أعرب المبعوث الخاص لأوكرانيا لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا السفير ماكسيم صبح، عن أمله في أن تحظى القضية الأوكرانية قسطا كبيرا واهتماما خاصا ضمن جدول أعمال القمة المرتقبة في الجزائر مطلع شهر نوفمبر المقبل .
وأشار السفير صبح ،في كلمة وجهها اليوم الخميس عبر الفيديو كونفرانس إلى الجلسة المراسمية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة لبنان، إن
الحكومة الأوكرانية ترغب في عقد مؤتمر القمة الثاني لمنصة القرم تحت الرعاية السامية لرئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي و الذي سينعقد افتراضيا في 23 من الشهر الجاري عشية احتفال اوكرانيا بالذكرى الواحدة و الثلاثين للاستقلال، داعيا الرؤساء العرب للمشاركة الافتراضية في تلك القمة من خلال إلقاء كلمة ترحيبية قصيرة أو ارسال تسجيل مصور لزعماء البلدان العربية مما سيسهم في الانهاء العاجل للحرب الدائرة في أوكرانيا و وقف إراقة الدماء.
وأضاف إن أوكرانيا ، التي تواجه إرهاب دولة تمارسه روسيا في حقها، تدرك مدى خطورة هذا التحدي بالنسبة الى الدول العربية أيضًا، و لذلك ، فإن أوكرانيا مستعدة استعدادا تاما للمساهمة في التغلب على تجاوز المشاكل و القضايا الساخنة في الشرق الأوسط وأفريقيا لا سيما في منطقة الساحل الافريقي وتطمح في المقابل في دعم الدول العربية لها من اجل مواجهة الإجراءات غير القانونية والإجرامية التي تقوم بها روسيا ضد أوكرانيا.
وأعرب السفير صبح عن اعتقاده بأن الدعم الفعال لأوكرانيا من طرف الدول الأعضاء في الجامعة العربية في مقاومتها للعدوان الروسي المسلح لن يتعارض مع مبادئ السياسة الخارجية للدول العربية الداعية الى احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامة أراضيها ، وحرمة حدودها المعترف بها دوليا، وعدم استخدام القوة لحل النزاعات وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وعبر السفير صبح عن شكره للجامعة العربية على سرعة استجابتها و حسن تنظيمها لهذا اللقاء الافتراضي الهام، مجددا شكره و عرفانه على التفاعل القوي مع القضية الأوكرانية آملا بأن تجمعه لقاءات أخرى في المستقبل القريب خلال زيارتي المرتقبة الى القاهرة قبل نهاية العام الجاري مع ممثلي الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية،مشيدا باهتمام الدول العربية بالقضية الأوكرانية.
وقال السفير صبح إن" تنصيب بعثة الممثل الخاص لأوكرانيا لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا من قبل رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي وتعييني في هذا المنصب ما هو إلا دليل على الأولوية القصوى التي توليها أوكرانيا و قيادتها لتكثيف حوارها السياسي مع البلدان العربية ، وتطوير التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري وتفعيل الاتصالات في مجال الزراعة و الأمن الغذائي و الطاقة والنقل والطيران وبناء السفن والاستغلال السلمي للفضاء و كذلك التعليم والرعاية الصحية والسياحة وتعميق التعاون و التنسيق في إطار الأمم المتحدة و غيرها من المنظمات الدولية المؤثرة".
وأكد "صبح" أن أوكرانيا تولي أهمية بالغة لتطوير تعاونها مع جامعة الدول العربية التي تعد إحدى المنظمات الدولية الأكثر نفوذاً والتي تلعب دوراً محوريا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،معربا عن تطلع بلاده إلى تعزيز علاقاتها الثنائية مع الجامعة العربية في اطار تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين وزارة خارجية أوكرانيا والأمانة العامة لجامعة الدول العربية في عام 2009.
وأضاف إن أوكرانيا تشاطر جامعة الدول العربية مقارباتها و مواقفها تجاه العديد من القضايا الدولية و الاقليمية الراهنة التي تملي علينا ضرورة التنسيق المتواصل من أجل بناء عالم أكثر أمنا و استقرارا ، مقدما الشكر لكافة الدول العربية على دعمها لأوكرانيا في اطار الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى،معربا عن أمله بأن يستمر هذا التعاون في أجواء مفعمة بروح المودة و التفاهم فيما يخص العديد من القضايا الدولية والإقليمية الهامة.
وأشار إلى أن أوكرانيا كانت دوما و لا تزال معنية بقضايا الشرق الأوسط و إفريقيا و إنها لم و لن تألُ جهدا في سبيل حلها و تسويتها سلميا عبر الحوار و التفاوض،منوها في هذا السياق الى أن كييف حريصة على الالتزام بمواقفها المتوازنة وغير المنحازة بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط رغبة منها في تطويرعلاقات مستقرة وبناءة مع جميع الدول العربية و اسرائيل.
وأكد تأييد أوكرانيا لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني في إطار القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة على أساس مبدأ حل الدولتين - إسرائيل وفلسطين – اللتين تعيشان جنبا الى جنب في سلام وأمان.
و فيما يتعلق بمسألة الوضعية القانونية للقدس الشريف،أكد السفير صبح، أنه لا بد من مراعاة القانون الدولي و تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
وقال إن أوكرانيا تتابع عن كثب التحولات الجارية في ليبيا. ونأمل بأن تنتهي الفترة الانتقالية الراهنة بنجاح عبر اجراء انتخابات نزيهة وشفافة من أجل تمكين الشعب الليبي من التوصل الى حلول توافقية تنهي الاحتقان السياسي و تجمع بين جميع الفرقاء بغية ضمان ازدهار ليبيا و استقرارها سياسيا و أمنيا واقتصاديا.
وأضاف إننا" قلقون أيضا من التطورات الخطيرة في اليمن و نأمل في استعادة هذا البلد العربي الصديق للسلام في أقرب الآجال، كما أننا ندين هجمات الحوثيين التي كانت قد تعرضت لها مرارا كل من المملكة العربية السعودية و دولة الإمارات العربية المتحدة، و في هذا الصدد نأمل بأن تفضي الهدنة القائمة في اليمن الى حل شامل للنزاع الدائر في اليمن يؤدي الى احلال سلام عادل و دائم هناك".
ودعا السفير صبح، الجزائر والمغرب إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية من اجل اطلاق عملية تفاوضية للاسهام في تقريب وجهات النظر وتسوية الملفات العالقة بين هذين البدلين الصديقين لأوكرانيا.
وأعرب "صبح" عن أمله في استقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية في كل من العراق ولبنان والسودان.
وقال إن أوكرانيا تشعر بالقلق الشديد إزاء التوتر الحاصل في العلاقات بين إثيوبيا من جهة ومصر والسودان من جهة اخرى وتدعو جميع الاطراف إلى تسوية تفاوضية للأزمة المتعلقة بسد النهضة،مؤكدا ايمان بلاده الراسخ بأن قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول المنطقة لا ينبغي أن تُحل على حساب أمن وسلامة شعوبها.
وأشار إلى أن أوكرانيا اصطرت مُجبرة على قطع علاقاتها الدبلوماسية مؤخرا مع الجمهورية العربية السورية ، التي كان يجمعنا بشعبها لسنوات عديدة تعاون قوي و علاقات متينة،لافتا إلى أن اعتراف سوريا مؤخرا بما يسمى ب "استقلال" الأراضي الأوكرانية المحتلة مؤقتًا في منطقتي دونيتسك ولوهانسك يعد عملاً غير ودي تجاه أوكرانيا.
وتابع السفير صبح :" جاء هذا القرار عقب اعتراف النظام السوري بالأراضي المحتلة مؤقتًا في جمهورية القرم المتمتعة بالحكم الذاتي و اقراره الرسمي بتبعيتها لروسيا في عام 2016، حيث لا يساورنا الشك بأن النظام السوري يحاول من خلال تلك الممارسات غير القانونية شرعنة الكيانات الزائفة و إدارات الاحتلال الروسي غير الشرعية في منطقتي دونيتسك ولوهانسك الأوكرانيتين و ذلك بإيعاز و إلحاح شديدين من الكرملين".
وأعرب السفير صبح عن امتنانه لجامعة الدول العربية - قيادة وممثلين دائمين للدول الأعضاء في الجامعة – على استعدادهم لإيجاد السبل والوسائل الكفيلة من أجل إنهاء العدوان الروسي على أوكرانيا ، مؤكدا تقديره عاليا المبادرة العربية التي تم بموجبها إنشاء مجموعة الاتصال لتسوية "الأزمة في أوكرانيا" ومثمنا المفاوضات التي أجراها أعضاء تلك المجموعة مع وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا مطلع شهر أبريل في وارسو.
وقال "صبح":"جميعكم يعلم جيدًا مجريات الأحداث الأخيرة في أوكرانيا ، والتي يتم تغطيتها من قبل أبرز وكالات الأنباء العالمية والإقليمية بصورة مستمرة"، مشيرا إلى أن بلاده تمر في هذه الأيام بأصعب الأوقات في تاريخها، لافتا إلى أنه منذ ما يقرب من ستة أشهر تقاوم أوكرانيا العدوان الروسي الوحشي وغير المبرر ضدها.
وتابع "صبح":"ولسوء الحظ ، فإننا نشهد اليوم ، و نحن نعيش في القرن الحادي والعشرين ، إحياء لبقايا و مخلفات الماضي تجسدت في الاستعمار الجديد الذي تمارسه روسيا في حق اوكرانيا و شعبها المسالم، ألا و هو الاستعمار الروسي الغاشم".
وأشار إلى أنه سبق للزعيم الروسي فلاديمير بوتين مرارًا وتكرارًا انكار حق أوكرانيا في الوجود كأمة مستقلة بحجة تصوره الوهمي و فهمه الخاطئ لما يسميه "بالأمة الموحدة و الشعب الواحد"،مضيفا "فعن أي صلة رحم أو قرابة يتحدثون و هم يقتلون إخوانهم الأبرياء و المدنيين العزل بالجملة".
واعتبر السفير صبح أن ما تقوم به روسيا ضد اوكرانيا ليس مجرد حرب إمبريالية جديدة، بل محاولة لطمس الهوية الأوكرانية ومحو سيرة الأوكرانيين من كتب التاريخ وحرمانهم من مكانتهم بين أسرة الدول الحرة.
وقال إن الغزو الروسي لأوكرانيا هو إبادة جماعية، وأن روسيا تتحمل دون غيرها كامل المسؤولية عن انتهاكها لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية و المعاقبة عليها.
وأضاف إن التاريخ يؤكد لنا بأن الاحتلال والحروب و خلق الصراعات هي صفات السياسية الروسية التسلطية، مشيرا إلى أنها كانت تسعى دائمًا إلى توسيع دائرة نفوذها في كل مكان من العالم ، بما في ذلك في العالم العربي، و الآن نحن نشهد كيف تحاول روسيا ممارسة التحريض و التدخل في النزاعات الاقليمية من اجل زيادة نفوذها كما هي الحال في بعض البلدان العربية التي لا تزال تشهد حالة من عدم الاستقرار الداخلي و التناحر.
وأكد أن القانون والحق إلى جانبنا ، وهو الأمر الذي تجلى بوضوح في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت عنوان "العدوان على أوكرانيا" الذي تم تبنيه في 2 مارس 2022 ، والذي يطالب الاتحاد الروسي بالتوقف الفوري عن الاستخدام غير القانوني للقوة ضد أوكرانيا وسحب جميع قواته من الاراضي الأوكرانية، واننا ممتنون لجميع الدول التي أيدت ذلك القرار و صوتت لأجله.
وأوضح أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3314 الصادر في 14 ديسمبر 1974،يعرف الحرب العدوانية على أنها "جريمة ضد السلام الدولي"، و الأكثر من ذلك فإن القانون الجنائي للاتحاد الروسي في المادة 353 يعرف التخطيط والتحضير وشن الحروب العدوانية على أنه عمل إجرامي يعاقب عليه القانون بالسجن لفترات زمنية طويلة، و لهذا السبب فقد اضطرت روسيا على أن تطلق على عدوانها ضد أوكرانيا مسمى "العملية العسكرية الخاصة" للتحايل على القانون الدولي و تضليل الرأي العام.
وتقدم السفير صبح مجددا بشكره و امتنانه للبلدان العربية التي أيدت قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤيدة لأوكرانيا لا سيما قرار "العدوان على أوكرانيا" و القرار الآخر المسمى "العواقب الإنسانية للعدوان على أوكرانيا".
وقال إننا نعول على دعم أوسع من قبل العالم العربي لجميع القضايا المدرجة على جدول أعمال الأمم المتحدة والتي تتعلق بإدانة العدوان الروسي المسلح على أوكرانيا وسبل إيقافه.
وأكد أهمية أن يتم الأخذ بعين الاعتبار الحقيقة بأن أوكرانيا لم تخطط لأية أعمال عسكرية سواء فيما يتعلق بالأراضي المحتلة مؤقتًا في الدونباس أو ضد الاتحاد الروسي على حد سواء. وأن جميع الاتهامات الموجهة لأوكرانيا التي يُزعم بأنها كانت تحضر لمثل تلك الهجمات هي باطلة و لا تمت للواقع بصلة.
وقال إن العدوان الروسي هو اعتداء غير مبرر تمامًا يهدف من بين الأمور الأخرى إلى حرمان أوكرانيا من الحق في ممارسة خيارها السيادي فيما يتعلق بالاندماج في الفضاء الأوروبي و الأطلسي.
وتابع السفير صبح :"الآن نحن نرى بأن هناك دولا جديدة مجاورة لروسيا قد اقتربت من عتبة العضوية في الناتو ، لكن موسكو تغض طرفها عن ذلك في حين أنها توبخ أوكرانيا و تنحي عليها باللائمة على خيارها بشأن عزمها على إستكمال مسارها الاندماجي نحو الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي و هما هدفان استراتيجيان مسطران في الدستور الأوكراني".
وأشار إلى أنه قبل ضم شبه جزيرة القرم واحتلال روسيا لأجزاء من منطقتي دونيتسك ولوهانسك ، ظلت أوكرانيا دولة محايدة ولم يكن لديها نية في الانضمام إلى أي تكتلات عسكرية أو سياسية.د، لكن في عام 2014 ، انتهك الاتحاد الروسي الالتزامات المأخوذة على عاتقه في عام 1994 عندما تعهدت روسيا بأن تكون أحد الضامنين لأمن أوكرانيا و سلامتها ، طبقا لما هو منصوص عليه في مذكرة بودابست، و لذا فإن روسيا تتحمل كامل المسؤولية عن تعقيد الأوضاع الأمنية في أوروبا الشرقية وحوض البحر الأسود والقوقاز و الشرق الأوسط وأفريقيا.
ولفت إلى أن روسيا تقوم بارسال مرتزقتها العسكريين ، الخاضعين لسيطرة الكرملين إلى دول مختلفة من إفريقيا لتوجههم نحو تدبير عمليات تمرد و عصيان و التخطيط لانقلابات عسكرية هناك مما يعرض للخطر السلم والأمن ليس فقط في تلك الدول بل و في أرجاء أخرى من القارة الافريقية ، كما أنهم يمارسون نهب خيرات تلك الدول و مواردها الطبيعية، في حين ، لا تتجرأ روسيا على تحمل المسؤولية رسميًا عن الأعمال الإجرامية التي ترتكبها شركاتها العسكرية الخاصة.
وأشار السفير صبح إلى كلمة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف امام اجتماع مجلس الجامعة العربيةعلى مستوى المندوبين الدائمين، الذي قال لكم بصريح العبارة بأن" موسكو ستبذل قصارى جهدها "لتحرير أوكرانيا مما أسماه بالنظام المعادي للشعب و المعادي للتاريخ".
وأضاف "صبح" إذا ما قمنا بتحليل ما قاله المسؤول الروسي الرفيع المستوى بصفته وزيرا للخارجية لاحدى الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فسنجد في خطابه دعوة مباشرة للإطاحة بحكومة أوكرانيا الشرعية و المنتخبة عبر انتخابات حرة و نزيهة ، وهو الأمر الذي يبرز جليا أن روسيا قد اختارت نهج ازدراء مبادئ القانون الدولي عبر الانتهاك الفاضح لقواعد حسن الجوار ، وكذلك مبادئ عدم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها.
وأشار إلى أنه في السنوات الأخيرة ، شهدت المنطقة العربية عددًا من الصراعات الى جانب العديد من القضايا الأمنية التي لم يتم حلها بعد، و لذلك فقد تبدو حرب روسيا ضد أوكرانيا قضية بعيدة عن المشهد العربي أو غريبة عليه، لكنها في الواقع ليست كذلك ، لأن الحرب الروسية على أوكرانيا قد تسببت في حدوث أزمات في مجال الطاقة والغذاء على مستوى العالم ككل، و أما عواقبها فهي ملموسة و واضحة المعالم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ولفت إلى أنه مع كل يوم من استمرار الحرب الروسية ، تظل الأسواق العالمية ، بما في فيها أسواق البلدان العربية في أمس الحاجة للإمدادات من أوكرانيا من مختلف أنواع المنتجات كالقمح والزيت والشعير وغيرها من السلع الأوكرانية المشهورة.
وأضاف أنه نتجت عن هذا الوضع المتأزم ضغوطات كبيرة على أسعار المواد الغذائية ، ليس فقط في البلدان العربية والأفريقية ، و إنما أيضًا في جميع أنحاء العالم لا سيما الدول الأشد فقرا.
وأكد أن الطبقة الوسطى ستعاني من نقص التموين أيضًا، و نخشى بأن تتبع نقص التوريدات الغذائية فوضى سياسية يمكن أن تؤدي إلى عواقب غير مرغوب فيها وصولا الى سقوط حكومات وانهيار العديد من الأنظمة السياسية،مضيفا "يمكنكم التنبؤ بتلك الكارثة بمجرد المتابعة للارتفاع الجنوني في أسعار المنتجات الأساسية في الأسواق العالمية و على مستوى بعض الدول الأكثر عرضة للأزمة الغذائية، وكل ذلك يأتي كنتيجة مباشرة لأفعال روسيا العدائية".
وتابع السفير صبح:"اليوم لدينا في أوكرانيا أكثر من 20 مليون طن من الحبوب يمكن تصديرها بشكل أساسي إلى الدول العربية والأفريقية، لكننا حتى وقت قريب لم نكن قادرين على القيام بذلك بسبب محاصرة موانئنا البحرية التي فَرض عليها الغزاة الروس غلقا تاما و حصارا محكما".
وأشار إلى أنه ولعدة أشهر ، دأب المعتدون الروس عن عمد على تدمير الصوامع و المخازن المملوءة بالحبوب و تحطيم البنية التحتية المتاخمة للأنهار والموانئ البحرية في جنوب أوكرانيا ، ثم باشر الروس بسرقة و نهب الحبوب الأوكرانية بالجملة في محاولة منهم لتسويقها عبر العالم.
واعتبر "صبح" أنه من خلال افتعال مشكلة المجاعة المصطنعة تحاول موسكو ابتزاز العالم و اخضاعه لاوامرها و تصرفاتها غير النزيهة واضعة كافة الدول أمام الأمر الواقع.
وقال "صبح"إن مهمتنا تكمن في إطلاع المجتمع الدولي على طبيعة مقاومتنا للإرهاب الروسي من خلال ممارسته لسياسة التجويع ، و رداً على الأخبار الزائفة التي تروج لها روسيا بأن النقص في المنتجات الغذائية قد نشأ بسبب العقوبات المفروضة عليها ، مؤكد أن السبب الحقيقي والوحيد في نشوب الأزمة الغذائية الراهنة هو الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية و ليس العقوبات، بحيث أن العقوبات الأوروبية والأمريكية لم تطل الحبوب أو المواد الغذائية ،مضيفا "إننا في اوكرانيا مستعدون لمواصلة توريد الحبوب إلى الأسواق العالمية بكل حزم و جدية" .
وقال إنه بفضل المفاوضات المضنية و الوساطة الفعالة لبعض شركائنا قد بدأ مؤخرا التنفيذ العملي لخطة استشناف تصدير الحبوب الأوكرانية وغيرها من المنتجات الزراعية من موانئنا الواقعة على البحر الأسود نحو شركائنا و زبائننا في الشرق الأوسط و افريقيا، لكن في الوقت الراهن لم يحن الوقت بعد لاستخلاص الاستنتاجات أوالتنبؤ بما ستؤول اليه الأمور مستقبلا، إلا أن الموانئ قد استأنفت نشاطاتها ، وبدأت حركة التصدير - الأمر الذي يمكن اعتباره كأول إشارة إيجابية على وجود فرصة تسمح بوقف تفاقم أزمة الغذاء .
وأضاف إن هدفنا الآن هو أن نحافظ على تلك النزعة الايجابية فيما يخص ضمان استمرارية تصدير الحبوب و الغذاء، لكن في الوقت الحالي ، كل شيء يعتمد على التقيد بالمعايير الأمنية لتلك المبادرة ، وهي مسؤولية شركائنا أيضا وعلى رأسهم الأمم المتحدة وتركيا.
وأكد أن أوكرانيا كانت وستظل موردًا موثوقًا به وشريكًا واعدا و صدوقا لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الرغم من أننا نتوقع هذا العام تسجيل خسائر كبيرة في حجم محاصيلنا بنسبة الثلث بسبب الحرب الروسية علينا.
وأشار إلى أنه بموازاة ذلك ، لا تزال روسيا مستمرة في تصدير الحبوب الأوكرانية المنهوبة من الأراضي الأوكرانية المحتلة مؤقتًا باتجاه بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، و نحن نشعر بالقلق الشديد إزاء المحاولات الروسية الأخيرة لإرسال حبوب أوكرانية مسروقة إلى عدد من الدول العربية ، ونقدر موقف تلك الدول التي رفضت دخول السفن التي تحمل حبوبًا أوكرانية مهربة إلى موانئها البحرية.
وناشد السفير صبح سلطات البلدان العربية من الخليج إلى المحيط ،حجز جميع شحنات الحبوب المشبوهة لأن إفلات روسيا من العقاب سيشجعها على مواصلة سرقة الحبوب من الجنوب الأوكراني المحتل، معتبرا أن التغاضي عن الإجراءات غير القانونية التي تقوم بها روسيا سيقوض الأمن الغذائي للدول العربية نفسها، كما أنه سيدفع بأوكرانيا باعتبارها شريكا موثوقا به بعيدًا عن بلدانكم و هذا أمر لا نريد له أن يحصل.
وأشار إلى أن الغالبية العظمى من الدول العربية ترفض مقاربة فرض عقوبات اقتصادية أحادية الجانب كآلية لحل الأزمات، لكن في الوقت نفسه ، فإن تطبيق العقوبات الاقتصادية الدولية بات أمرا ضروريا ومبررا للغاية في حال استمرار العدوان الروسي، مضيفا " إن روسيا التي تتمتع بصفة عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، تعارض اعتماد كافة القرارات الملزمة قانونًا ، على الرغم من الإدانة الدولية بالإجماع لغزوها غير القانوني لأوكرانيا، و لذا ارتأينا بأن العقوبات الاقتصادية الموجعة هي الأداة و الوسيلة الوحيدة القادرة على اعادة روسيا إلى رشدها".
ودعا السفير صبح ، جميع الدول العربية للانضمام إلى نظام العقوبات ضد روسيا الاتحادية و عدم التسهيل لها بأي شكل من الأشكال التفافها على القيود المفروضة عليها و التملص منها،مضيفا إن "هذا ينطبق بشكل خاص على البترول و مشتقاته، حيث أفادت وكالات الأنباء العالمية عن تسجيل محاولات روسية متكررة في تسويق نفطها عن طريق التحايل على العقوبات الغربية عبر الموانئ النفطية لا سيما الموجودة في بعض الدول العربية".
وقال "صبح":"إننا نقدر عاليا المساهمة الكبيرة لوسائل الإعلام العربية في احاطة المجتمعات العربية بالمعلومات الموضوعية حول العدوان الروسي المسلح على أوكرانيا"، مؤكدا أنه من المهم للغاية أن يتلقى الجمهور الناطق بالعربية معلومات موضوعية وقائمة على الحقائق حول الأحداث في أوكرانيا ، خاصة الآن ، عندما تلجأ روسيا بكل قوة إلى اطلاق حملات التضليل الاعلامي للرأي العام حول طبيعة و مسببات عدوانها على اوكرانيا في محاولة منها لإضفاء الشرعية على العدوان الروسي المسلح وإنشاء منصات اعلامية كثيرة لتبرير سياسة موسكو التوسعية.
وتساءل السفير صبح عما إذا كانت أوكرانيا مستعدة لخوض مفاوضات سلام مع روسيا؟ والمواعيد الزمنية الممكنة لانهاء تلك الحرب؟، وأجاب : "ما تريده روسيا هو استسلام أوكرانيا و احتلال أراضيها، و قد يكون ذلك الاحتلال احتلالًا تدريجيا و على مراحل ، لكن هدفهم المنشود هو الاستيلاء الكامل على أوكرانيا وتحويلها إلى مستعمرة أو شبه دولة تبقى مفاتيحها في أيدي الكرملين، إلا أن ذلك لن يحدث،وسوف يدافع الشعب الأوكراني عن نفسه وعن أرضه ، وهذا حقه الذي منحه له القانون و رب العالمين".
وأكد أن الشعب الأوكراني لن يقبل أبدًا لغة التهديد و الوعيد "فنحن لن نتخلى عن شبر من أراضينا المشروعة، و على روسيا أن توقف عدوانها علينا، و نحن ندرك ادراكا تاما بأن وقف إطلاق النار لن يكون سوى هدنة مؤقتة ، ستواصل بعدها روسيا حربها للاستيلاء على باقي الأراضي الأوكرانية".
وأشار إلى مبدأ "الأرض مقابل السلام" ، الذي هو أساس مبادرة السلام العربية. و بالتالي فإن أوكرانيا ، شأنها شأن البلدان العربية ، لن تتخلى عن سيادتها من أجل تحقيق ما يمكن أن يعتبره البعض سلامًا أو هدنة.
وشدد على أنه لن يتحقق السلام الدائم والشامل بين أوكرانيا والاتحاد الروسي إلا عندما تسحب موسكو بشكل كامل ونهائي جميع قواتها من الأراضي الأوكرانية، و كما صرح الرئيس الأوكراني منذ عدة أيام بأنه في حال إقدام روسيا على تنظيم ما يسمى بالاستفتاءات الزائفة داخل الأراضي الأوكرانية المحتلة منذ بداية العدوان فسوف تكون تلك الخطوة بمثابة نهاية لأي عملية تفواض محتملة بين اوكرانيا و روسيا في المستقبل.
ومن جانبه ، قال السفير علي الحلبي سفير لبنان لدى مصر ومندوبها الدائم بالجامعة العربية ،في كلمته باعتباره رئيسا للاجتماع ، إن هذا الاجتماع يعبر عن الاهتمام الدول العربية والجامعة العربية بتطورات الحرب فى اوكرانيا والجهود العربية المبذولة .
وأضاف إن الاجتماع الذي عقد حضوريا للمندوبين الدائمين بمقر الجامعة العربية ومع المبعوث الاوكرانى عبر تقنية الاتصال المرئي ؛ يعبر عن رغبة الدول العربية في القيام بدور الوسيط المحايد للوصول إلى حلول للحرب في أوكرانيا بالتعاون مع الشركاء الدوليين .
وأوضح الحلبي أن مجموعة الاتصال الوزارية العربية التي شكلها مجلس وزراء الخارجية العرب اجتمعت مرتين ولازالت مستمرة في اجراء المشاورات وبذل الجهود لحل الأزمة في اوكرانيا.
وأكد أن الدول العربية رحبت باتفاق تصدير الحبوب من أوكرانيا والذي ساهم في التخفيف من حدة الأزمة الغذائية العالمية ؛ معربا عن أمله في أن يكون هذا الاتفاق لبنة على طريق حل الأزمة الأوكرانية.
بوابة العرب
مبعوث أوكرانيا: نأمل أن تحظى القضية الأوكرانية باهتمام القادة العرب في القمة المقبلة بالجزائر
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق