شهدت الأسابيع القليلة الماضية، تطورات متسارعة فى العلاقة بين الصومال وإثيوبيا، كان العاملان الرئيسيان فيهما هو توغل حركة الشباب الصومالية بعمق حوالى ١٥٠ كيلو مترا داخل إثيوبيا، بالإضافة إلى زيارة الرئيس حسن شيخ محمود إلى مصر يوليو الماضي، وهو الأمر الذى أثار حفيظة رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد.
وفيما يتصل بتوغل الشباب داخل إثيوبيا، فيبدو أن أديس أبابا عازمة على إقامة منطقة عازلة مع الصومال، كإجراء أمنى لمواجهة مقاتلى "الشباب"، وهو ما صرح به رئيس الولاية الصومالية مصطفى محمد عمر، بعد أيام من اقتحام "الشباب" للولاية الحدودية، وأرسلت ٢٠٠٠ جندى على جانبى خط الحدود الفاصل بين البلدين فى الولاية الصومالية، وجنوب غرب الصومال.
وقالت السلطات فى جنوب غرب الصومال، إن إثيوبيا نشرت ألفى جندى نهاية الأسبوع الماضى فى منطقة جيدو الصومالية لمنع مقاتلى الشباب من العبور إلى إثيوبيا، وأضاف المتحدث باسم الإدارة الإقليمية لمنطقة جيدو على يوسف عبد الله، أن القوات الإثيوبية أنشأت قواعد فى بلدة دولو الحدودية وحولها، وفقا لتقرير نشرته إذاعة صوت أمريكا فى ٨ أغسطس الجاري.
وأكد المسئول الصومالي، أن إثيوبيا شنت غارة جوية ضد مواقع لحركة الشباب فى منطقة جيدو، حيث كان مقاتلو الشباب يتجمعون لشن هجوم على إثيوبيا؛ مشيرا إلى أن الغارة الجوية تمت بالتنسيق مع الجيش الإثيوبى وسلطات ولاية جوبالاند الصومالية، ولدى سؤاله عما إذا كانت الحكومة الفيدرالية الصومالية على علم بوصول قوات إثيوبية جديدة من خارج الاتحاد الأفريقى إلى المنطقة، أجاب بالقول إن الحكومة تعلم أن القوات قادمة لمحاربة الجماعة المتشددة.
وبعد الضربات الجوية العسكرية الإثيوبية الأخيرة، دمر مقاتلو حركة الشباب هوائيات شركات الاتصالات المملوكة للقطاع الخاص فى المنطقة.
ويأتى انتشار القوات الإثيوبية فى الصومال بعد أن قال الجيش الإثيوبى إن قواته قتلت أكثر من ٨٠٠ من مقاتلى حركة الشباب ردا على هجوم نادر عبر الحدود.
وقال الجنرال تسفاى أيالو، الضابط فى الجيش الإثيوبي، إن أكثر من ٨٠٠ من مقاتلى الشباب، من بينهم ٢٤ من كبار القادة ، قتلوا فى العملية الأخيرة.
وقال مسئولون أمنيون آخرون فى الولاية الصومالية الإثيوبية لإذاعة "صوت أمريكا" إن هناك خسائر فادحة فى الجانب الإثيوبى وأن حركة الشباب ألقت القبض على العديد من المسئولين، بمن فيهم المسئلون المحليون.
وذكرت صحيفة أديس ستاندرد أن رئيس الولاية الصومالية مصطفى محمد عمر، التقى رئيس منطقة جنوب غرب الصومال، المجاورة عبد العزيز لفتاقرين فى ٨ أغسطس الجاري، لمناقشة الوضع الأمنى للمناطق الحدودية عقب توغل حركة الشباب فى المنطقة الصومالية فى ٢٠ يوليو الماضي، واتفقا على تشكيل شراكة أمنية تهدف إلى إخراج حركة الشباب من القرى الحدودية.
وسافر زعيم الجنوب الغربى عبد العزيز لافتاغارين من بيدوة إلى إثيوبيا على متن طائرة عسكرية إثيوبية، وفى الأسبوع الماضي، سافر كبار الضباط العسكريين من قوات الدفاع الوطنى الإثيوبية وكبار ضباط الأمن الإقليميين الصوماليين إلى صوماليلاند وجوبالاند وبيليدوين وبايدوا لتحييد أنشطة مقاتلى حركة الشباب.
وعلى الرغم من إعلان المسئولين الإثيوبيين القضاء على عناصر الشباب الذين توغلوا فى الولاية الصومالية، إلا أن حركة الشباب وصلت إلى بلدة الكرى بالقرب من حدود المنطقة الصومالية الإثيوبية مع أوروميا.
وقالت إذاعة "صوت أمريكا" فى ١٠ أغسطس الجاري، نقلا عن مسئولين إثيوبيين ودبلوماسي، إن ما بين ٥٠ و ١٠٠ مقاتل من حركة الشباب تمكنوا من دخول المناطق الجبلية القريبة من بلدة الكري.
وفيما يتعلق بزيارة الرئيس الصومالى إلى القاهرة، فقد كشفت صحيفة "صوماليا جارديان" الصومالية، أن أديس أبابا غضبت من هذه الزيارة وبدأت فى اتخاذ خطوات من شأنها زيادة التوتر بين أديس أبابا ومقديشيو، خاصة وأن شيخ محمود كان ينوى زيارة العاصمة الإثيوبية قبل الوصول إلى مصر، إلا أن آبى أحمد، ألغى الزيارة بعد علمه برحلة الرئيس الصومالى الجديد للقاهرة.
وقالت "صوماليا جارديان" إن "الحكومة الإثيوبية بدأت مؤخرا دعوة العديد من القادة الإقليميين الصوماليين إلى أديس أبابا لإجراء محادثات حول توثيق العلاقات فيما يقول المحللون إنه رد واضح على زيارة الرئيس الصومالى لمصر الشهر الماضي.
وأضافت "كان زعيم ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دينى قد قام برحلة إلى أديس أبابا الشهر الماضي، حيث أجرى محادثات مع المسئولين الإثيوبيين، على الرغم من أن مناقشاتهم لم يتم الكشف عنها بعد، وبعد أسابيع قليلة، قامت طائرة عسكرية إثيوبية بنقل زعيم ولاية الجنوب الغربي، عبد العزيز لافتاغارين، المعارض للإدارة الصومالية الجديدة، إلى أديس أبابا، ويعتقد أنه أجرى محادثات مع كبار مسئولى الحكومة الإثيوبية".
وتابعت الصحيفة "كما دعت أديس أبابا زعماء ولاية هيرشابيل وجالمودوغ، وزارت عدة وفود إثيوبية مناطق صومالية أبرزهم "صوماليلاند"، فيما قالت أديس أبابا إنه يهدف إلى تعزيز التعاون فى مجال الأمن والواجهات الأساسية الأخرى، ولم تتحدث إثيوبيا بعد مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، وهى الكيان الوحيد فى الصومال لمناقشة مسائل التعاون الأمنى وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الدول الأخرى".
ونوهت إلى أن إثيوبيا كانت متحالفة مع إدارة الرئيس الصومالى السابق محمد عبد الله فرماجو، التى أدى سقوطها إلى تدخل سافر من قبل أديس أبابا فى السياسة الداخلية لجارتها، حيث دخل الآلاف من القوات الإثيوبية الجديدة المزودة بأسلحة ثقيلة ومركبات عسكرية عدة مدن صومالية فى منطقة جيدو ومن المتوقع أن يتبعها عدد أكبر، ورحبت الإدارة القبلية فى عهد فارماجو التى تسيطر على جزء كبير من المنطقة بالتوغل الإثيوبي.
قالت السلطات فى جنوب غرب الصومال، إن إثيوبيا نشرت ألفى جندى نهاية الأسبوع الماضى فى منطقة جيدو الصومالية لمنع مقاتلى الشباب من العبور إلى إثيوبيا