أصبح للسوشيال ميديا تأثير كبير على حياتنا؛ تأثير على الفرد والمجتمع، وأيضًا الدول. بالنسبة للمجتمع المصري كان ظهور السوشيال ميديا في البداية مرتبط بنشر التعاطف الإنساني وعرض قضايا تهم الناس؛ وكان وقتها كل شيء جميل من حيث تماشيها مع العادات والتقاليد التي تربينا عليها، نعم كان كل شيء جميل ومبهر وكانت السوشيال ميديا تسري فى شريان الحياة من أجل نصرة المظلوم وكسب التعاطف؛ وربما تورط فيها البعض بحسن نية بحيث كانت مقدمة لما يسمى " ثورات الربيع العربي".
من هنا، تبدل الوضع؛ وأصبحنا أمام تحول مجتمعي هام، وعلى مستوى سلوك الأفراد كان هناك توحش وتبدل في اتجاه السوشيال ميديا الأمر الذي يحرق معه الأخضر واليابس ؛ فقد أصبحنا في مواجهة حرب فكرية تضخ سمومًا لأفكار مثل الشهرة والربح السريع؛ وتعلمنا على يدها أن شهوة الشهرة كالمارد إن لم تحاصره سيقتلع كل ما أمامه من جذوره. تراجعت قيم مثل الحياء والأدب وسوء التوظيف والاستخدام؛ لست ضد حرية أحد؛ لكن أيضًا ليس الأمر مفتوح على مصراعيه؛ فنجد ظواهر غريبة أصبحت منتشرة بقةوة؛ ومنها وجود قنوات على مواقع التواصل لأشخاص متزوجين من أجنبية ليحصل معها على شهرة عبر قناه على اليوتيوب ويفتقر إلي المحتوى؛ أو يمكن أن نطلق عليه محتوى الاستعراض أو "محتوى اللاشيء"؛ وهناك حسابات لأشخاص يعرضون أدق تفاصيل حياتهم بشكل "مرضي"، ومع ذلك يحصلون على مشاهدات!!؛ وهناك اتجاه ثالث يعتمد على المجاراة وبث أفكار شبابية تحمل توجهات وألفاظ وترندات سرعان ما تنتشر حاملة معها مفردات وألفاظ أو معاني أو قيم لا تشبهنا، وسرعان ما تحملها يد أطفالنا ليقلدوها تقليدًا أعمى فى غياب الآباء سواء كانوا فى العمل او منشغلين هم أيضًا بالسوشيال ميديا.
نحن أمام معادلة مقلوبة؛ فمن الواضح أن الهدم أصبح أسرع من البناء؛ لأنها أصبحت حيله ورزق وشهرة ولا يهمنا أن كان محتواها لا يمت للأخلاق بصلة، أصبحنا نعيش واقع مؤلم فى حربها علينا. وذلك يطرح السؤال الأهم.. هل انتصرت السوشيال ميديا على حياتنا؟!
يجب علينا أن نلملم سريعًا ما تبقي لنا من عادات وتقاليد تربينا عليها ويجب أن نعيدها لأذهان أولادنا قبل فوات الأوان؛ لسنا ضد التجديد والحداثة والتقدم؛ لكن ليس التقدم إلى الخلف، فلتذهب الشهرة والمال إلى الجحيم. حتي ننهض بأولادنا؛ بشباب واعد يحمل للمستقبل فكر جديد