تحل اليوم 17 أغسطس 2022، الذكرى الخامسة لرحيل الدكتور رفعت السعيد، المفكر السياسى اليسارى ورئيس حزب التجمع السابق، الذى فقدته الساحة السياسية بوصفه قيمة وقامة كبيرة.
والدكتور رفعت السعيد مشهود له بالمواقف الوطنية التى لن ينساها أحد، فقد كان صلبًا فى مواجهة الإخوان، ومدافعًا شرسًا عن الوطن ضد محاولات اختطافه من قبل الجماعة الإرهابية. الحراك السياسى فى الداخل والمتغيرات الكثيرة على مستوى العالم تجعلنا بحاجة إلى آراء الراحل الدكتور رفعت السعيد؛ لذا التقت «البوابة» أبناء السياسى الكبير، وهما المهندس خالد رفعت السعيد، والدكتورة غادة رفعت السعيد، وتحدثا عن الأب والإنسان بمناسبة مرور 5 سنوات على رحيله، وإلى تفاصيل الحوار:
■ ماذا يعنى رفعت السعيد الأب بالنسبة لكما؟
- كان سندًا وعمودًا رئيسيًا يستند عليه كل أفراد العائلة، ليس أبناؤه فقط، ولكن أسرته الكبيرة بل وأصدقاؤه وتلاميذه.
■ مواقف المفكر الراحل الصلبة والمعارضة.. هل سبَّبت لأسرته إزعاجًا أو عليه هو شخصيًا؟
- كأب مثالي ومناضل صلب كان يتحمل أى إزعاج أو ضرر قد تسببه مواقفه السياسية بشخصه، ودائمًا كان يحاول إبعادنا عن أى إزعاج أو ضرر، ولكننا كأسرته وخصوصًا والدتنا ليلى الشال رفيقة نضاله، كنا دائمًا فى قلق عليه خصوصًا فى فترة تولى الإخوان الحكم.. الغريب أن هذا القلق على حياته لم يتسرب له أبدًا، ولم يؤثر على مواقفه الصلبة والمعارضة للإخوان فى عز حكمهم.
■ الدكتور رفعت السعيد كان قيمة وقامة سياسية كبيرة لكن عدوى السياسة لم تنقل لكما.. لماذا؟
- نحن من أشد المؤمنين بأفكار ومبادئ رفعت السعيد، ونفخر بمسيرة نضاله، لكننا اخترنا مسارات مختلفة فى حياتنا العملية، فكلانا خريجى كلية الهندسة جامعة القاهرة، ونعمل فى المجال الهندسى والأكاديمى.
■ آخر مواقف الراحل كانت معروفة.. ما الأحداث الجديدة فى مصر التى كانت تحتاجه الدولة فيها؟
- رفعت السعيد كان من أشد المنادين بالعدل الاجتماعى وحقوق المواطنة، كمثال لذلك: كان دائم المناداة بفرض ضرائب تصاعدية، ومع الأحداث الحالية فى مصر ما زالت الدولة بحاجة لأخذ هذه الأفكار فى الاعتبار.
■ ما أهم الدروس التى تعلمتماها من والدكما؟
- عدم الاستسلام لليأس حتى فى أحلك الظروف، وعدم الرجوع من منتصف الطريق مع التسلح الدائم بالأمل فى الإصلاح والعمل الدؤوب للوصول للأفضل، مع حب كبير لمصر كبلد سنظل دائمًا نعيش فيه نحن وأبناؤنا وأحفادنا.
■ هل تتذكران لحظات آخر مرة تعرض فيها الدكتور رفعت السعيد للاعتقال؟
- تقول الدكتورة غادة رفعت السعيد: «يتذكر أخى الأكبر ليلة القبض على والدنا بعد أحداث ١٨-١٩ يناير من المنزل، وتفتيش غرفة نومنا لكننى كنت صغيرة، ولكن أتذكر بكل الدقة والتفاصيل فترة اعتقال أبى فى القلعة حيث كنت فى الصف الرابع الابتدائى وكنا من يوم الخميس نجهز الجوابات لأبى ونحضر مع أمى شنطة الأكل لننطلق يوم الجمعة صباحًا ومبكرًا لسجن القلعة وننتظر أمام بوابة السجن طويلًا حتى يتم فتح الباب واستلام الجوابات والشنطة منا بدون زيارة أو رؤية والدي».
كانت والدتنا ليلى الشال كمناضلة يسارية تجعل من هذه الزيارة احتفالية لنا كأطفال، وكبرنا وكلنا فخر وسعادة بمسيرة والدينا واختياراتهما فى الحياة، وعند تحويل سجن القلعة لمتحف من عدة أعوام زرته مع أبنائى الصغار وحكيت لهم تلك الذكريات عن جدهم.
■ ما المشروع اللذان تريان أنه كان يتمنى أن يكمله ولم يتحقق.. وهل ما زالت هناك كتابات له لم تنشر حتى الآن؟
- كان قد بدأ فى السنوات الأخيرة فى عمل موسوعة لشخصيات ليبرالية شكلت تاريخ مصر وسماها «بناة مصر الحديثة.. العقل المصرى كيف تكون وكيف يتجدد؟»، وتعمد الكتابة بأسلوب سلس ومختصر لطرحها على فئة عمرية شابة لتوعيتهم بتاريخ بلدهم، وكان بالفعل قد أتم المجلد الأول من الموسوعة ولم يكمل المجلد الثانى ولم تنشر تلك الأجزاء قبل وفاته.. بعد وفاته تواصلنا مع هيئة الكتاب وتم نشر الجزئين من الموسوعة وطرحهما فى مكتبات الهيئة.
■ للراحل العديد من المؤلفات.. ما أبرز الكتب التى تحبانها؟
- بالنسبة لنا كأبنائه «مجرد ذكريات».. مذكرات رفعت السعيد من ثلاث أجزاء هى أحب مؤلفاته لقلبنا، حيث تحكى تفاصيل نضاله من أول اعتقال له فى عمر ١٥ عامًا فى المنصورة.. سنوات لم نعشها وتفاصيل لم نعرفها عن والدنا، ومؤلف «تاريخ الحركة الشيوعية المصرية ١٩٠٠-١٩٨٠» من أهم مؤلفات رفعت السعيد وأفنى فيها سنوات طويلة من حياته، كما يعتبر المرجع الأول فى هذا المجال البحثي، وكتاب «مناضلون يساريون» هو التوثيق ربما الوحيد للسيرة الذاتية لكل مناضلى اليسار، وأتذكر اللقاءات التى كان يسجلها والدى فى مكتبته مع زملائه لإصدار هذا الكتاب.
■ ما دور السيدة والدتكما فى حياتكما وحياة الدكتور رفعت السعيد؟
- والدتنا ليلى الشال زوجته وشريكة حياته ورفيقة رحلة نضاله كانت شريكة حياته فى المنزل والحزب والمسيرة السياسية الطويلة.. هى أيضًا عاشت سنوات نضال واعتقال وقامت برعاية المنزل ورعايتنا على أكمل وجه، وكان لها دور قيادى نقابى وفى الاتحاد النسائى لحزب التجمع، وقد تأثر والدنا جدًا بعد وفاتها فى ٢٠١٥.
■ ماذا عن الموقع الإلكترونى الخاص به وقد سمعنا عن خطة لتطويره؟
- قمنا بإطلاق موقع إلكترونى بعد وفاته ضم بعض مقالاته فى «الأهرام» و«الأهالي» وبعض مؤلفاته التى يمكن تحميلها مجانًا من الموقع، ونعمل الآن فى خطة تطوير شاملة للموقع مع جريدة «البوابة» ومع الدكتور عبدالرحيم على شخصيًا، وهو من أوفى تلاميذ الدكتور رفعت، وسوف يحوى الموقع مقالات وأرشيف رفعت السعيد ولقاءاته التليفزيونية والأحاديث الصحفية وصورًا له، وكذلك مؤلفاته التى يمكن تحميلها من الموقع أو الحصول عليها مطبوعة مجانًا، رغبة منا فى نشر أفكار رفعت السعيد.
■ كيف تنظران لأشكال تكريم الدولة له؟ وما هى مطالبكما ليكتمل هذا التكريم؟
- حتى الآن قمنا بمجهودات فردية استجابت لها مشكورة بعض مؤسسات الدولة، حيث أَهدينا أربعة آلاف كتاب من مقتنيات ومؤلفات والدنا لمكتبة الإسكندرية عرضتها ضمن مكتبات المقتنيات الخاصة بمكتبة الإسكندرية، كذلك قمنا بالتعاون مع قسم التاريخ فى كلية الآداب جامعة المنصورة، مسقط رأس العائلة، بإنشاء مكتبة خاصة لمؤلفات والدنا.. نأمل أن نستكمل المشروع الذى تمت الموافقة عليه ولكنه توقف بإتاحة مؤلفات رفعت السعيد فى قصور الثقافة، ونحلم أن يخصص جزء لمؤلفات رفعت السعيد فى مكتبة العاصمة الإدارية الجديدة.