هل آن الاوان لاعتبار الساحل الشمالي امتداد عمراني للإسكندرية ؟
يمتد الساحل الشمالي بمصر من رفح شرقا على شبه جزيرة سيناء إلى السلوم غربا على الحدود المصرية الليبية، بطول ١٠٥٠ كم، لكن المقصود اصطلاحا دائمًا فى الوعى المصرى هو تلك المنطقة الممتدة من غرب الإسكندرية مرورا بالعلمين ومرسى مطروح وحتى السلوم،
ومما لاشك فيه ان الساحل الشمالي يعاني من أزمة ثقافة عمرانية.
فقد تم تدشينه في ثمانينات القرن الماضي كمقصد سياحي فقط وليس عمراني، عبارة عن مجموعة من القرى على شريط سأحلى ضيق، تم انشاءه دون النظر لخطة طويلة الأمد تعتمد على بناء مجتمعات عمرانية كاملة دائمة ومستدامة، مجتمعات قادرة على جذب سكان مناطق الدلتا المزدحمة بالسكان...
تم انشاء هذا الشريط الضيق من القرى في تجاهل تام إلى الظهير الصحراوي له، ولقد ادي ذلك الي اهدار ثروة عقارية ضخمة، وإسكان مهجور بمليارات الدولارات تستغل لمدة شهرين فقط من العام..!
و عندما اصبح الساحل القديم (من العجمى حتى مارينا) لا يرضى طموح الاثرياء، قرروا الانتقال الى نماذج اخرى من القرى ربما ترضى طموحاتهم المالية،،
واضحى الساحل القديم "الطيب" يستغل كمصيف للطبقات المتوسطة واقتصر الساحل الجديد "الشرير" كما يسميه المصريون على شرائح معينة من المجتمع المصري وهى شريحة الأثرياء ماليا ولكن للاسف فقراء ثقافيا،شريحة تعيش بأسلوب حياة مختلف يعكس مظاهر الثراء والمجون الغير مبرر، في تناقض واضح مع أوضاع ملايين المصريين من الطبقة الفقيرة والمتوسطة التي تعيش حياة وظروف اقتصادية صعبة.
منطقة الساحل الشمالي تعد واحدة من أجمل السواحل علي البحر المتوسط "مناخ لطيف، بحر صافى،رمال بيضاء ناعمة...الخ"
نترك كل هذا الجمال عندما يودعنا شباب الصيف ويأتي شيخوخة الخريف،،تتساقط فيه اوراق الشجر، وتنطفئ الأضواء وتوصد ابواب القري وتتحول الي اشباه اشباح يخيم عليها الظلام والهدوء، وتترك لفترات قد تتجاوز تسعة اشهر من العام، وتتجمد الاستثمارات المليارية دون توظيف او استفاده تذكر،،بل يتم ضخ المزيد من الاموال كمصاريف صيانة القرى والطرق والبنية التحية وكلها تدفع بشق الانفس سواء من الدولة او من الملاك.الاستثمار فى الساحل الشمالى مرتبط بنظرية اضرب واجري Hit & Run الفكرة فيها مرتبطة دوما بالوقت والاستغلال...
وهي فكرة تحتاج إعادة صياغة جديدة لتطوير ثقافة التعامل مع الساحل كامتداد عمراني وليس فقط مصيف الأثرياء ومغناطيس الانتقادات!
وهذه الصياغة تحتاج لحزمة إجراءات قانونية وإدارية وتوحيد اللوائح الداخلية للمنتجعات فيما يخص استمرار خدمات الساحل على مدار العام بما فيها المنتجعات والشواطئ بكل خدماتها، بعدالة أسعار تضمن استقرار وتطور تدريجي للتعامل معه كمدينة ساحلية وتنفيذه علي ارض الواقع بخلق فرص عمل مستدامه طول العام وليس مصيف فقط.
ويجب النظر للسياحة الخارجية (العالم الاوروبي والعالم العربي) والاربع فصول اجازات: اجازة كريسماس، اجازة شم النسيم، اجازة نص السنة واجازة الصيف
لا شك ان هذا التغيير سوف يصنع حضارة ويجلب مليارات الدولارات سنويا ويجعل ثقافة الحياة في المدن الساحلية المتوسطية، تستعيد امجادها، بدلا من ضغوط الإسكندرية والعجمي والفصل الاجتماعي الواقع.
كل المدن الجديدة تأخذ وقتا للتطور الي الاستدامة والدولة حين اعلنت عنها هي ليست غائبه ولكن تحتاج وقت في التنفيذ والمطلوب منا والشعب تغيير الثقافة في التعامل مع الساحل والمصيف.
حجم السخرية والانتقاد علي شبكات التواصل الاجتماعى عن الساحل الشمالي اصبحت مقلقة،،الجميع ينظر الى السلبيات دون الايجابيات، ولنا فى شبكة الطرق العظيمة،ومدينة العلمين الجديدة اسوه حسنة، للاسف اصبح المجتمع ينقد بعضه بعضا،،انتقاد للانتقاد فقط وبسخرية حول اوضاع المطاعم، الطرق، الشواطئ، اماكن السهر رغم ان كل المشاريع ناجحة، نحن كمجتمع يجب ان نشجع داخليا وخارجيا ونسلط كل الاضواء علي ساحلنا الشمالي بالشكل الإيجابي ونمتنع عن النقد السلبي العدواني – وسعيا الي الوصل للكمال
لا شك ان هناك العديد من المقومات للنهوض بالساحل الشمالي،،وتوظيفه افضل توظيف حتى يضاهى المدن الحضارية فى اوروبا والدول العظمى،ومنها على سبيل المثال ما يتم العمل عليه حاليا من خلق وسائل ربط وشبكات طرق مختلفة داخل الساحل كطريق الضبعة والقطار السريع وغيرها،،وعمل مشاريع زراعية وصناعية وتجارية تعد حافز لخلق مجتمعات عمرانية بها، على ان تكون مدينة العلمين الجديدة هى البداية.. ثم الاتجاه لمدن أخرى مثل "الضبعة "والحمام " والعلمين القديمة لأنها ستكون مقصد للكثيرين، حتى لا تتحول الى مناطق عشوائية، غير مخطط لها،مع عدم ترك الظهير الصحراوي لسماسرة وتجار الأراضي،وبالتالي إهدار موارد هذه المناطق.
نحن نسعي إلي أن يكون الساحل الشمالي منتجعا واعدا صيفا وشتاء فهذه هي الترجمة الفعلية لمفهوم التنمية المستدامة.