قبل ساعات، تقدم 208 أطباء حديثي التخرج بطب القصر العيني بشكاوى إلى رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي على بوابة الشكاوى الحكومية، يتضررون فيها من عدم توافر درجات مالية كافية بمستشفيات قصر العيني الجامعية ؛ الأمر الذي اضطرت معه إدارة المستشفيات إلى الإعلان عن شغل وظائف أطباء مقيمين بأقل من الأعداد التي تحتاجها الأقسام الإكلينيكية المختلفة.
وقال الأطباء في شكواهم إلى مجلس الوزراء أن الأعداد التي أعلنت عنها مستشفيات القصر العيني تقل بقرابة مائة طبيب عما تم الإعلان عنه العام الماضي.
في نفس السياق، طالبت حملة مصيرنا واحد الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بدراسة احتياجات المستشفيات الجامعية المختلفة من الأطباء، وتوفير درجات مالية لسد هذه الاحتياجات
وأضافت حملة مصيرنا واحد أنه في ظل العجز الشديد في أعداد الأطباء الذي يعاني منه المجتمع المصري ورغم توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتحسين بيئة العمل في القطاع الطبي، إلا أنه ما زال يتم التعامل في الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ووزارة المالية على أساس الدرجات المالية فقط دون اعتبار للمهن الفنية المختلفة واحتياج المجتمع لها.
كان تقرير حديث لنقابة الأطباء، قج كشف إنه وفق إحصاءات الأشهر الأولى من عام 2022 حتى 20 مارس الماضي استقال 934 طبيباً، ليصل العدد الإجمالي لنحو 11 ألفاً و536 طبيباً استقالوا منذ أول 2019 وحتى 20 مارس 2022.
وحذر التقرير من تزايد معدلات استقالة الأطباء من العمل بالحكومة. وطالب بتدخلات عاجلة لحل تلك الأزمة والحد من هجرة الأطباء المصريين خارج البلاد.
وذكرت الدراسة، أن عدد الأطباء الذين تقدموا باستقالاتهم من العمل الحكومي وحصلوا على شهادة طبيب حر من نقابة الأطباء، في عام 2016 كان 1044 طبيباً، وفي عام 2017 كان العدد 2549 طبيباً، وعام 2018 بلغ عدد الأطباء المستقيلين 2612 طبيباً. أما السنوات التي تلت إعلان تلك الدراسة فكانت كالتالي :: عام 2019 شهد استقالة 3507 أطباء، وفي عام 2020 استقال 2968 طبيباً، أما عام 2021 فكان العدد الأكبر من المستقيلين من العمل الحكومي، وبلغ 4127 طبيباً".
وبحسب بيانات نقابة الأطباء، فإن عدد الأطباء المسجلين بالنقابة والمرخص لهم بمزاولة المهنة من دون الأطباء على المعاش بلغ حتى 20 مارس الماضي 228 ألفاً و862 طبيباً بعد 3 سنوات من دراسة الاحتياجات التي أصدرتها وزارة التعليم العالي، بزيادة قدرها 16 ألفاً و27 طبيباً، استقال منهم 11 ألفاً و536 طبيباً وطبيبة، ليكون عدد الأطباء العاملين في القطاع الحكومي 93 ألفاً و536 طبيباً تقريباً، وتكون نسبة الأطباء في القطاع الحكومي إلى عدد الأطباء المرخص لهم بمزاولة المهنة تحت سن المعاش 40.8% بزيادة 2.8% فقط عن أول عام 2019.
إلى ذلك، قال الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة، إن نقص الأطباء مشكلة عالمية، ضاربًا المثل بإنجلترا والتي تعاني من نقص أعداد الأطباء ويواجهوا هذه المشكلة باللجوء للأطباء المصريين بسبب تميز النظام التعليمي المصري في المجال الصحي، موضحًا: "بياخدوا الأطباء من مصر بإغراءات شديدة جدًا".
وأضاف، أن العزوف عن مهنة الطب منتشر في جميع انحاء العالم، نتيجة القسوة والمشوار الطويل الذي يخوضه الطالب ليصل لهدفه علاوة على التكلفة العالية لدراسة الطب في جميع انحاء العالم، مشددًا على أن دراسة الطب في مصر مجانية.
وشدد عبدالغفار على أن المنافسة في مجال جذب الأطباء صعبة بسبب دخل الأطباء لافتًا الى أنهم سيعرضون تصور قريبًا لجذب الأطباء من الناحية المادية والاجتماعية والأمان الوظيفي والتعليم والتدريب، ضاربًا المثل بالمجلس الصحي المدرسي.
ولفت إلى أن الطبيب الذي يلتحق بمنظومة التأمين الصحي الشامل يحصل على دخل متميز يمكنه من التفرغ نظرًا لوجود عائد كبير يحصل عليه، مشيرًا إلى أن الدولة تعمل على أكثر من محور منها محور التدريب والتطوير من خلال الزمالة والجامعات وإعادة النظر في دخول الأطباء لتتماشى مع الاحتياجات الفعلية.
وقال الدكتور خالد أمين، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن مشكلة هجرة الأطباء تبقى مسؤولية جماعية ومشتركة على الجميع، فإلى جانب الأسباب الشخصية التي تدفع بالأطباء للهجرة خارج البلاد والمتمثلة بالأساس في تدني الأجور، وضعف مستوى التدريب، وارتفاع تكاليف استكمال الدراسات العليا، فضلاً عن أن قانون المسؤولية الجنائية وليس الطبية هو ما يحاسب عليه الطبيب حال خطئه، هناك أسباب أخرى يتحملها شيوخ المهنة وأساتذة الجامعات والكليات في تعاملهم مع الأطباء حديثي التخرج، فضلاً عن مسؤولية الدولة ذاتها.
وأضاف، ستظل مشكلة هجرة الأطباء من مصر قائمة، لكن علينا معالجة بعض أسبابها للحد من تلك الظاهرة التي باتت تضرب القطاع الصحي في مصر، وأصبحنا نعاني عجزاً حقيقياً في مقدمي الخدمة الصحية المصرية، لا سيما التخصصات التي تحتاج إلى جهد أكبر وخطورة أعلى في ممارستها.