ما زال الإخوان في حالة انشطار غير مسبوقة بين قيادات تاريخية، حول النزاع على قيادة الجماعة، والصراع على النفوذ والأموال، مستخدمين كل الوسائل المتاحة لتحطيم بعضهما، وذلك بعد الحرب التي وضعت بالواجهة كلا من جبهة محمود حسين الأمين العام السابق للإخوان المقيم في إسطنبول، وجبهة إبراهيم منير نائب المرشد والقائم بأعماله، المقيم في لندن، وانتخاب مجلس شورى الجماعة واحتدام الخلاف على منصب المرشد.
من جانبه قال طارق أبو السعد، باحث شئون حركات إسلامية، إن سبب تأخير الإعلان عن القائم بأعمال المرشد للجماعة الإرهابية، يعود إلي الخلافات بين جبهات الإخوان المتصارعة على القيادة وامتلاك الجماعة والتنظيم وصلت إلى حد غير مسبوق، وتجاوزت كل الحدود، ووصلت لاتهام بعضهم ببعض بأمور أخلاقية، منها اختلاس التمويل أو إنفاقه في غير وجهته، وعدم العدل بين أعضاء الجماعة في المخصصات المالية للإنفاق على أسر المسجونين، بل تجاوزت إلى حد اتهام كلا الجبهتين لبعضهم بالعمالة لمخابرات دول عالمية واقليمية.
وأضاف "أبو السعد" في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، أنه برغم من هذا لن تتمكن الجماعة من اختيار مرشد جديد للجماعة، فأدبيات الإخوان تمنع مثل هذه الخطوة، فالمرشد هو محمد بديع حتى لو ظل في السجن عمره كله، فقط كل ما يمكنهم فعله هو اختيار قائم بالأعمال جديد في حال عزل منير أو استقالته أو مات أو ألقي القبض عليه، ولا مجال لتعين قائم بالأعمال حاليا لوجود إبراهيم منير بصفته نائب المرشد.
وتابع "أبو السعد": أن موقف جبهة محمود حسين ضعيف، إذ كان متمسكا بترتيب التنظيم إلى قبل شهر، وقد اختلف ميزان القوى بعد إعادة انتخاب مجلس شورى جديد بعيد عن إبراهيم حسين.
وفي نفس السياق قال هشام النجار، باحث في شئون الحركات الإسلامية، إن مسألة انتخاب مرشد جديد في ظل ظروف الجماعة الحالية أمر صعب وبعيدة المنال، نظرًا أولًا لوجود أكثر من كيان وجبهة تتنازع الشرعية، وتزعم أحقيتها بالقيادة، وثانيًا للتعقيدات الإجرائية التي عمقتها حالة التشرذم التي تعيشها القيادة بين قيادات محبوسة وأخرى هاربة، وثالثًا لانعدام وجود الحالة التي تدفع الجماعة للتوحد خلف مرشد وقائد موحد.
وأضاف "النجار" في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، أن هناك انقسام متعدد حاليا ما بين انقسام فكري وأيديولوجي، وهناك من يدعو لمدرسة قطب وآخر لمدرسة البنا، فضلاً عن مجموعة تدفع باتجاه العنف الشامل وإلغاء النشاط السياسي والكفر بالديمقراطية والانتخابات، فضلاً عن الانقسامات والصراعات بشأن الإدارة والتمويل والثروة والمال والعقارات وكلها تعوق مسألة التوحد خلف مرشد.
وتابع "النجار" أن الخلافات لا تزال قائمة، وكلما قامت جبهة بإجراء ردت عليها الأخرى بإجراء مناقض، وهي حالة ستستمر ربما لسنوات، في سياق محاولات الجماعة الخروج من أزمتها والتمهيد لتأسيسها الثالث، الذي يطوي صفحة المرحلة الماضية، ويضع عناوين جديدة للجماعة، من حيث هوية جديدة وقيادة جديدة وهياكل جديدة وبرامج عمل جديدة، لأنه من الصعب عودتها بنفس الخطاب والوجوه والبرامج القديمة.