أيام قليلة مرت على عملية تصفية أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، أثناء وجوده في أفغانستان، ليستيقظ العالم على عملية نوعية جديدة تم خلالها القضاء على "أبو سالم العراقي"، الزعيم العسكري لتنظيم داعش الإرهابي، أثناء وجوده جنوب سوريا.
العملية نفذتها قوات أمنية متخصصة عملية، اقتحمت بلدة "عدوان" بالريف الغربي لمحافظة "درعا" جنوب سوريا، حيث تمت محاصرته وإطلاق النار عليه، مما أسفر عن إصابته بعدة طلقات، قبل أن يفجر نفسه بحزام ناسف.
المصادر الأمنية السورية كشفت عن أن عملية التصفية، تمثل مرحلة ثانية من مراحل مطاردة الزعيم العسكري لداعش، التي بدأت في مدينة "طفس" بريف درعا، قبل أن يفر منها لتلاحقه العناصر الأمنية إلى ريف عدوان حيث مصرعه.
العملية أسفرت عن قتل عنصر أمني، وإصابة مدني بجروح، بعد أن اتخذه الإرهابي أبو سالم العراقي رهينة.
شهود العيان أكدوا أن عملية مطاردة "العراقي"، شهدت اشتباكات عنيفة بين القوة الأمنية المكلفة بتصفيته، وعناصر تابعة له في محيط مدينة طفس، إلا أن القوات الأمنية استطاعت السيطرة على المدينة.
وتأتي هذه العملية على خلفية تصعيد أمني حاد، تشهده مناطق الجنوب السوري، حيث جرت عملية لتهجير عائلات مدينة طفس، ومزارعها إلى مناطق أكثر أمنا خارجها، بالتزامن مع وصول تعزيزات تابعة للجيش العربي السوري، وانتشارها بمحيط المدينة، مدعومة بالفرقة "15 المتخصصة"، التي استهدف المنطقة المحيطة مقر اختباء الزعيم العسكري لداعش الرشاشات الثقيلة والقذائف، ما دفعه إلى الفرار، قبل العثور عليه وقتله في عدوان.
عملية تصفية "العراقي"، لم تكن النجاح الوحيد للقوات السورية، التي تمكنت كذلك من تنفيذ عملية ناجحة أخرى، استهدفت مجموعة إرهابية انغماسية، من جنسيات مختلفة، إثر محاولتها التسلل باتجاه قرية جوباس بريف إدلب الشرقي.
وذكرت مصادر ميدانية أن القوات أمكنها التصدي لنحو 30 إرهابياً من جنسيات أجنبية مختلفة، وصد محاولتهم للتسلل من منطقة النيرب، باتجاه إدلب، بهدف تنفيذ عمليات إرهابية في المنطقة.
وأوضح المصدر أن عملية التصدي أسفرت عن مصرع وإصابة المجموعة الإرهابية الانغماسية، ومصادرة أسلحتهم، وتفكيك ما كان بحوزتهم من متفجرات وأحزمة ناسفة.
عملية احترافية
العفيفي: العملية تؤكد تطورا الأداء الاحترافي للأمن السوري
من جهته قال الدكتور فتحي العفيفي، أستاذ الفكر الاستراتيجي بجامعة الزقازيق، إن عملية تصفية القيادي العسكري لداعش، تمثل نقطة تحول في وجود هذا التنظيم بسوريا، نظرا للحرفية العالية التي جرى تنفيذها بها.
وأشار إلى أن إقدام إرهابي بحجم "أبو سالم العراقي"، على تفجير نفسه، يشير إلى إحكام الأمن السوري على مقاليد الأمور، حتى أنه لم يجد مفرا من الانتحار.
وأوضح العفيفي أن نجاح هذه العملية ترافق مع تصفية نحو 30 إرهابيا آخرين، ما يشير إلى تطور كبير في الأداء الاحترافي للأمن السوري.
ولفت العفيفي إلى أن هذه العملية الناجحة ستؤثر بلا شك على قوة ووجود التنظيم ميدانيا على الأرض في سوريا، نظرا إلى أن العراقي كان من أهم القادة العسكريين، الذين شاركوا في تخطيط وتنفيذ جميع الجرائم التي وقعت من قبل التنظيم في الفترة منذ عام 2018، حيث شارك في الاغتيالات والفوضى التي شهدها الجنوب السوري منذ ذلك القوت.
النجار: العراقي المسؤول الأول عن جرائم داعش منذ 2018
من جهته أكد هشام النجار، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن أبو سالم العراقي، مسؤول داعش العسكري في سوريا، كان مجرما خطيرا، يحتجز الرهائن في منزله، ويخطط ويدبر الجرائم التي يرتكبها التنظيم في سوريا.
وأوضح أن الأمن السوري نجح في تضييق الحصار عليه، وعند مطالبته بتسليم نفسه فجر جسده بواسطة حزام ناسف كان يرتديه، ما أدى لمقتله وأحد مقاتلي الفصائل، وأحد الرهائن وجرح آخرين.
ولفت النجار إلى أن الفصائل المحلية التابعة سابقا للمعارضة العسكرية في درعا، تدرك أن حكومة دمشق والميلشيات الإيرانية باتت تستثمر في تنظيم داعش منذ سقوط قوته الرئيسة في 2018، ولذلك هناك قرارا لدى هذه الفصائل بملاحقة قيادات وعناصر التنظيم والخلاص منهم، وهذا يحدث بشكل خاص في الريف الغربي، لذا فإنهم يقعون في قبضة الأمن السوري، عند محاولتهم الفرار من ملاحقة باقي الفصائل لهم.
وأشار إلى أن هناك استهدافا مستمرا لعناصر داعش، للحد من عمليات الاغتيال التي تنفذها هذه العناصر، وكذلك إسقاط ذريعة النظام السوري بأن وجود العناصر والقيادات التابعة لداعش في درعا، يجعلها حجة دائما لشن هجمات عسكرية على المحافظة.
فاروق: ننتظر سقوط المزيد من قادة التنظيم خلال الأيام المقبلة
بدوره قال عمرو فاروق الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، إن تصفية زعماء تنظيم داعش أصبح أمرا شبه معتاد، لكنه في الوقت ذاته له تأثير كبير على قوة التنظيم وبناءه الهيكلي.
وأشار إلى أن مقتل أبو سالم العراقي، سيؤدي إلى مزيد من الجرأة الأمنية، وجرأة الفصائل المنافسة لداعش على ملاحقة عناصره، وتتبعها، وتصفيتها، وهو ما يشير إلى سقوط المزيد منهم.
وأضاف أن التوقعات تشير إلى مزيد من الاستكانة للتنظيم في الأيام المقبلة، ولن يكون لديه نية للانتقام، إلا بعمليات فردية، تنفذها عناصر شاردة، وذلك لانهيار قوة التنظيم من جهة، ولكثرة أعداءه وملاحقيه من جهة أخرى.
وأشار فاروق، إلى أن القضاء على الزعيم العسكري للتنظيم في سوريا، يأتي ضمن الهزائم الكبيرة التي تلقاها تنظيم داعش منذ مصرع زعيمه أبو بكر البغدادي.
واستبعد فاروق لجوء تنظيم داعش لتحالف مع تنظيمات إرهابية أخرى، مثل: القاعدة، خاصة بعد أن فقد قائدها أيمن الظواهري، أو داعش خراسان، أو غيرهما.
ورجح فاروق، أن يطلق التنظيم حملة لجمع أتباعه، في محاولة للدفاع عن كيانه واستعادة هيبته، لكن ليس بعمليات فورية أو كبيرة، وإنما سيستغرق الأمر وقتا، وقد يفشل التنظيم في حماية وجوده.