السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

كيف تتجنب الديون مع أزمة التضخم وتكلفة المعيشة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

المتابع جيدًا للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لا بدَّ أن يشعرَ بالمخاوف تجاه المستقبل، حيث إنَّ التضخمَ متزايدٌ ومستمرٌ ولم يبلغ ذروته بعدُ. المواطن منشغلٌ بزيادة المصروفات والكتب المدرسية والزيّ المدرسيّ كما أرهقته تكلفة الطعام وما كان يكفي للإنفاق على طفل أو طفلين تضاعف مرتين أو ثلاث خلال الشهورالأخيرة. وهي أخبار مقلقة لأن الكثيرين يكافحون لعدم التورط في أيِّ ديون قد يضطرون إليها "غصبًا عنهم"، كما أنه لا يبدو أن العديد من الناس جاهزون للتعامل مع هذه الأزمات وحالات الركود الممتدة ويحتاجون لمعارف حول كيفية تجنب الديون مع أزمة التضخم وارتفاع تكلفة المعيشة.
ومن المعروف أن حالات الركود هي فترات من التدهور الاقتصادي الناجم عن الناتج الإجمالي السلبي، وارتفاع البطالة، وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي. ويمكن أن تستمر لأشهر أو سنوات، بناءً على سوابق الأزمات الاقتصادية التي شهدها التاريخ القريب. والأوضاعُ متشابهة حول العالم، حيث أدى الارتفاع الصاروخي في أسعارالمواد الغذائية والوقود والكهرباء والانتقالات والأدوية وأسعار الخدمات إلى إغراق ملايين الأشخاص في مصاعب مالية. جاء ذلك بعد صعوبات مماثلة في التعامل مع أكثر من عامين مضطربين جراء جائحة كورونا وأزمات الإمداد العالمية، وقد أضافت الأزمة الناجمة عن الحرب الأوكرانية المزيد من صعوبات الركود وتدهور في القدرة الشرائية. ويخشى الخبراء أن تزداد أزمة تكلفة المعيشة سوءً خلال الشهور المقبلة. نتيجة لذلك، من المرجح أن يتورط المزيد من الناس في الديون. 
تظهر دراسة حديثة أجراها مكتب التجارة الفيدرالية أن المملكة المتحدة، على سبيل المثال، يلجأ فيها شخص من بين كل ستة بريطانيين إلى الحصول على قروض أو بطاقات ائتمان. ومع ذلك، هناك طرق تمكِّنُ من مساعدة الناس للخروج من المنطقة الحرجة والحفاظ على الاستقرار المالي. ولا بد في البداية من إدراك حقيقةَ أن الإنفاق لو استمر بنفس الطريقة التي تعوّدَ المواطن عليها فإن مشكلات ستواجهه حتمًا عاجلًا أو آجلًا، لذلك لا بد من تحديد أولويات المدفوعات المستحقة مع محاولة ترتيبها حسب الأهمية بالنظر إلى أسعار الفائدة والعقوبات لكل عنصر، ولا بد من الالتزام بالنفقات الضرورية فقط، مثل تكاليف السكن والانتقالات ومدارس الأبناء؛ أما غير الضرورية فمطلوب التخلص منها، خاصة النثريات، على سبيل المثال التطبيقات العديدة على التليفون والاشتراك في قنوات تليفزيونية كثيرة والحد من استهلاك باقات مكلفة من الانترنت وفواتير المحمول والمياه والكهرباء والغاز… كلها تحتاج لإدارة جيدة للموارد بحيث يتم الاقتصاد في المصروفات حتى تتلاءم مع الدخل والزيادة في أسعار الاستهلاك. 
كذلك الأمر بالنسبة "للخروجات" فالاقتصار على الضروري منها تقليلًا من استهلاك الوقود لو هناك سيارة أو مصاريف انتقال، أما الحصول على قروض جديدة فليس بالأمر المطلوبِ حاليًّا رغم كون البنوك تحاول تحفيز العملاء نحو القروض الجديدة. ومن المهم التوقف والتفكير  في عواقب الاقتراض الآن، وما إذا كان هذا قد يؤدي إلى تفاقم الوضع المالي في وقت لاحق. ولو لديك قرض فمن الأفضل اللجوء لإعادة جدولة أقساطه على أطول مدة ممكنة حتى تعطي فرصة لتغطية الزيادة التي حصلت في النفقات الشهرية. ومن الأفضل الابتعاد عن السحب على المكشوف أو وضع حدٍّ أقصى لمقدار السحب على المكشوف من البنك لتجنب الديون التي يجد البعض صعوبة في التخلص منها بالكامل. ومن النصائح أيضًا التي يسديها أصحاب المشورة الاقتصادية للمستهلكين الآن الابتعاد عن عروض "اشتر الآن، وادفع لاحقًا" لأنها تؤدي بهم إلى الضياع مع الفوائد التي تلاحقهم. كذلك تجنّب الإغراء من التسويق عبر الإنترنت، فقد يضطرك لشراء أشياء غير ضرورية. كذلك الأمر بالنسبة لتغيير التليفون المحمول والسيارة والمنزل فكلها قد تفاقمُ من الوضع الماليّ.
قد نكون في مصر بحاجة لتوجيه من الحكومة وقرار من البنك المركزي لتقديم البنوك تسهيلات بشأن خطط سداد الديون للعملاء سواء كانوا أفرادًا أو شركات مثلما جرى العمل به خلال جائحة كورونا. كما أن التفاوض ضرورة ملحة بشأن خطط سداد المصروفات المدرسية والجامعية على عدة أقساط، وكذلك فواتير الكهرباء والغاز والمياه والتليفون حتى لا تتراكم الديون وتُحمل بغرامات تأخير أو فوائد. 
عادة عندما يصبحُ المستهلكون أكثر قلقًا بشأن واقعهم الاقتصادي، فإن أول شيء يميلون إلى فعله هو تلافي تناول الطعام خارج المنزل والحد من الخروج مع الأصدقاء أو الذهاب في رحلات ترفيهية. سيكون المنزل هوالحل السليم والآمن للجيب خلال الشهور المقبلة والمطلوب هو القيام بنشاطات داخل المنزل ومع أفراد الأسرة بشيء من الاستمتاع حتى لا يتحول الروتين إلى حالة من الحزن والاكتئاب نتيجة تغيير العادات. ومن الملاحظ أنَّ حركة المطاعم شهدت انخفاضًا طفيفًا في الشهرين الماضيين، وارتفع معدل تناول الطعام في المنزل على مستوى العالم، وليس في مصر فقط. ورغم أن المستهلكين أصبحوا "قلقين" الآن بشأن تداعيات الوضع الاقتصادي على جيوبهم، لكنهم ما زالوا ينفقون بعض الأموال على الجانب الترفيهي حيث تزامنت الأزمة مع فصل الصيف والتخطيط للمصائف. وهذا سيقلُّ كثيرًا لو تواصلت الأزمة العالمية في الشهور المقبلة حيث أن فترات الانكماش تدفع حتمًا لتغيير عادات الإنفاق الخاصة بكل شخص. 
همسة أخيرة في الأذن: إذا وجدت أن استخدام بطاقة الخصم الخاصة بك يجعل من السهل جدًا إنفاقها، اترك البطاقة في المنزل واسحب مبلغًا محددًا من النقود ليستمر معك طوال الأسبوع، ولا تسحب أكثر من ذلك حتى لو أنفقته!