة، ولعل الشعوب الأوروبية بدأت بالفعل في إدراك خطورة تغير المناخ وأن القضية دخلت في مرحلة خطيرة، فرأيا درجات حرارة في أوروبا تجاوز الأربعين، وسط تحذيرات من تطورات أكثر تطرفا.
ورأينا تأثيرات مناخية تعتبر أكثر خطرا على أوروبا من الحروب، حيث تشهد أسوأ موجة جفاف منذ عقود، وتقلص مياه الأنهار، فشاهدنا جفاف نهر الراين في فرنسا وتبخر مياه نهر في ألمانيا ونفوق المياه في صربيا، وتعرض ما يقرب من نصف أراضي الاتحاد الأوروبي للجفاف ما يعيق الزراعة، كلها أحداث تحتم على العالم كله الالتفات إلى التغيرات المناخية بجدية، وهنا تبرز أهمية مؤتمر المناخ كوب 27.
