الوعى والصيانة الدورية وتوسعة الشوارع الضيقة تقينا من الحرائق وتنقذ الأرواح من النيران.. هذا ما يؤكده الخبراء الأمنيون وخبراء الحماية المدنية، خاصة وأن الحرائق التي تعد من أشد المخاطر المهددة لأمن وسلامة الإنسان والممتلكات العامة والخاصة على وجه الإطلاق، لسرعة إنتشارها، وتسببها لخسائر في الأرواح، والممتلكات، وتخلف ورائها آثارًا مدمرة أكبر ما لم تتم السيطرة الفورية عليها ؛ ولذا يبرز إمتلاك الدولة المصرية لقطاع حماية مدنية متطور بشكل مستمر تحت إدارة وزارة الداخلية لمكافحة الحرائق، ويتفوق على أمثاله فى كثير من الدول المجاورة لمصر، ويعتبر رجل الإطفاء المصرى متميز فى تدريبه وأداؤه دائمًا على المستوى العربى والاقليمى، وكذلك ما توفره الدولة من سيارات إطفاء مجهزة بكل أنواع السوائل الخامدة للنيران ومعدات إطفاء على أعلى مستوى، بحيث تكون تلك المعدات مجهزة للتحرك السريع الملائم لخطورة الموقف، ولكن كيف يرى الخبراء آلية إدارة أزمة معوقات الحماية المدنية فى التوصل إلى أفضل وأسرع طرق الإطفاء للحرائق، ودور الوعى والثقافة فى منع نشوبها وكيف أن البيوت ينقصها طفايات حريق فى جهاز العروس كثقافة واجبة وضرورية.
يرى اللواء محمود الرشيدى، الخبير الامنى ومساعد وزير الداخلية الأسبق، أن ثقافة الشعب المصرى فى التعامل مع حالة نشوب حريق تحتاج إلى التدريب والتأهيل، وتعريف المجتمع كيف تنقذ نفسك والآخرين من الحريق والأدخنة المتصاعدة، وكيفية وضع أولوية انقاذ الأرواح فى المرتبة الأولى لدينا جميعًا فى حال نشوب أى حريق، مضيفًا أن عملية إطفاء الحرائق هي تحرك سريع يستهدف إلى انقاذ الأرواح فى المقدمة، والحد من إتساع الحريق وانقاذ الممتلكات العامة والخاصة والمنشآت والعمل على إطفائه واخماد النيران باسرع وقت ممكن، وذلك من خلال أربعة خطوات كالآتي: «حماية المباني، والمبانى والمناطق المجاورة، والتي لم يمتد اليها لحريق، والسيطرة على النار داخل المبنى، وعدم السماح للحريق بالامتداد الى الخارج من الأبواب والنوافذ وبالتالى بالنفاذ إلى الخارج، وذلك عن طريق السيطرة على مناطق إشتعال اللهب الأمامية، ومنع انتشارها، عن طريق استخدام خراطيم دفع الماء، أو عواملِ التبريد الأخرى. اختيار منافذ يدخل، ويخرج منها رجال الإطفاء في عملية منظمة يطلَق عليها اسم (التهوية)، بحيث يتم اختيارها بعناية ودقة متناهية؛ لمَنع حدوث انفجار للدخان الناتج عن الحريق وإطفاء الحريق المتصاعد الاشتعال باستخدام صهاريج المياه التي تتدفَق بقوة، والتي تضاف إليها مواد معينة؛ لإطفاء الحريق».
ويقول اللواء علاء عبدالظاهر، مساعد وير الداخلية الأسبق لـ«البوابة»، إن مصر دائمًا فى الصدارة الإقليمية والعربية فى الحماية المدنية وخاصة فى مكافحة الحرائق وآليات الإطفاء منذ سنوات طويلة، وهذا ما تحافظ عليه الدولة المصرية منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى القيادة السياسية، ولكننا نحتاج إلى حل مشكلة ضيق الشوارع فى كثير من الأحياء فى كثير من المحافظات لنضمن قدرة سيارات الإطفاء الوصول إلى نقطة الحريق بداخل الأحياء، وألا تعوقنا مشكلة ضيق الشوارع مثل إمبابة مثلًا مما يمثل مخاطر جمة تواجه الحماية المدنية ويؤخرها عن انقاذ الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، وهذا يحتاج إلى خطة دقيقة موسعة تشمل كل محافظات الجمهورية وبالتنسيق بين كل الجهات والهيئات والوزارات المعنية بتوسيع الشوارع وخصوصًا وزارة التنمية المحلية والمحافظين.
وقال اللواء عادل مخلوف، الخبير الأمنى لـ«البوابة»، إن الحريق هو تفاعل سريع لمادة قابلة للاشتعال مع الأكسجين يصاحبه حرارة وضوء؛ ولكي يحدث الحريق يجب توفر ثلاثة عناصر أساسية ورئيسية مجتمعة لكى تشتعل أى نيران وأنا أطلق عليهم «مثلث الاشتعال أو مثلث الحريق»، وتلك العناصر الثلاثة هى جوهر الاشتعال فى أى حريق وهي المادة القابلة للاشتعال والأكسجين أو المادة المؤكسدة؛ ومصدر للحرارة، فالحرائق لا يمكن أن تشتعل إذا نقصت واحدة من العناصر الثلاثة السابقة ومن هنا يجب التأكيد على ضرورة حفظ المواد القابلة للاشتعال بعيدًا عن مصادر الحرارة، ومصادر الاحتراق كثيرة، منها الكهرباء الساكنة والشرار المتطاير من بعض الأجهزة وكذلك مصادر اللهب والتسخين.
وقسم «مخلوف» الطفايات إلى عدة أنواع: «طفايات للتعامل مع تلك الحرائق، وهي مصنفة حسب الحريق الذي تستخدم لإطفائه، طفايات الماء، وهي تستخدم لمقاومة الحرائق من نوع الخشب والورق والملابس والمطاط والبلاستيك، ولكن يجب ألا تستخدم لمقاومة الحرائق من نوع الغازات القابلة للاشتعال الشائعة والأجهزة والأدوات الكهربائية مثل السخانات الكهربائية والأفران والعناصر الكيميائية القابلة للاشتعال مثل الصوديوم والبوتاسيوم، والمواد الكيميائية الصلبة القابلة للاشتعال، الطفايات بيكربونات الصوديوم وحمض الكبريتيك، وعند رج الطفاية يحدث تفاعل قوى للمادتين مما يؤدي إلى دفع المحتوى بقوة من فتحة البخاخ فى أعلى الإسطوانة، مما يمثل خطورة على مستخدمها ولذلك لو شخص مدنى يحتاج للتدريب على ذلك»، ويشير «مخلوف» إلى نوع آخر من الطفايات وهي «طفايات ثاني أكسـيد الكربون»، وهذا النوع من الطفايات فعال للحرائق من نوع جميع السوائل والغازات القابلة للاشتعال الشائعة، والأجهزة والأدوات الكهربائية مثل السخانات الكهربائية والأفران، ويجب أخذ الحيطة والحذر عند استعمال هذا النوع من الطفايات بسبب قوة الدفع الشديدة الخارجة من فوهة الطفاية، والتي قد تسبب في تكسير بعض الزجاجيات الثمينة، وطفايات البودرة الجافة، وهذه تستخدم للحرائق من نوع الخشب والورق والملابس والمطاط والبلاستيك، والأجهزة والأدوات الكهربائية مثل السخانات الكهربائية والأفران وعادة تملأ هذه الطفايات بمادة غير عضوية مثل بيكربونات الصوديوم أو فوسفات الأمونيوم.
وحذر «مخلوف» إلى أخطاء شائعة عند مكافحة الحريق باستخدام طفايات الحريق اليدوية، وهي مكافحة الحريق عكس تيار الهواء مثلًا مما يقلل من كفاءة طفاية الحريق ويعرض حاملها للحرارة والدخان ومادة الإطفاء، وعدم توجيه المقذوف إلى أسفل قاعدة اللهب، والبدأ بقذف المادة الإطفائية قبل الاقتراب إلى مسافة مؤثرة وعدم التأكد من إخماد الحريق فيعاود الإشتعال.
من جهته، قال اللواء حنفى محمد، مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير بالحماية المدنية، لـ«البوابة»، إن سلوكيات الأفراد، أو رداءه نوعية تفاصيل الأدوات الكهربائية وخاصة الأسلاك الموصلة للكهرباء المستخدمة فى البيوت والمنشآت فى مصر، تفتقد للصيانة المستمرة وعدم الوعى المتنامى لمخاطر تلك التفاصيل، التى لا تحظى باهتمام وثقافة الشعب المصرى، ولذلك فان مسببات الحرائق في المنازل عادة ما تتوقف على أخطاء فردية لا نعى خطورتها، ولا نقوم بالصيانة الدورية لكثير من الأجهزة المستعملة بشكل يومى ونتعامل معها باستهانة مما يؤدى فى بعض الأحيان إلى الاشتعال المفاجىء لبعض الأجهزة، مثلما حدث لجهاز التكييف فى كنيسة أبوسيفين فى إمبابة، فلو كانت هناك صيانة دورية مستمرة ما كان الجهاز اشتعل فجأة.
وبالنسبة لقواعد التعامل مع الحريق، قال: «لابد وأن يكون في كل منزل جهاز إطفاء، وهذا لا يحدث عادة ومعظمنا غير مهتم بذلك، وضرورى أن تكون ربة المنزل بالتحديد على علم بطريقة استعماله لوجودها فترات طويلة فى المطبخ وتعاملها مع أجهزة البوتجاز، وعند وقوع الحريق مثلًا أنصح ربات البيوت ألا تستخدمن المياه في إطفاء الحريق أبدًا، ويستخدمن الرمال أو التراب، والأفضل العمل على منع الهواء عن الحريق بأى وسيلة دون استخدام المياه مثل فرد بطانية على النيرات بقذفها من بعيد مفرودة لاتقاء سخونة اللهب المشتعل المسبب للحروق من الدرجة الثالثة والغثيان».
وأكد «حنفى» أن الوقاية خير من العلاج، مشيرًا إلى أهمية توسعة شوارع الأحياء لكى يتسنى لسيارات الإطفاء أن تدخله بسهولة ويسر وسرعة.